عُرف بجرأة الحرف، وجماله، وقد يكون ظاهرة شعرية لم تكرر حتى اليوم، يقال أن للإبداع ثمناً وقد يكون انعكاساً عن انفعالاتٍ نفسية خاصة بالمبدع ذاته. والسياب ممن عرف أنه عكس الجزء الكبير من خلجات نفسه وواقعه في قصائده ومؤلفاته، بين غبطته وحقده احياناً من ا
عُرف بجرأة الحرف، وجماله، وقد يكون ظاهرة شعرية لم تكرر حتى اليوم، يقال أن للإبداع ثمناً وقد يكون انعكاساً عن انفعالاتٍ نفسية خاصة بالمبدع ذاته. والسياب ممن عرف أنه عكس الجزء الكبير من خلجات نفسه وواقعه في قصائده ومؤلفاته، بين غبطته وحقده احياناً من الواقع، وبين تنازعات متناقضاته .
أُلّفت كتب كثيرة لمناقشة شخصية السياب وانعكاسها على ما كتب، ويذكر البعض أن شخصية السياب ورغم النقاش الذي تعرضت له إلا أن البحث فيها ودراستها ونقاشها لن ينتهي ولاتزال هنالك الكثير من الجوانب لمناقشتها .
وبهذا الخصوص أقام نادي الشعر في الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق جلسة لمناقشة كتاب "حامل الخرز الملون" والذي يتضمن دراسات وشهادات مقروءة في السياب قدمها د.صالح زامل صباح يوم السبت الفائت على قاعة الجواهري.
يذكر زامل "أن الفترة التي كتب بها السياب "كنت شيوعياً" والذي نشر في مجلة الآداب والتي كانت تُعد قومية، ونوقشت موضوعة الكتاب في إذاعة صوت العرب، الذي صار مؤثراً في الفضاء العراقي آنذاك ."
ويشير زامل إلى أن " الصراع كان واضحاً آنذاك بين الشيوعيين والقوميين، ووصل حدّ القتل وهنا بدا وجود علاقات حدية بين السياب والشيوعيين نتيجة ما كتبه السياب بحقهم."
ويؤكد زامل أن "كتابات السياب لم تكن بعيدة عن واقعه الخاص ولا عن الفضاء الذي كان هو جزءاً منه ، وهنا يثار تساؤل آخر، يا ترى لو كان ظرف السياب غير ما مرّ به من تعاسات نفسية وجسدية وواقع سياسي واجتماعي مرير هل كانت هذه نتاجاته؟ وهل وصلت كتاباته إلى ما وصلت إليه ؟."
كما يبين زامل "أن على المثقف أن يكون ذا نزعة انسانية، ولكننا لاحظنا هجوم عدد من المثقفين على عموم الناس، من بينهم أيضاً علي الوردي الذي كان ينقد العموم، وكان يحذو حذوهم أحياناً، وأيضاً عرفت الثقافة للأسف بأنها حيز ذو فضاء منعزل عن عموم الناس." مؤكداً " أن قراءتي للسياب تكشف كم هناك من الاساءات التي نجدها لدى المثقفين كذلك ينطبق هذا على علي الوردي، كما أنه شتم الشيوعيين وتبع ايدولوجيا بعيدة عنهم ."
بدوره تساءل الناقد د. علي حداد خلال حديثه " لماذا هذا الالحاح مع السياب فهل بقي شيء لم يُقرأ عنه ؟ نعم بقي الكثير، ولا يزال لدى السياب ما هو جدير بالدراسة، كما أعتقد أن متن السياب الانساني والشعري متلازمان ومتظافران ولا نستطيع الحديث عنهما بشكل منفصل."
ويضيف حداد " أيضاً ما كتبه السياب كان ناتجاً عن سوء نظرة ومعاملة المجتمع له، فيذكر الشاعر رشيد ياسين أنه التقى السياب في شارع الرشيد فبصق في وجهه وكانت هذه الامور تستفز السياب جداً، وكان السياب حين يطارده البعض يلجأ إلى بيت جبرا، وبهذا نجد إنعكاسا واضحا لحياته على تجربته الشعرية."
وأكد حداد" أن لكل شاعر أو اديب أو كاتب سقطات، وكان كتاب " كنت شيوعياً " من سقطات السياب القاسية وهذا ما يذكرنا بإحدى سقطات المتنبي حين قال " لاتشتري العبد إلا والعصا معه " ."
كما ذكر الكاتب الدكتور نجاج كبة عن لسان الشاعرة لمعية عباس عمارة قائلاً إن " للسياب سايكولوجيا خالصة، حيث وصفته الشاعرة لميعة عباس عمارة أنه يغار ويتألم حين لا تسلم عليه زميلاته في الجامعة، ذاكرةً أنه يصل أحياناً حدّ البكاء على اشياء قد لاتستحق البكاء عليها."
وأضاف كبة " أن السياب ظل ماركسيا في دواوينه ومؤلفاته ، كما أنه شاعر كبير ومقتدر، وكثير من المبدعين غيروا نهجهم ومعتقداتهم وهذا الأمر موضوع شخصي لا يستحق الدراسة، فمشكلتنا أننا نمزج بين السياب الانسان والشاعر."
