وائل نعمةلم تكن ازمات الكهرباء والماء والامن احادية التأثير بل انها تضرب كل جوانب الحياة بالشلل وتسبب تراجع الكثير من الاعمال والمهن ، وتربية الدواجن احدى تلك الجوانب التي تأثرت بسوء الاحوال الامنية والخدماتية ، والضرر الذي اصابها قد اصاب الاقتصاد والانتاج المحلي بشكل كامل ،
وجعل العراق يتصدر المراكز الاولى بأستيراد الدواجن والبيض واصبح السوق يمتلئ بأنواع واسماء من الدجاج والبيض حتى ذهب البعض ليؤسس مصانع ذبح وتعليب للدجاج خارج العراق ويبيعها في الداخل وكأن العراق اصبح ارض حرام للدواجن! ويعزو مربو الدجاج الأزمة التي يمرون بها إلى استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج، في ظل تراجع الدعم الحكومي، والسيطرة شبه المطلقة للدجاج وبيض المائدة المستوردين على السوق المحلية. ابو خالد احد مربي الدواجن يقول : ما أن تنقضي أزمة وتنفرج مصيبة حتى يبدأ غيرها بالظهور، وأكثرها تأثيرا هي تلك المتعلقة بمعيشة العراقيين، وبعد سلسلة من الأزمات الاقتصادية التي بدأت بشل قطاعاته الاقتصادية وتدميرها اثر الحرب الأخيرة تراجعت معدلات الإنتاج الحيواني، وتعاقبت سلسلة من الأزمات، مثل تفشي مرض إنفلونزا الطيور وشح الوقود والطاقة والمياه والدعم الحكومي، لتجهز هي الأخرى على نسبة كبيرة من الثروة الحيوانية. مكتب عقار المرتضى يذكر صاحبه ( ستار غازي ) بأن ستة مشاريع لتربية الدجاج، معروضة للبيع فقط في مكتبه،وهناك مشاريع أخرى معروضة في مكاتب أخرى. وقال بأن "أصحاب المداجن بدؤوا يبحثون عن مجالات أخرى للعمل بعد أن سدت الأفاق في وجوههم. الطبيب البيطري طلعت جواد يقول : ان صناعة الدواجن بالعراق مشروع كبير بدأ العمل به في بداية الثمانينيات من القرن الماضي وكان صراعاً كبيراً أثناء المناقشات قبل البدء بالصناعة بين فريق كان مستفيدا من عملية الأستيراد من الخارج وخاصة البرازيل وفريق وطني مخلص لبلده ويعي جيدا أهمية صناعة الدواجن بالبلد وكانت محاججة الفريق الأول ركيكة بأن الدجاجة تكلف الدولة دولاراً أمريكياً واحداً وعليه ليس من الضروري تربيتها في العراق وتربيتها تلوث البيئة، وكان تبرير ضيق الافق بسبب التفكير الشخصي بالسفر و(الكومشين) من الشركات الأجنبية مع كل الأسف، لكن في النهاية كان الفريق الوطني العراقي منتصرا بتبريراته المنطقية و العلمية وأبراز فوائد الصناعة و كافة الفوائد الأخرى التي تتعلق بفرص العمل للعراقيين من أطباء بيطريين ومهندسين زراعيين وباقي الحرف الداخلة في صناعتها من الفلاح المربي الى بقية الحرف الاخرى التي تسهم في هذه المشاريع الوطنية . المهندس الزراعي عامر غالي، وصف حالة قطاع صناعة الدواجن، بـ "الانهيار التام"، ورأى أن السبب الرئيس هو "الرفع المفاجئ للدعم الحكومي فبعد عام 2003، توقف برنامج وزارة الزراعة، والذي كان يقضي بمنح مربي الدجاج، الأعلاف والصيصان بالآجل، وتسديد أقيامها بعد تسويق المربي لإنتاجه وكان المربي يحصل على الأدوية واللقاحات، بالإضافة إلى المحروقات الخاصة بالتدفئة وتشغيل مولدات الكهرباء بأسعار مدعومة. وأن رفع الدعم الحكومي دون سابق إنذار، أدى بالنتيجة إلى إصابة هذا القطاع الحيوي بالشلل، بعد إفلاس الكثير من أصحاب المشاريع. المهندس الزراعي خلدون الشمري يقول: يمكن حل هذه المشكلة من خلال تطوير المواصفات الفنية لقاعات تربية الدواجن و تطوير الاعلاف وفحصها لتكون مناسبة لاحتياجات الطائر وتفادي مشاكل التسمم الفطري واعتماد برامج اللقاحات العلمية لا التقليدية والمبنية على خصوصية العرق المربى والامراض المستوطنة في البلد ، كما يجب الاهتمام بادخال المكننة والالات الحديثة كالمناحل والمعالف واجهزة التبريد والتدفئة، واستعمال برامج صحية واشراف المتخصصين والاستعانة بالخبرات الرصينة والابتعاد عن الاجتهادات العشوائية غير المبنية على اسس علمية. وكل هذا يتطلب الدعم الحكومي الشامل . ومقارنة مع ماهو موجود في العراق حاليا لايمكننا من الناحية الفنية ان نسميه بصناعة الدواجن وانما بعشوائية التربية لاتتعدى كونها مغامرة لانتاج الدواجن ترتفع فيها نسبة الخسارة اكثر من 70% والمعاناة من خسائر فادحة على المستوى الشخصي وعلى مستوى ثروة البلد فعدم وجود قوانين تنظم عملية صناعة الدواجن وفقدان الوعي لدى المربين بالاضافة الى عدم وجود تنظيم لهذه الصناعة جعل منها عبئا على الاقتصاد الوطني بسبب الخسائر الفادحة التي تلحق بها . كما ان عدم وجود نظام التامين او تعويض الخسائر يجعل من المؤسسة الصحية البيطرية عاجزة عن احتواء الامراض الوبائية الخطيرة المستوطنة والطارئة، و افتقار العراق الى الحلقات التكميلية لهذه الصناعة مثل المجازر ومعاملة مخلفات الجزر ومصانع الاعلاف وانتاجها يجعل من مسألة تداول الدواجن حية في الاسواق اونقلها من محافظة الى محافظة لغرض الجزر هي من الاخطاء القاتلة من ناحية السيطرة على الامراض الوبائية. وبعد كل هذا يمكننا ان نتوقع بقليل من الجهد الى اين نتجه في صناعة الدواجن في العراق وكيف ان هذا الملف يحتاج الى هيكلة واعادة بناء الان وليس غدا وذلك كون الفرصة تاريخية بسبب انخفاض مستوى التربية في عموم البلد للاسباب الاقتصادية والامنية وغيرها
اصحاب المداجن العراقية: حقولنا تموت وعوائلنا تجوع
نشر في: 30 يناير, 2010: 05:20 م