اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بينَ الشيخِ والرئيسِ... فساد!

بينَ الشيخِ والرئيسِ... فساد!

نشر في: 14 أغسطس, 2016: 05:57 م

لا أعرف كم من الوقت يحتاج المرء لكي يلتقي رئيس الجمهورية، لكنني أفترض أنّ أمراً كهذا يحتاج إلى بضعة أيام. وأفترض أيضاً أنّ مَنْ يطلب لقاء رئيس الجمهورية لديه موضوع جدّي ليبحثه معه، فمكتب الرئيس ليس مقهى للمسامرات. أفترض أن الموضوع الجدّي يشغل طالب اللقاء مع رئيس الجمهورية أياماً وأسابيع.
جاء في الأخبار أخيراً أن الرئيس فؤاد معصوم التقى الشيخ جمال الوكيل أمين عام حركة الوفاق الإسلامي ( الخميس الماضي)، "حيث جرى تبادل وجهات النظر حول المشهدين السياسي والأمني، فضلاً عن قضايا متعددة تتعلق بهموم ومشاكل المواطنين". تتمة الخبر تفصح عن مضمون اللقاء ومضمون الجهد الذي أخذ من الشيخ الوكيل أياماً وأسابيع وربما أشهر: " كما قدم سماحته الى السيد رئيس الجمهورية مذكرة تتضمن طلب إصدار عفو خاص عمّن تورطوا في موضوع الشهادات الدراسية المزوّرة للمراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية".
بالطبع من حقّ أيّ فرد من مواطني الدولة أن يقابل رئيس الجمهورية وسواه من كبار المسؤولين لأمر يتعلق بالشأن العام، وعُرفاً فإن السياسيين متقدمون في هذا الحق على غيرهم، لكن من اللازم ألّا يتعامل السياسيون أو سواهم مع مكتب رئيس الجمهورية وسائر مكاتب الدولة على أنها " خان جغان".
الشيخ الوكيل من الشخصيات المعارضة لنظام صدام حسين. أفترض أنّ هذا يُرتّب على الشيخ الوكيل مسؤولية مضاعفة حيال إقامة نظام حكم في البلاد لا يقارن بنظام صدام في سوئه. لكنّ مسعى الشيخ الوكيل مع رئيس الجمهورية ينبئُنا بشيء مختلف. الشيخ الوكيل يريد استخدام نفوذه لدى رئيس الجمهورية للعفو عن الآلاف الذين قدّموا، بمساعدة أحزابهم وهي في الغالب أحزاب إسلاميّة، شهادات مزوّرة للاستحواذ على وظائف في الدولة.
الجريمة التي يريد الشيخ الوكيل الدفاع عنها وتوريط رئيس الجمهورية أيضاً في الدفاع عنها هي جريمة مركّبة، فمرتكبوها قاموا من ناحية بتزوير شهادات والتقدّم بها الى دوائر الدولة لشغل الوظائف، وهم أيضاً من ناحية أخرى اغتصبوا هذه الوظائف من مواطنين صالحين لم يشاءوا أن يزوّروا الشهادات أو يوسّطوا مسؤولين لشغل الوظائف التي كانت مستحقّة لهم لكونهم يحملون شهادات حقيقية، وسرقها منهم مزوّرو الشهادات بمساعدة أحزابهم. ولا ينبغي أن ننسى جريمة ثالثة يمكن أن تكون قد ارتكِبت في هذه القضية، وهي جريمة أخذ رشى من المزوّرين للتستّر على تزويرهم ولتقديم الوظائف إليهم.
أرجو أن لا يكون رئيس الجمهورية قد أعطى كلمة للشيخ الوكيل بالسعي لتحقيق ما طلبه منه، بل أجد أنّ من واجب رئيس الجمهورية بوصفه الحارس الأمين على تطبيق الدستور أن يرفض صراحة الطلب لشرعنة كلّ هذا العدد من الجرائم.
السؤال المهمّ: إذا عفونا عن مزوّري الشهادات، أي اعتبرنا أنهم لم يرتكبوا جريمة وهو ما يترتّب عليه بقاؤهم في وظائفهم المُغتصبة، مَنْ سيتولّى قضية الآلاف من المواطنين العراقيين الصالحين الذين اغتصِبت فرصهم في الوظائف العامة التي استحوذ عليها المزوّرون الذين تحمّل الشيخ جمال الوكيل مشقّة التفكير في قضيتهم أياماً وأسابيع وأشهراً ثم السفر الى بغداد لمقابلة رئيس الجمهورية؟
والسؤال المهمّ الآخر: ما الذي سيبقيه الشيخ جمال الوكيل، ورئيس الجمهورية إن قبِل بمسعى الشيخ، لحملة الحكومة والمجتمع من أجل مكافحة الفساد الإداري والمالي؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ام رشا

    استاذ عدنان كيف يتجرأ كائن من كان معمم او غير معمم ان يطلب مطلبا كهذا من رئيس الدولة لو ما يكون عارف مسبقا بامكانية تحقيق المطلب خصوصا وان البلد اصبح بلد الصفقات والاثنين لديهم قواسم مشتركه عديده وتحالفهم القديم لا يزال قائما والشيخ الوكيل جاء حاملا همو

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram