سأحاول أن أبتعد اليوم قليلا عن السياسة لكني لن أعدكم بذلك فقد ينتهي المقال بالخوض في السياسة ايضا ..اقول هذا بعد ان قرأت احصائية صدرت حديثاً تقول ان محاكم البلاد سجلت في شهر تموز الفائت فقط (4096) حالة طلاق في عموم العراق وان بغداد سجلت اعلى نسبة بين المحافظات، إذ بلغت حالات الطلاق فيها (1809) حالة...
لم يعرف أغلب أجدادنا وآبائنا معنى الزواج الكاثوليكي لكنهم ارتبطوا بعقود أشبه بالكاثوليكية لقوتها واستمرارها طوال الحياة ..كان الطلاق بالنسبة اليهم كارثة وكلمة يخشون من التلفظ بها أمام الصغار ولا تطرأ على بال الزوجات مهما كانت معاناتهن ولا على بال الأزواج مهما كانت خلافاتهم مع زوجاتهم ..وهناك من احتمل البقاء مع زوجة لا يُطيقها لسنوات طوال لمجرد ان يحمي أولاده من حمل لقب (أولاد المطلقة) ، وهناك من صبرت على قسوة زوجها او زواجه بأخرى لتحافظ على كيان أسرتها وتحمي أولادها من التشتت...
ما الذي حدث إذاً ليصبح الطلاق الذي يعتبر أبغض الحلال عند الله حلا سحريا لأي خلاف زوجي مهما كان بسيطاً ....سيقول مَن يقرأ تساؤلي إن ظروف الحياة اختلفت وتركيبة البشر تعقدت فلم تعد المرأة تحتمل خيانة الرجل او بُخله اوحتى فقر حاله ولم يعد الرجل يصمد طويلا امام اغراءات العلاقات الخارجة عن الزواج بفضل استخدام الهواتف النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي فيفضّل اختيار حياة جديدة اكثر سعادة مع امرأة أخرى بعد ان فقدت زوجته بريقها في عينيه ، بل ان الأمر انسحب على النساء وصار يمكن ان يكتشف العديد من الرجال خيانة زوجاتهم لهم بالطريقة نفسها فيحدث الطلاق .. ولأننا لا نُريد ان نضع اسبابا موحدة للطلاق فليس هناك حالات متشابهة تماما ، فيمكننا ان نُلقي باللائمة ايضا على انتشار ظاهرة الزواج المبكر التي أصبحت من اسرع الطرق الى الطلاق لافتقار الازواج الصغار الى الخبرة والقدرة على مواجهة مسؤوليات الحياة المعقدة ولرضوخهم بسهولة اكبر امام اغراءات العصر عدا ما يترتب على بطالة الازواج من هرب للحب من الشباك فضلا عن اسباب اخرى كثيرة ترتبط من قريب او بعيد بواقعنا المُعاش ..
من المعروف وكما تشير الابحاث الى ان الطلاق يسبب العديد من التأثيرات السلبية على الاطفال ، كالاكتئاب واضطراب السلوك والفشل الدراسي بالاضافة الى حدوث مشاكل قانونية ، وإذاً فمثل هذه النسب من الطلاق تصدِّر للمجتمع اجيالا تفتقد الى التوازن وبالتالي لن تكون عناصر نافعة فيه ..يحتاج الأمر إذاً الى وقفة متأنية من قبل الآباء والأمهات قبل اتخاذ قرار الطلاق فالضحية غالبا هم الاطفال والتضحية بهم ضرب من الأنانية ، ويحتاج الأمر ايضا جهدا من الدولة لاستيعاب طاقات الشباب في العمل والانتاج ليصبح بامكانهم قيادة مؤسسة الزواج من دون خسائر ، فالاستقرار المادي والنفسي يعزز الحب بين الزوجين ويُبعد عنهما شبح الطلاق ، اما ارتباط السياسة بالطلاق فينشأ من تزايد الاحباط والفقر لدى الشباب وارتفاع نسب غياب الرجال والترمل والعنوسة بسبب السلوكيات الحكومية الخاطئة ما ادى الى زعزعة بناء الأُسر العراقية وازدهار الخيانة الزوجية وبالتالي ارتفاع معدلات الطلاق ..ألم أقل لكم إن الأمر سيرتبط بالسياسة شئنا أم أبينا ؟
أبغضُ الحلالِ
[post-views]
نشر في: 19 أغسطس, 2016: 03:15 م