حازم مبيضين بات ممكناً بعد عام كامل على سكنى باراك أوباما للبيت الأبيض، أن يسأل المواطن العربي عن ما قدمه الرئيس الاميركي في منطقة الشرق الأوسط، التي أولاها الكثير من عنايته الخطابية إبان حملته الانتخابية، وبعيد تسلمه سلطاته، لأنه بالرغم من تفرد واشنطن في حمل الملف الفلسطيني الذي قال أوباما إنه يضعه على رأس أولوياته وكلف جورج ميتشيل بتوليه، فان الأحوال في هذا الملف لم تتقدم بوصة واحدة إلى الأمام،
وبالعكس من ذلك تراجعت خطوات عديدة، نتيجة لتراجع إدارته عن شرط وقف الاستيطان للعودة الى مائدة التفاوض، وبناء علاقات طبيعية بين الدولة العبرية ومحيطها العربي. مؤكد أن هناك خللاً عند إدارة أوباما ، سواء من حيث قراءة واقع المنطقة، أو من حيث السياسات الواجب اتباعها فيها، رغم أن تلك الادارة استعانت بسياسيين يمكن اعتبارهم خبراء في الصراع العربي الإسرائيلي، وقد مارسوا العديد من المهام في هذا المضمار إبان ولايتي الرئيس كلنتون، ولعل عدم تعاملهم مع بنيامين نتنياهو سابقاً هو الذي أوقعهم في سوء تقدير ردة فعله على طرحهم استئناف التفاوض بالتوازي مع وقف الاستيطان، ولعل عدم فهمهم للثوابت التي يتمسك بها الرئيس الفلسطيني هي التي أوقعتهم في خطيئة الدعوة للتفاوض دون وقف الاستيطان، ولعل قراءتهم للوضع العربي الراهن هي التي أغرتهم باتخاذ مواقف متطابقة مع رؤى اليمين الاسرائيلي المتشدد، والمهم هنا أن الادارة التي بنى العرب آمالاً عريضة على حياديتها وجديتها في البحث عن حلول سلمية عادلة، أثبتت عند أولى خطواتها العملية في هذا الدرب عجزها عن المتابعة دون الانحياز الكامل لقرارات حكومة نتنياهو. الرئيس الذي انبنت على نجاحه آمال عريضة يكشف بكل وضوح، بعد عام على رئاسته أن كل ما وعد به غير قابل للتحقيق، وهو يؤكد اليوم أنه لن يحيد أبداًعن دعم إسرائيل، رغم اعترافه بأن بعض السياسات الداخلية فيها تقيد عملية السلام، واستشهد بمشكلات قال إن نتنياهو واجهها، وهو يبذل بعض الجهود للتحرك مسافة أكبر قليلاً مما يرغب فيه ائتلافه الحاكم. ولم ينسى هنا أن يشرك الفلسطينيين بذلك أيضاً، قائلاً إن الرئيس عباس يريد السلام حقاً لكنه يجب أن يتعامل مع حماس التي ترفض الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، وهو في أول الامر وآخره يزيح النار إلى قرص بلاده وحليفتها حين يعترف أنه ليس جيدا لأمن بلاده ولأمن اسرائيل أن يشعر ملايين الافراد باليأس، وهو يعني بذلك الفلسطينيين الذين يجب الانتباه لمحنتهم ليس تعاطفاً معهم بقدر ما هو لحماية أمن اسرائيل. تتبدى غطرسة حكومة ناتنياهو في فرضها التراجع المهين على إدارة أوباما عن مشروع جورج ميتشل، ويتبدى تحديها للمجتمع الدولي في استمرارها ببناء المستوطنات على الارض الفلسطينية، ومضيها في تهويد القدس وطرد سكانها الأصليين، وتظهر متغطرسة وهي تمعن في الاستيطان وتهويد القدس، وليس صحيحاً أن أي ضعف يعتري الولايات المتحد ينعكس فوراً على إسرائيل، وليس صحيحاً أن هناك أزمة بين واشنطن وتل ابيب على خلفية رفض مشروع ميتشل لوقف الاستيطان، وليس صحيحاً أن هناك أزمة صامتة بين الدولة العبرية والاتحاد الأوروبي، وليس صحيحاً أن تعاطف بعض الغربيين مع الحقوق الفلسطينية يضعف حكومة نتنياهو التي يصعب القول إنها تعاني ضعفاً نتيجة عدم انتصار جيشها الساحق في حربي لبنان وغزة، لان العادة جرت أن يخوض هذا الجيش الحروب لينتصر فيها، لا أن يترك الأمور معلقة كما حدث في الحربين التي يدعي كل طرف انتصاره فيهما. أوباما بعد عام من ولايته لم يقدم شيئاً، والواضح أنه لن يفعل ذلك في أعوامه الثلاثة المقبلة.
خارج الحدود: عام على أوباما
نشر في: 30 يناير, 2010: 07:28 م