العريف "بدر معلة" اعتاد قبل اندلاع الحرب العراقية الايرانية توجيه محاضرة يومية لجنود فصيله ، تحثهم على الالتزام بالضبط العسكري الصارم ، وتنفيذ الأوامر من عريف الفصيل الى القائد العام للقوات المسلحة ، لتفادي التعرض لعقوبة السجن و"زيان الصفر" ، قبل الدخول الى ساحة العرضات . يقود العريف بدر الفصيل الى مكان يقع قرب مطبخ الوحدة، ليكون بعيدا عن انظار الضباط ، يبدأ حديثه باستخدام مفردات غير صالحة للنشر ، بحسب تعبير جنود الفصيل "ماينلبس عليها عكال" ، ثم يكرر ما قاله في اليوم السابق ، ملوحاً بإدراج اسماء جنود الفصيل في سجل المذنبين ، بنظرات يوجهها الى جهتي اليمين واليسار للتأكد من خلو الساحة من ضابط او نائب ضابط ، يطلق مفرداته بحديث طويل "ولكم صخم الله وجوهكم ، قصعتكم دهينة، واجباتكم بين ليلة وليلة ، بساطيلكم خفيفة ، قيافتكم راقية ، النزول الى البلدة كل خميس ، وجبات الإجازات ماشية والحمد لله ، ليش تفرون؟؟" ثم يستمر بالحديث :"طيح الله حظكم الجيش يسوي زلم، شلون باجر نحارب العدو" . انتهت محاضرة العريف بدر بإطلاق ايعاز التوجه الى ساحة العرض لأغراض التفتيش الصباحي ثم اجراء التدريب حسب المنهج .
محاضرة العريف عرفها كل من التحق بمعسكر التدريب من الجنود الخريجين وغيرهم ، "القصعة الدهينة" لم تلفت اهتمام معظمهم ، فهي في كل الأحوال "مركة هوا" خالية من اللحوم يعدها مطبخ الوحدة، نالت إعجاب العريف بدر واخرين من ضباط الصف في المعسكر ، تأقلموا مع صعوبات الحياة العسكرية بكل قسوتها .
الجيل السابق من ضباط الصف في الجيش العراقي تركوا الخدمة ، او سجلوا في عداد ضحايا الحرب ، اما العريف بدر معلة فأحيل الى التقاعد بناءً على طلبه برتبة نائب ضابط درجة خامسة، افتتح دكاناً من بيته الواقع في أطراف الكرخ من العاصمة ، يعاني حالياً من الإصابة بأمراض مزمنة ، الشيء الوحيد الذي يجيده حالياً الحديث عن حياته العسكرية ودوره في إعداد الصناديد الزلم الخشنة المستعدة لمواجهة العدو .
"قصعتكم دهينة" احتفظت بحضورها وشكلها وطعمها بذاكرة العريف بدر معلة ، الجيش العراقي الحالي تخلى عنها ، استبدلها بنظام عقد إطعام الجيش فكان السبب في إثارة الزوبعة الأخيرة في المشهد العراقي بعد استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي . الحصول على العقد بمبلغه الضخم يعني ضمان إدراج صاحب العقد ضمن منتدى اثرياء العالم ، هل يستطيع الوزير الكشف عن الجهة المكلفة او الشخص صاحب العقد؟ مجرد سؤال يطرح في اطار الحصول على المعلومات لمعرفة شخصية او جهة سياسية او رجال اعمال قصعتهم "دهينة ."
وزارة الدفاع اختارت من ينفذ عقد اطعام الجيش ، من هو ؟ ما صلته بزعماء سياسيين ؟ من شريكه في مجلس النواب ؟ السؤال بريء لا يحمل غرضاً آخر بقدر الكشف عن حقيقة "قصعتكم دهينة ."
قصعتكم دهينة
[post-views]
نشر في: 8 أغسطس, 2016: 09:01 م