أفراح شوقيمابين الأمس واليوم زمن يسير، لا نقصد ساعاته في عراقنا، بل بقدر ما نقيسه بعدد ضحاياه من الأبرياء، ممن لم يفطنوا ان أيام الأسبوع كلها غدت متشابهة بعدما اصطبغت بلون الدم وصارت دامية. زمن قصير فعلا بالنسبة لأرواحنا التي نحملها على راحاتنا كل يوم،
ساعة نتوكل على الله لنلتحق بركب الحياة، وكان من الممكن ان لا تهدر دماؤنا تلك على الإسفلت او تحت ركام حديد تسليح الحواجز الأمنية، لو انهم اتعظوا وقرؤا وسمعوا وما استهانوا بالدم العراقي، لو ان المسؤول عن أرواحنا تنازل عن الجلوس على كرسيه الوثير ومسك هاتفه الفاتورة ليجري اتصالاته بمنتسبيه الأقل رتبة، ليسألهم عن سير الأحوال في بلاده، لو انه فقط نزل للشارع لحظة التفجير وتطاير الأشلاء، ليتلقف يد طفل قطعت، ولم تزل أصابعه تمسك حقيبته المدرسية متحدياً خوفه ساعة تقطيع روحه، لو انه لملم عباءة متسول كانت تحمل حاجياته الرخيصة ليغطي بها وجه امرأة لم يتبق منه سوى عينين تحدقان في الفراغ. لو ان ذلك المسؤول قد تأنى وهو يمدح أجهزته الذكية القادرة على كشف المتفجرات والتي تعاقد عليها بملايين الدولارات من خزينة جلدتنا لبث الطمأنينة في نفوسنا المرعوبة من استتاب الأمن المفقود، وتبجح بوجه كل رأي، وطنياً كان أم أجنبياً، حين قال انها غير صالحة، او حتى ليست كفوءة بالشكل المطلوب، وحتى البرهان الملموس الذي أقدم عليه عدد من الإعلاميين بتمريرهم كميات من الأسلحة والذخائر في صناديق سياراتهم أمام أربع او خمس سيطرات أمنية، تستخدم الجهاز الخارق ذاته الذي مدحوه كثيراً، لكنه لم يكتشفها واستطاعت تلك السيارات ان تعبر بما فيها، وتجوب شوارعنا وكان بإمكانها ان تدخل اي مكان تقصده دون ان يمنعها احد. والغريب ان ذلك المسؤول ظل على موقفه وامتنع حتى عن قراءة تحليلات خبراء المتفجرات ممن أشارت الى أقوالهم (صحيفة المدى) في تحقيق سابق نشر قبل أكثر من شهرين والقاضي بعدم صلاحية تلك الأجهزة، بدلائل وشواهد كثيرة، كان من الأجدر بذلك المسؤول ان يتحرى الأمر ولا يبقى يتاجر بأرواحنا هكذا. ونتساءل: هل كان ينتظر فضيحة بحجم ما أعلنت عنه وسائل الإعلام بالقبض على التاجر البريطاني الذي باع تلك الأجهزة بتهمة توريدها للعراق، وهي غير فاعلة ولا تملك القدرة على كشف المتفجرات؟ لقد باتت الكرة الآن يتقاذفها السادة المسؤولون عن أمننا المفقود،كل يرميها في حضن الآخر ويتبرأ منها ويداه ملوثتان بالدم،منذ ان اقسم على حمل رتبته العسكرية ليحمي أرواحنا. قيادة عمليات بغداد أعلنت رداً على الصخب الذي أثير في الشارع العراقي والبرلمان بعد نشر فضيحة الأجهزة تلك، ان سبب عدم صلاحيتها يكمن في انها خضعت بعد استخدامها لتأثيرات مقابلة من العدو لأبطال فاعليتها!، وزادت بتبريراتها غير المقنعة، انها بصدد مواكبة التكنولوجيا لاستيراد أجهزة متطورة منها ربما لتقضي على ما تبقى من أرواحنا بتقنية عالية!، والمضحك المبكي انها الآن والآن فقط وبعد ان نزفت قلوبنا، وتيبست محاجر عيوننا من الم فراق الأحبة أوعزت بدراسة تقنية الأجهزة تلك من الناحية الفنية لدى أهل الاختصاص في مكافحة المتفجرات! ونعود لنقول وبصوت عال هذه المرة، لو انك سيدي المسؤول عن أمن شعبي، سألت وقرأت وشاهدت وتأكدت من أدواتك التي عولت عليها لحماية الوطن، لما استطاع القتلة ان ينفذوا الينا ويبثوا حقدهم الأسود، وينالوا منا.
وقفة :خيباتنا سيدي المسؤول!
نشر في: 30 يناير, 2010: 06:11 م