اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > مخابئ لأفكار حَرجة في ثنايا معرض زياد جسّام ...(إعادة تدوير)

مخابئ لأفكار حَرجة في ثنايا معرض زياد جسّام ...(إعادة تدوير)

نشر في: 13 أغسطس, 2016: 12:01 ص

 يضع الفنّان (زياد جسّام) ثوابت مواقفه التشكيليّة وعناوين تطلعاته النقديّة الراسخة في وعاءِ قناعاتٍ ألزمتهُ-بوعي ملتزم- على ضرورات حفرِ حيزٍ مفتوحٍ، سَمح له بتوضيح نبل مقاصده من خلال فتحِ منافذَ حُرّة زهت بتمرير قصديّة تسمية معرضه(إعادة تدوير)،ا

 يضع الفنّان (زياد جسّام) ثوابت مواقفه التشكيليّة وعناوين تطلعاته النقديّة الراسخة في وعاءِ قناعاتٍ ألزمتهُ-بوعي ملتزم- على ضرورات حفرِ حيزٍ مفتوحٍ، سَمح له بتوضيح نبل مقاصده من خلال فتحِ منافذَ حُرّة زهت بتمرير قصديّة تسمية معرضه(إعادة تدوير)،الذي أقامه على قاعة(برج بابل) بغداد- شارع أبو نؤاس بداية حزيران الماضي، لتلتقي تلك المواقف والتطلعات المُوفقة مع نوازع هدفٍ تفاعلي مُجتمعي- سياسيّ، أفاد (زياد) كثيراً من سمات وخواص تحديث الفن بما يوازي قيمة الحدث والتوصيف الحرّيف لجوهر توثيقاته التعبيريّة الرصينة، ومساند وعيه التركيبي، في رِهان ثنائيّة معرضٍ واثقٍ وأثير نجح بجمع أضداد تلاقيه في كنفِ وعاءٍ واحد،

