TOP

جريدة المدى > عام > رحيل الأبخازي الحالم.. فاضل إسكندر

رحيل الأبخازي الحالم.. فاضل إسكندر

نشر في: 7 أغسطس, 2016: 12:01 ص

توفي بموسكو في 31 تموز عن عمر ناهز 87 عاماً أحد الكتاب البارزين في العهد السوفيتي وهو فاضل اسكندر ابن الشعب الابخازي الذي كان يعيش دوما في كنف ثقافة شعبه وأساطيره بالرغم من وجوده بعيدا عنه. وقد ذاع صيته منذ ان نشر روايته الأولى "ساندرو من تشيغيم"&nbs

توفي بموسكو في 31 تموز عن عمر ناهز 87 عاماً أحد الكتاب البارزين في العهد السوفيتي وهو فاضل اسكندر ابن الشعب الابخازي الذي كان يعيش دوما في كنف ثقافة شعبه وأساطيره بالرغم من وجوده بعيدا عنه. وقد ذاع صيته منذ ان نشر روايته الأولى "ساندرو من تشيغيم"  ذات السمة الأسطورية التي جذبت اهتمام القراء وترجمت الى عشرات اللغات .وبسبب هذه الرواية يوصف بأنه "ماركيز الأبخازي".
وأخر رواية له هي "الثعبان والارانب" التي انتقد فيها فترة البيريسترويكا في ايام غورباتشوف واعقبها انهيار الاتحاد السوفيتي. وقد ترجمها الى العربية خيري الضامن ولكنها لم تنشر إلا في وقت لاحق في موسكو بمبادرة من كاتب هذه السطور.
وفاضل اسكندر مارس نظم الشعر وكتابة الرواية والكتب التي ضمنها افكاره الفلسفية المستقاة من تراث شعب الأبخاز ( الأباظيين) التاريخي ، وصور فيها عالمه الفلسفي الخاص.إنه كاتب- فيلسوف مثل تولستوي ودوستويفسكي وبولغاكوف ويضع رؤيته  للحياة في قالب فني ابداعي . علما انه كتب جميع اعماله باللغة الروسية، كما فعل ذلك زميله في الابداع الكاتب القيرغيزي جنكيز ايتماتوف . وتأثير الادباء الروس فيه يبدو واضحاً في اسلوبه الساخر ووضوح افكاره والنزعة الانسانية القوية التي ترفض جميع اشكال العنف الجسدي والمعنوي. فكتب يقول  حول وضع الانسان في هذه الأيام قائلا :"ان الانسان المعاصر يشعر بعدم ثبات كل ما حوله . ولديه إحساس بأن كل شيء سينهار ، لكنه يصمد بالرغم من كل شيء ".
وقد أبدع في أعماله في وصف التقلبات الحادة التي شهدها المجتمع السوفيتي في الفترة الستالينية وما بعدها وتأثيرها في أخلاقيات البشر ونظرتهم الى الحياة.  
ولد فاضل اسكندر في 6 آذار 1929 في مدينة سوخومي الأبخازية ، وكان والده ايرانياً وأمه ابخازية.وفي فترة القمع الستالينية ابعد والده في عام 1938 عن البلاد.   ومنذ ذلك الوقت لم يعرف الكاتب مصير أبيه. وتولى تربيته اقارب أمه في قرية تشيغيم التي تشبع فيها بروح الاساطير والحكايات الابخازية. وبعد التخرج من المدرسة الثانوية في سوخومي التحق في موسكو بمعهد المكتبات  ثم انتقل بعد بروز مواهبه الادبية الى معهد غوركي للأدب. وتخرج منه في عام 1954. ثم عمل في الصحافة  في كورسك وبريانسك . وفي عام 1950 تولى ادراة الشعبة الابخازية في دار النشر "غوس ايزدات"، وواصل العمل فيها حتى عام 1990.أصدر مجموعته الشعرية الاولى بعنوان "الدروب الجبلية " في سوخومي في عام 1957 ، ومن ثم تحول الى كتابة النثر في عام 1962 . فأصدر روايته "مجرة  الجدي" التي نشرت في مجلة " نوفي مير " في عام 1966. لكن ابرز أعماله الروائية ذات السمة الملحمية والخيالية هي "ساندرو من تشيغيم" و"طفولة تشيك"  و"الثعابين والارانب" . كما اكتسبت الشهرة رواياته "الانسان وما حواليه"     و" الفالس المدرسي" و" الشاعر " و" صوفيتشكا"  ومجموعاته القصصية "مأثرة هرقل الثالثة عشرة"  و " البداية " و" الديك " و" قصة البحر" و" الجد " وغيرها.ويتميز نثر فاضل اسكندر بغزارة  الخيال. وهو يفضل التحدث باسم المتكلم  وكأنه يشارك في الاحداث. ولا تخلو جميع اعماله من المزح والتلميحات الساخرة. فاضل اسكندر يحب كتابة اقواله الفلسفية الكثيرة التي تعتبر بمثابة حكم وأمثال  ومنها: "ان الانسان لا يستطيع إحراق كل ما يعبده ، ولايمكن ان يتخلى عن ذاته ويصبح انسانا آخر. فهو لا يستطيع ان يصبح إنسانا آخر. أنه  يفتقر الى القوة من اجل بناء الصرح الجديد لحياته . واذا ما تخلى عما يوجد لديه فمعناه فقدان كل شيء". وقال أيضا "ان روسيا بأسرها هي- هاملت يغني". اما "الروح الوطنية فهي المسرح الذي يدخله الجمهور بلا تذاكر. وتتوفر الفرصة لدى كل مشاهد لكي يصبح ممثلا. ولهذا بالذات يذهب بعض الناس الى هناك ، اما البعض الآخر فيستحي ويمضي بعيدا عنه ".
وقال " لقد تحول الصراع الطبقي اليوم الى صراع صناديق دفع النقود. وانتقلنا من لائحة حقوق الانسان الى ديكورات حقوق الانسان ". وان "السياسة والضمير لا يتفقان". و"المجتمع المثالي مستحيل لأن الانسان بحد ذاته غير مثالي".
و"نحن ضللنا الطريق بعد ماركس باعتبار ان الاقتصاد هو الأساس، اما البقية الباقية فهي البنية الفوقية.  ان خبرة البشرية خلال الآف السنين وجميع الأديان العالمية تؤكد العكس تماما : فالضمير بالذات هو الأساس ، اما الاقتصاد فهو احد العناصر الهامة للبنية الفوقية" .
وقال حول الادب المعاصر "ان النساء يتولين المركز القيادي في النثر المعاصر، فهن يكتبن الروايات البوليسية. وهذا أمر غير جاد . انهن يتعاملن مع القراء كما يتعاملن مع ازواجهن: فالمهم ليس ان يفهم القارئ ، بل ان يخلق المزاج له".
وقال عن النساء " إن اثمن شيء يستحق التقدير لدى النساء هو الحياء . فهذا شيء جميل. وأساس الأنوثة هو ليس المظهر الخارجي ، بل مشاعر الخجل الانثوية والتعاطف مع الآخرين ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram