نورا خالدبات مألوفا ذلك المشهد الذي يتكرر في شوارع بغداد مع كل حملة انتخابية، وهو كثرة الملصقات وصور المرشحين على الجدران الكونكريتية التي وضعت لحماية الوزارات والأسواق والمناطق السكنية من التفجيرات والاطلاقات النارية. فهذه الملصقات والصور سأمها المواطن، وشكلت له موضوعاً للتندر والسخرية في أحيان كثيرة بعد أن غسل يديه من الوعود التي قطعها له هؤلاء المرشحون،
من دون أن يجد لها تطبيقاً على ارض الواقع. والمشكلة ان هذه الملصقات والصور كانت قد ألصقت بمادة قوية المفعول، لن تجدي معها أية آلة حادة لأزالتها، وتغدو وكأنها جزء من الجدران التي ألصقت عليها، ولم يفكر المرشحون في ما بعد الانتخابات بإزالتها برغم مناشدة جهات حكومية وشعبية. ومن كثرة هذه الصور والملصقات بات من المتعذر معرفة المرشحين القدامى من الجدد، والمسألة برمتها غير حضارية ولا تليق بمدينة عريقة مثل بغداد ان يكون فيها هكذا عدد من الصور والملصقات على جدرانها. ففي الفترة التي تسبق الانتخابات وبعدها تصبح هذه الجدران الكونكريتية من الأمكنة المفضلة لدى المرشحين ان لم تكن الأفضل على الإطلاق لوضع ملصقاتهم الانتخابية التي تحمل الوعود للمواطن بتحسين الخدمات وبناء عراق جديد, والذي هو اليوم بأمس الحاجة إلى من يفي بوعودهِ ويطبقها على ارض الواقع، وبحاجة إلى من يحقق آماله. لا رفع الشعارات المزيفة وحسب، ولم يقتصر لصق البوسترات التي تحمل صور المرشحين على الجدران الكونكريتية فقط بل امتلأت الشوارع والساحات العامة وحتى جدران المنازل بتلك الملصقات. وعلى الرغم من انتهاء انتخابات مجالس المحافظات منذ فترة ليست بالقصيرة إلا ان اغلب تلك الشوارع والساحات العامة لا تزال تعج بالملصقات وصور المرشحين وهي بانتظار من يزيلها. وطالبت امانة بغداد، وحسب ما جاء في تصريحات عدد من مسؤوليها المرشحين فور انتهاء الانتخابات بإزالة اللوحات الإعلانية التي نصبت وعدت تجاوزا يجب إزالته بأسرع ما يمكن كونه تسبب في تشويه معالم العاصمة بغداد وفرضت غرامة مالية على المخالفين الا ان البعض لم يستجب خاصة أولئك الذين لم يحالفهم الحظ في تلك الانتخابات، والبعض الآخر حاول إزالتها لتجنب الغرامة الا انه لم يستطع بسبب المادة اللاصقة التي استخدمها المرشحون! ولم تفد تحذيرات المفوضية العليا، ولا أمانة بغداد في جعل المرشحين يلتزمون بالقانون . ولو استخدم المرشحون الطرق الحديثة في الحملات الدعائية أسوة بالدول المتقدمة ووضعت ضوابط من قبل المسؤولين تحدد سير جميع مراحل العملية الانتخابية، ومن بينها أساليب الدعاية وأشكالها منذ البدء لما حدثت تلك الفوضى التي باتت تشوه معالم بغداد بدلا من أعمارها. ومع استعدادات الكتل السياسية والأحزاب لخوض الانتخابات المقبلة يتساءل المواطنون اين سيضع المرشحون ملصقاتهم الانتخابية ؟ وهل ستمتزج مع الملصقات السابقة؟ وكيف يمكننا معرفة المرشحين الجدد عن السابقين؟ وهل سيتكرر هذا في كل تجربة انتخابية تمر بها البلاد؟ اسئلة عديدة جعلت المواطن العراقي في حيرة من أمره خاصة مع قرب موعد الانتخابات. لكن السؤال الاهم هو هل يمكن للمرشح الذي لا يفي بالتزامه برفع ملصقاته الانتخابية ولا يمتثل للقانون ان يفي بوعوده تجاه المواطن الذي انتخبه ؟
نافذة المواطن: جدران كونكريتية وحملات دعائية
نشر في: 31 يناير, 2010: 04:47 م