 الرسم بإغراءاته المحض، فضلاً عن براعة الجهد التركيبي وإمكانياته المفاهيميّة وبدائله التعويضيّة،كما سنتفرّسُ ونُدّقق -لاحقاً- بما أنجز هذا الفنّان المُتوثب، وجس نبضات توهجاته بما يداني فعل التحّريض والحث على التمرّد عبر دواعي قيمة وأهمية حوافل الفن في صُنع  الحياة والمشاركة فيه سواء أكان ذلك عبر بث مباعث الجمال، أو بتبني النقد و التقريع، كما هي استحكامات (زياد جسام) في مرامي إعادة تدويراته البلاغيّة والتعزيزيّة كما أشرنا بخصوص إمكانيات الفن على تجسيد وترسيخ ذلك، بهذا النحو والمستوى من التفكير والوعي التراكمي الذي ابتكره في خضم سعيه هذا.
  هنا ... ينبغي التنبيه لحقيقة تفيد بأن الفنون لا يلغي أحدها الآخر، كما لا يتم إقصاؤه أو إلغاؤه تحت أية ذريعةٍ أو تعليلٍ سببي تقاوم دواعي الفصل أو الفرز المجرّد، إن لم تزد الخبرة والمهارة البشريّة من تعشيق مدى علاقة الفنون ببعضها، وبما  يمنحها عُتقاً وعُمقاً ونواتج أثرٍ وتأثيرٍ وثراء مع توالي التطوّرات و الاستجابات الحضاريّة، في قوام وسياق تغير طبيعة وظائفها واستدراج تقنيات أخرى لصالحها كما في عالم السينما ومن قبل المسرح والسينوغرافيا وغيرها من فنون معاضدة لبعضها، من تلك التي تتمتع بوعي وخصوصية ما  يؤكد ويزيد من حضورها، في ظل مستجدات سريعة-ربما مباغتة ومفاجِئة- ما فَتِئت تعصف وتهدّد حياة ومستقبل الإنسان المعاصر، رغم جديّة محاسِنها جراء طغيان وجبروت التطوّر التكنلوجي الهائل، وتنامي إمبراطوريات تقدّم وتنوّع وسائل الاتصال، وغيرها من سوانح الظروف والأحداث والتوّقعات، مُقابل ضَعف الإرادة الروحيّة لإنساننا المعاصر.
مباعث الفن المفاهيمي
   توافدت مقترحات (زياد جسّام) من دواخل ومخارج غايات بعض أعماله المُتاخِمة لشيوع مصطلح (الانستلشين آرت) أو الفن التركيبي أو المفاهيمي، ونتائج ما توّصل إليه العديد من الفنّانين  المغامرين-منذ عقود بعيدة- عبر مجمل توثيقاتهم الإبداعية وسط زحف تناولات تقع ضمن فضاءات التخلّص من سطوة الأطر التقليديّة  للوحة وترّسباتها المتوارثة بحدود معروفة، أضحت سائدة ،بل، راكدة ومُملة في الكثير من الأحيان.
  أن ما بلّغته الفنون البصريّة الحديثة من مديات أوقع وأبعد في خلاصات القفز على موجودات محيط الواقع وفرض إرادة الفنّان على مقدرات  ومُقررات ما كان يفرضهُ ذلك الواقع-البيئي (الفيزيقيّ)،وبما أتاح له إيجاد بدائل وتطويعات مختلفة ومتنوّعة في التعبير والتوريد لأفكاره وموضوعاته، بفعل ما حصل في بنائيات وخواص فن التركيب أو فن المفاهيم، حيال فطنة وجرأة استبسال المحرّض الأول له، متمثلةً بأعمال الفنّان الفرنسي (مارسيل دو شامب) وتخريجات ما كان قد أطلق عليه بـ (الفن الجاهز) من خلال عرض عمله الشهير(المبوَلة) في معرض نيويورك للمستقلين، والذي أطلق عليه أسم(النافورة)، وذلك في العام الذي تلا نهاية الحرب العالمية الأولى، وقد ساعدت أعمال (دو شامب) إلى جانب عدد من شخصيّات فنيّة بارزة أخرى في ازدهار الفن الأوروبي، إعادة اعتبار تشكيل ذوق الفن الغربي (Western art) خلال هذه الفترة التي نادى بها هذا الفنان الذي هَجر الفن ليتفرّغ تماماً للعبة(الشطرنج) بعد أن أشعل جذوة ولذة ذلك الإحساس المتفرّس في نفوس من سار على هَديهِ وتحريضيّة منواله.
 حاول (زياد) أن يعيد تشكيل هيئة وجوهر العلامة المعروفة-على نطاق عالمي شائع- تلك التي تخص أغلب المواد والأشياء المهملة والموجودة في الحياة وما يدور ويتوافر منها كالمعادن و(البلاستيك) وخواص النفايات القابلة للإعادة والتدوير، مُستثمراً طاقتها التحويليّة إلى جملة ما جاء يرمي صوب مواضيع محرجة ومهمة وحيوية في واقع حياتنا السياسيّة في العراق الحالي، من تلك التي تاق من خلالها الفنّان للوصول والحفول لما هو أبعد وأوقع من مجرد تخديرات  لعبٍ حاذقٍ على ترويض مواد مستعملة ومبذولة، وتوجيه أصل الفكرة والهيئة والجوهر نحو غاياته، منتحلاً أسباب إسقاط فكرته (إعادة تدوير) وفق مفهوم قلة الكفاءة جراء فقدان الكثير من  خواص المادة الأصليّة، من باب حقيقة؛(أي شيء يُعاد تدويره تقل كفاءته)،وبما يُجمل -أيضاً- عن ماهية السؤال الذي يطرحه الفنان حول ما ذا كان ذلك الشيء لا يمتلك الكفاءة -أصلا- حتى قبل تدويره؟!

صعوداً بالمألوف...إلى أعلى
 وهذا ما أراد (زياد) وسعى بالتركيز عليه عبر ترميز وتخمير أصل فكرته وإسقاطها على واقع حال حياتنا السياسية،بعد أن أصابها التراجع والتقهقر والقنوط طيلة سنوات ما اصطلح عليه بعام (التغيير) بعد حرب الربيع عليه في نيسان/2003 بسبب تكرار الوجوه والقسمات والسمات والممارسات على مختلف أصعدة الحياة الاقتصاديّة والخدميّة وغيرها من المجالات التي أضحت بمثابة (إعادة تدوير) متواصل ومستمر لمجمل الدورات الانتخابيّة التي شهدتها تلك العمليّة المتعثرة من وجه نظره الفنيّة والإجرائيّة،بعد أن راح   يناور بتقديم مجموعة أعمال مثيرة ومتنوعة من حيث طريقة وطبيعة المعالجة وتكثيف سُبل النجاح في خواطر مسعاه، بحيث تنوعت أعمال معرضه ما بين قوام ملكة الرسم والتعبير الذي تمتاز به تجربته وامتدادتها التكثيفيّة لمدى قوة ذلك التعبير المُوقع والمُذيّل بطاقة (كرافيكيّة) مهيمنة في مسك أواصر العمل كنتاج ملحمي لمشاعر وجدانيّة بالغة الشدّ والتأثر والقدرة التفاعليّة التي تتطلّبها هكذا مغامرات فنيّة باسلة، وما بين تقابلات الفن التركيبي بأحجام تراوحت ما بين متر واحد وثلاثة أمتار، فيما تجسّد عمل مُجسّم آخر بقياس(2متر) مُعد ومصنوع من الخشب ضم ثلاثة كراسي بحجمها الطبيعي لكي تُوحي وتديم فكرة دوامة إعادة التدوير بالإيحاء للاستمرارية التي وسمت حياتنا بوجوه وشخصيات مُنفرة كانت قد شكلّت لديه هاجساً تفاعلياً، مع ما جاء يتكرّر في أنساق حيواتنا اليوميّة، حيال استعارة العمل الثاني شكل دائرة بقطر (120 سم) مثبت عليها بالحَفر علامة (التدوير) إياها بعد أن أخذت تدور باتجاه عقارب الساعة ببطء عن طريق محرك كهربائي صغير، ومن خلال تلازم علامة التدوير المحفورة، تظهر صور مطبوعة توحي بما يمر به العراق من أزمات وحمم تفجيرات إلى جنب تردي الخدمات والتهجير الى أخرى مسلسلات الأحداث والظروف الشائكة التي تغلّف واقعنا الراهن والملتهب، فيما اعتمر عمل تركيبي آخر فكرة الحظّ عبرة نافذة استعارة (لعبة الدنبلة) بشكلها التقليدي المعروفة وبقياس (120x100سم) بما يسمح للمشاهد أو الرائي في ان يتفاعل معها ويدّورها من خلال عتلة يدوية موجودة الى جانب الكرة الموجود بداخلها (328) كرة كل واحدة منها تمثّل شخصاً يرتدي بدلة وبطة عنق،ولعل غاية هذا العمل كان تنوي وصف الدورات الانتخابية السابقة وربما المقبلة، أيضا كما يفلسف (زياد) لفكرته الأثيرة، مُعززاً- بعد ذلك- مِلاك معرضه بأعمال زيتيّة منفذة على القماش (الكانفاس) وبأحجام كبيرة-نسبياً- بلغت خمس لوحات ربت أكبرها على(3x1) متر، في زهو تقصدٍ ذهني ونفسي برع ليؤكد لديه تلازم ثقة متعته عبر مسالك التعبير بقوة طاقة الرسم الذى ما فَتئ يغريه ويستشعر إحاسيسه القائمة على تحسين سمعة مساراته التحديثيّة لمفاهيمه التحليليّة والتفاعليّة مع مستجدات ما يحدث في الحياة، دون أدنى تفريط بأصل الفكرة والمسعى الذي أخذ به صوب  تقابلاته الإجرائيّة ومحافله التدوّيريّة بزهو هذا العمق والولع الإنساني الذي نجده يقترب ليضاهي صدى تلك الفكرة الفلسفيّة التي درج على توضيحها (رالف بارتون بري) في كتابه الشهير(إنسانيّة الإنسان) في متنِ توقٍ زها بتلخيص بارع لمذهبه الإنساني وغموض الطبيعة الإنسانية رغم خصوصيّة عمقها مُعترفاً بالقول ؛(بأن أهم حقيقة جوهريّة، واضحة ومألوفة عن الإنسان هي إنه يحمل الثمار والأزهار وكأنها تنتمي إلى مرتبة أرقى من أصولها).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram