دهوك/ السومرية نيوز يقف الشاب طاهر سعيد في محل لبيع الألبسة في مدينة دهوك،، وهو يتفحص بدقة ماركة سروال (الجينز) الذي مسكه بيده ثم يعود ليتحسس القماش، وقد بدت عليه علامات عدم الاقتناع، ويقول "أحاول دائماً شراء ملابس من ماركات أصلية، بالرغم من أسعارها المرتفعة، فهي تقاوم لفترة أطول،
إلا أن ثقتي اهتزت، وإلى الأبد بجودة هذه الماركات!". ويوضح الشاب طاهر سعيد، 38 سنة، "قبل أسبوع كنت أتجول في أسواق دهوك، وحين وجدت بدلة من ماركة معروفة، اشتريتها فورا لأهديها لأحد أصدقائي، وبعد أيام أفاجأ بصديقي وهو يبلغني بأن بدلته الجديدة تغيرت ألوانها ولم يعد من الممكن ارتداؤها". ويكشف سعيد أنه ليس الوحيد الذي واجه هذه الحالة إذ أن حالات مماثلة واجهها عدد من معارفه عند شرائهم بضائع مختلفة تحمل ماركات تشبه الأصلية لكنها مزورة"، وتابع "وأطالب بوضع حد لهذه الظاهرة، فهي تؤدي لخسارة الكثيرين لأموالهم ولفقدان ثقة المواطن بالبضائع الموجودة في الأسواق". الموديل والسعر للمناسبات! فيما يقول كاميران عزيز،40سنة، "بالنسبة لي فأنا عند شراء أي بضاعة لا أهتم بالبحث عن ماركتها أو علامتها المسجلة، أبحث فقط عن سعر البضاعة وموديلها"، ويواصل "وأفضل دائما اقتناء البضائع قدر إمكاناتي وحاجاتي، بشرط أن تتوافق مع الموضة"، حسب قوله. ويؤكد كاميران، أنه غير مستعد لشراء بضاعة من الماركات الأصلية، "فأنا لا أثق بها"، فضلا عن أن "الموضات تتغير بسرعة فأنا أشتري ما أريد بأسعار زهيدة، وهذه العملية تمكنني من اقتناء احتياجاتي بشكل أفضل كما أنها لا تكلفني مبالغ كبيرة". وتستقبل أسواق إقليم كردستان العراق يوميا، ومن بينها أسواق مدينة دهوك،، كميات كبيرة من البضائع من مختلف المناشئ والنوعيات، في وقت يرى اقتصاديون أن هناك من يستغل واقع التجارة الحرة الموجودة في الإقليم والعراق عموماً في ظل غياب قوانين تنظم الحركة التجارية، وتحمي المستهلك. ويذكر أحد تجار الجملة أحمد رمضان، أن "تجار المنطقة يبحثون عن البضائع ذات الأسعار المناسبة لإمكانات المواطنين المالية، لكي يضمنوا توزيعها في الأسواق المحلية"، ويلفت إلى أن "أغلب المستهلكين يرغبون في اقتناء بضاعة رخيصة، ولهذا فأنا لا أعتقد أن التجار سيتوقفون عن استيراد البضائع الرخيصة"، حسب تعبيره. ويكشف رمضان "، أن "عدة تجار حاولوا فتح محال خاصة لبيع البضائع من الماركات الأصلية، لكن أغلبها فشلت بسبب قلة إقبال المستهلكين عليها فأسعارها مرتفعة مقارنة بالبضائع الأخرى ذات الماركة التقليدية". من جهته، يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة دهوك ريبر فتاح، إن "أهمية الماركة والعلامة التجارية تكمن في أنها بمثابة شهادة معتمدة لجودة البضاعة، وعلامة على وجود ثقة بين الشركة المنتجة والمستهلك"، ويضيف "إلا أن ظاهرة تزوير الماركات وانتشارها في أسواقنا، جعلت المستهلك يفقد ثقته بالبضاعة التي يريد شراءها". ويرى فتاح، أن "معالجة هذه الظاهرة التي تلحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد، تكمن في وضع قوانين لحماية المستهلك ولتنظيم المنافسة التجارية، إضافة إلى تفعيل نشاط دائرة التقييس والسيطرة النوعية ومؤسسات الرقابة التجارية والصحية". ويلفت أستاذ الاقتصاد إلى أن سبب انتشار هذه الظاهرة يعود إلى إن "مستوى دخل الفرد لدينا لا يسمح بالالتفات إلى نوعية وجودة البضاعة، ولذلك فأغلب المستهلكين يشترون عادة وفق إمكاناتهم المالية". ومن الجانب القانوني، يقول المستشار القانوني لوزارة التجارة والصناعة في دهوك بدرخان عبد الكريم توفيق، إن "دوائر الرقابة التجارية في المنطقة شددت إجراءاتها للحد من الغش التجاري، كما أنها تشرف على جميع المواد الأولية أهي تدخل الإقليم عن طريق المعابر الرسمية فضلاً عن الإشراف على إنتاج المعامل المحلية للتأكد من نوعيتها وصلاحيتها". ويضيف توفيق، إن "الاقتصاد العراقي شهد تغييرا جذرياً بعد عام 2003 ومن الصعوبة تطبيق قوانين النظام السابق التي لا تتلاءم مع الواقع الاقتصادي الجديد الذي يتسم بالاقتصاد الحر والدور الكبير الذي يلعبه القطاع الخاص فيه"، ويشير إلى أن "برلمان إقليم كردستان يعمل حالياً على وضع قوانين جديدة لتنظيم الحركة التجارية وحماية المستهلك". يذكر أن دائرة التقييس والسيطرة النوعية في إقليم كردستان العراق باشرت عملها العام الماضي، وتم إتلاف آلاف الأطنان من المنتجات والبضائع غير الصالحة للاستهلاك البشري بناء على تقاريرها، فضلا عن إرجاع آلاف الأطنان من المواد المستوردة التي تدخل الإقليم عبر المنافذ الحدودية إلى منشئها لعدم استيفائها شروط السيطرة النوعية. وقد استحدث برلمان إقليم كردستان العراق في دورته الجديدة لجنة حماية حقوق المستهلك، وبحسب مصادر مطلعة فإن اللجان المختصة في برلمان الإقليم تعمل حاليا على وضع قوانين جديدة لتنظيم التجارة وحماية المستهلك منها قانون حماية المستهلك، وقانون المنافسة ومنع الاحتكار، وقانون هيئة التقييس والسيطرة النوعية.
الماركـات المزيفة تمـلأ الأسـواق.. والأدنى سعـراً "أفضـلهـا"
نشر في: 30 يناير, 2010: 05:33 م