"من حقول تجاربي في الحياة" .. كتاب للأديبة اسبرانس كوهين من منشورات رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق تناولتُ قبل ايام كتاب السيدة اسبرانس لكسر حاجز العزلة التي كنت فيها مجبرة لا مخيّرة لأداء امتحانات تتعلق بالهندسة ، ذلك الشريك المنغص
"من حقول تجاربي في الحياة" .. كتاب للأديبة اسبرانس كوهين من منشورات رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق
تناولتُ قبل ايام كتاب السيدة اسبرانس لكسر حاجز العزلة التي كنت فيها مجبرة لا مخيّرة لأداء امتحانات تتعلق بالهندسة ، ذلك الشريك المنغص للأدب . وقد وجدتُ الكاتبة بأنها (صندوق حكايات الدنيا ) , كتابها عبارة عن قصص قصيرة من وحي تجارب حياتها وعملها , تسرد حالات انسانية وتتغلغل الى كيمائية النفس البشرية وتقود القارئ بعقلية باحثة اجتماعية متخصصة الى مكامن الحلول دون ان تقحم النصح او تلوّح به كمطرقة , لها لغة سرد و اسلوب ينم عن عشقها وولعها باللغة العربية وعن ثقافة عريضة واسعة تشي بذلك كله عذوبة مفرداتها وتهذيب اختياراتها ولو صبرت على هذه اللغة اكثر بدل ان تنهي قصصها احياناً بشكل مباغت وعلى عجل وكأنها فوجئت بزيارة ضيف لحظة كتابتها للنص او كأنها تتخفف منه لتبدأ قصة جديدة.
الكاتبة امرأة خبرت الحياة تدُهش ولا تندهش , ما ترويه في قصصها ومعرفتها بنوائب الدهر ومصائبه دليل سعة تجاربها وعمق تجربتها لتصنع منها امرأة حكيمة , اظنني لن افاجئها اذا ما جئتها قائلة بأنني قتلت جاري بسكين مطبخ , لها صبر و عمق دراية لنوائب الدهر لذا فأنك بين أيدٍ أمينة منصفة ان شكوت لها حالك.
اسبرانس كوهين هي اول أديبة عراقية يهودية نزحت من العراق , شقيقة البروفسور الاديب الباحث شموئيل ( سامي ) موريه , أحبت الأدب العربي في بيت والديها اللذين كانا خريجي مدرسة الاليانس الفرنسية ويحسنان من اللغات العربية والانكليزية والعبرية والفارسية , وقد خُطبت في سن مبكرة واشترطت على خطيبها ان يسمح لها بإنهاء دراستها الثانوية ونيل شهادة البكلوريا العراقية قبل الزواج , وكان لها ما أرادت . وبعد هجرتها مع زوجها الى اسرائيل شجعت زوجها على مواصلة دراسته في التحليل الطبي و شجعها هو بدوره على دراسة علم الاجتماع لتعمل بعدها في دار الإذاعة الإسرائيلية مع السيدة نزهت قصاب وفيوليت بطاط في تحرير زاويتهما عن المرأة العربية , واصلت بعدها دراستها الجامعية لتعمل موظفة اجتماعية في بلدية تل ابيب ونالت جائزة ( الموظفة الممتازة ) اعترافاً بإخلاصها وتفانيها في عملها في حل مشاكل المرأة والعائلة.
يبقى ما قدمته الكاتبة السيدة اسبرانس كوهين في كتابها ( من حقول تجاربي في الحياة ) من مشهد واسع لمشاكل الأسر والعوائل كأنه مسلسل يومي لمدينة تنام وتصحو على التنوع تواجه الحياة بقضّها وقضيضها , هي تجربة فريدة للاطلاع وأخذ العبر والحكم , كما افردت الكاتبة فصلاً كاملاً لاستعراض سريع لحياة كاتبات أديبات وشاعرات كان لهن دور في إحياء الدور الثقافي النسوي في الوطن العربي. في النهاية ، أود تقديم شكري وامتناني للسيدة الكاتبة اسبرانس كوهين و للبروفسور شموئيل موريه لمنحي هذه الكتاب الذي اتخذ له مساحة مميزة لقيمته الثقافية.