أدري — والله العظيم ثلاثاً أدري — إن البحث في شوون اللغة العربية، بشروطها الصارمة الصعبة ، والإلمام التام بقواعد النحو والصرف ، والإملاء ، والإعلال والإبدال ، وما تفعله حروف العلة ، او ادوات النصب والرفع والجزم والجر ،من تغيير في ماهية المقال او البحث في هذي الفترة المترجرجة والزمن العصيب ، هرب غير مغتفر .
أدري يقيناً ، والبعض يعتقد إن الكتابة حول سلامة اللغة ، ترفاً او بطراً او إفلاساً او هرباً او حتى جهلاَ ، في دوامة الأحداث الجسام التي تمر على البلاد والعباد . حتى صار امرا مآلوفا ان نشهد في بعض الكتابات خرقا نحويا او أملائيا فاضحا مرَّ مرور الكرام على المصحح اللغوي — إن كان ثمة مصحح —.
في معظم صحف الأمس — لشدما يبدو الأمس بعيدا — كان للمصحح اللغوي القول الفصل حين يلوح إلتباس او شك في المتن . ولا أدري إن كان هذا التقليد جاريا لا يزال في صحف اليوم ام إندرس كما إندرست معظم الأفكار الخلاقة التي كانت الصحافة أمّها ومرضعتها ,
اللغة هوية المواطن ومدار اعتزازه ، وأي جهل بها وتسيّد الجهلة بقواعدها ، عيباً ومنقصة .
لا أنسى — والمواجع تترى — قبس من محاضرة قيمة لمفكر عراقي ، تطرّق فيها للجهل المتسيد على عموم المشهد الثقافي : — شاهد على شاشة التلفاز ، أحد المسؤولين يتحدث وورقة مبسوطة أمامه ، ويقينا انه لم يكتبها ، بل كُتبت له ، الخط كبير ، والكلمات مُشكَّلة بالكسرة والضمة والتنوين ، ومع ذلك ، فضحه جهله حين تمادى منتشياً ، فقرأ الجملة الأخيرة، وقد حسبها ضمن المقال : إقلب الصفحة رجاءً !!
الجهلو نورن!!
[post-views]
نشر في: 10 أغسطس, 2016: 09:01 م