مع أن القائمين على المؤتمر الصحفي الذي أقامته مؤسسة (مدارك لدراسة آليات الرقي الفكري) -المرصد النيابي العراقي- وهي منظمة حيادية ومعتمدة لدى مجلس النواب، التمسوا العذر للنواب البصريين الذين دعوا للمؤتمر الذي أُقيم في البصرة مؤخراً ولم يحضروا، إلا أن الحاضرين عدّوا ذلك مثلبة بحقهم، بعد أن كشف تقرير المؤسسة عن تفاصيل حضورهم وغيابهم لجلسات البرلمان. حيث تبين أن نواب البصرة احتلوا المركز الثالث في الغياب خلال الدورة السابقة، بعد نواب مدينتي الرمادي وصلاح الدين، اللتين كانتا محتلتين من داعش، وبذلك تأكد لجمهور المؤتمر الدور الضعيف الذي أداه النواب هؤلاء، فضلاً عن ضعف مشاركتهم أو عدمها في الكثير من اللجان المنبثقة عن البرلمان، الأمر الذي انعكس سلباً على حياة سكان المدينة بشكل واضح.
ومع أن المؤسسة لا تُعنى بتقييم أداء البرلمان في تقاريرها، إلا أنها كشفت لنا عن حقائق مخيفة ومثيرة للسخرية في أهمية ودور أعضائه من البصريين، إذ علينا أن نتصور أهمية نائب لم يحصل إلا على 1202 من الأصوات والرقم هذا يعلمنا بأن نائبين فقط د. خلف عبدالصمد وفالح حسن جاسم هما من تجاوز عدد أصوات ناخبيهم ألـ120 ألف صوت، فيما تراوحت أصوات البقية كلهم بين الـ 11000و2000 لا أكثر، وفي قاعة فندق شمس البصرة حيث أُقيم المؤتمر سمعنا ولأول مرة عن وجود اثنين من النواب البصريين في لجنة الثقافة والإعلام، وهنا ينطبق علينا المثل الشهير "أن تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه" لأننا نتحدى جمهور البصرة بملايينها الثلاثة أنهم سمعوا قبل اللحظة هذه بهذين الاسمين،لا بل أن أحدهما بمنصب نائب رئيس اللجنة.
ومع أن البصرة المدينة النفطية الأكثر شُهرة في العالم إلا أن لجنة النفط والغاز لم تضم واحداً من النواب البصريين إلى عضويتها، ومع أنها المدينة الأكثر معاناة في المياه والتراجع الزراعي إلا أن لجنة الزراعة والمياه خلت منهم. وفكرة وجود النواب في اللجان تقودنا الى أهمية الوجود هذا، إذ أنَّ وجود ثلاثة من النواب البصريين في لجنة المرأة والأسرة، يبين لنا احوال وصورة المرأة والأسرة في المدينة، الصورة التي أقل ما يقال عنها أن المرأة في البصرة ما زالت والى اليوم، تعامل معاملة العبيد عند بعض العشائر، فهي تُدفع فصلية، لتفادي حماقات الرجال وتهوّر القتلة والمجرمين من بعض أبناء العشائر، وكذلك الحال في لجنة الاقتصاد والاستثمار الممثلة باثنين من البصرة، تُرى ماذا يُؤشر لنا ذلك؟
تحيلنا فقرة في المؤتمر الى أهمية القوانين ودرجة مساسها بحياة الناس ومستقبل البلاد أو التي وافق عليها الاعضاء والتي لم يوافق عليها. ونطلع على غياب الكتلة هذه يوم التصويت على القانون الذي لا ترغب فيه وحضورها على القانون التي ترغب باقراره وهكذا.. وبشكل عام نجد أن العشرات من المفاصل الاقتصادية والأمنية والسياسية ظلت من دون تشريع، او لم تدرج ضمن فقرات جدول اعمال البرلمان.
وكان المحاضرُ قد كشف عن قضية تكاد تكون جوهرية، بيّن فيها بأن النائب في البرلمان العراقي لم يعِ وإلى اليوم الدور الذي يجب عليه القيام به، حتى أن رئيس البرلمان د. سليم الجبوري طلب من المؤسسة العمل على فتح دورة لتعليم البرلماني واجباته المنوطة بموجب الدستور. القضية التي طالب بها عضو مجلس المحافظة عقيل الخالدي، الذي حضر وقائع المؤتمر مع عضو المجلس أحمد عبدالحسين، بان يكون لمجلس البصرة مرصدٌ يعمل على وفق الآلية هذه حيث سيتمكن المواطن في البصرة من الاطلاع والمتابعة على ما يدور في جلسات ومقررات المجلس، والوقوف على أهمية ونوعية المقررات هذه.
برلمانيو البصرة في معادلة الحضور والغياب
[post-views]
نشر في: 6 أغسطس, 2016: 09:01 م