واحد من كتاب جريدة المدى لم يحسن حساب التاريخ فضاعت عليه فرصة كتابة عموده اليومي لمناسبة ذكرى تأسيس الجريدة ، توجه بعد يومين الى مقر الصحيفة ليقدم التهنئة، في لحظة دخوله الى قاعة التحرير ،وجد الأجواء غير مناسبة ليتقمص دور المهوال في العراضة العشائرية أمام الخال علي حسين ، قبل الدخول الى المبنى اجرى عشرين بروفة في مخيلته اثناء ركوبه الكيا من البياع الى الباب الشرقي ، صعد السلم باتجاه القاعة ، شعر بنوع من الحماسة فتسارعت خطاه ، طالع الوجوه بنظرة خبير، فوجدها غير مستعدة للاستجابة الى دعوته في تشكيل العراضة ، وإطلاق الأهازيج ، نظراته عبرت عن تساؤلات كثيرة لا أحد أعار له انتباهاً باستثناء الرد على سلامه .
تصفّح الجريدة في "مكتب الخال" ، خصصت الصفحات للاحتفال في عيد التأسيس ، حفظ ماء وجهه بالصمت ، تخلى عن إطلاق الأهزوجة لوصوله الى قناعة راسخة بأن احترام النفس خير من إثارة سخرية الآخرين ، العاملون في الجريدة احتفلوا قبل يومين ، أما صاحبنا فمازال في مدينة المحاويل والجماعة وصلوا الى الحلة ، او مثل قطار "الجطلة" رحلتها تبدأ يوم السبت وتنتهي الخميس ، وصولها الى المحطة يجعل العاملين في السكك يستبشرون خيرا ، وصول "الجطلة " يعني ان الرحلة تمت بسلام من البصرة الى بغداد لاتحتاج الى ارسال فريق صيانة لتصليح عطب طارئ الحمد لله والشكر من وصلت "الجطلة"، وكاتب العمود اجل اطلاق أهزوجته الى العام المقبل.
في الأعياد الدينية الاختلاف وارد في تحديد مواعيدها باستثناءات قليلة جدا، اتفق العراقيون على بداية عيد الفطر او الاضحى ، المسألة تتعلق بالرؤية الشرعية للهلال ، يبدو ان صاحبنا الصحفي كاتب العمود لم يحسن حساب هلال عيد جريدة المدى ، سلم أمره لقطار "الجطلة" فوصل الى مبنى الجريدة بعد يومين .
في قرية جنوبية نائية ، كان المعلم يمتلك جهاز مذياع من نوع "سيرا" يعمل بالبطارية الجافة الكبيرة ، في أمسية اجتمع عنده رجال القرية لمعرفة موعد حلول عيد الاضحى ، شعر المعلم بحرج كبير لأن البطارية غير صالحة للعمل ، امكانية الاستماع الى النشرة تدخل في اطار المستحيلات ، أخبرهم بأنه بكل وسيلة سيحصل على موعد حلول العيد بطريقة اخرى ، شرح الخطة بالشكل التالي: توفير فرس تنقله الى اقرب طريق تسلكه سيارة واحدة يومياً تتوجه الى الولاية ، ثم العودة سريعا بالخبر اليقين.
في اليوم الثاني بعد انتهاء دوام المدرسة ، وكانت ذات صف واحد ، خطة الوصول الى الولاية نفذت بكل حذافيرها ، مبعوث القرية اثناء المرور بالشارع الوحيد في الولاية شاهد مظاهر العيد من خلال تبادل التهاني ، توجه الى الحمّام ، ثم امضى أمسيته في نادي الموظفين ، في الصباح توجه الى مدينته لقضاء بقية عطلة العيد ، اما سكان القرية فقد وصلهم خبرالعيد في يومه الرابع ، فانطبق عليهم المثل الشائع "راح العيد وهلاله ، وكلمن رد على جلاله " كل عام "المدى" واهلها بخير، التهنئة متأخرة ، لكنها صادقة.
هلال عيد "المدى"
[post-views]
نشر في: 7 أغسطس, 2016: 09:01 م