ليس للحدث بحدّ ذاته أهميّة بقدر تبعاته. الخيانة الزوجيّة قد تنهي ارتباطاً وثيقاً قام بين شريكين تعاهدوا على البقاء معاً مدى العمر. إلا أنها قد لا تغيّر شيئاً في المعادلة، على الرغم من علم الزوجة بخيانة زوجها لها. منهن من يتجاهلن الأمر كأن شيئاً لم يك
ليس للحدث بحدّ ذاته أهميّة بقدر تبعاته. الخيانة الزوجيّة قد تنهي ارتباطاً وثيقاً قام بين شريكين تعاهدوا على البقاء معاً مدى العمر. إلا أنها قد لا تغيّر شيئاً في المعادلة، على الرغم من علم الزوجة بخيانة زوجها لها. منهن من يتجاهلن الأمر كأن شيئاً لم يكن. منهن من يسامحن على أساس انها هفوة. البعض الآخر واقعٌ في منزلقٍ أكثـر غموضاً مع الشريك. في المجتمع الذكوري، تمرّ ممارساتٌ كهذه كمرور النسيم في الجو : انه رجل ومن حقه ان يعمل ما يشاء سرا او علنا بشروط وخبايا كثيرة تكمن وراء هذا الموضوع. لماذا يتقبّل القلب والعقل معادلة وجود شخصٍ إضافيٍّ او اكثـر في حياة الشريك العاطفيّة
• 30 % من المتزوّجين قد يعمدون الى الخيانة
في دراسةٍ أجراها مركز جامعة واشنطن لدراسة الصحة والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر، تبيّن أن نسبة الخيانة الزوجيّة ارتفعت خلال العقد الأخير لتبلغ 19% لدى الرجال و11% لدى النساء المتزوّجات. الا أن الواقع المقلق الذي عبّرت عنه الدراسة، يتمثّل بارتفاع معدّلات الخداع الزوجي والعلاقات الجنسيّة العابرة لدى المتزوّجين الشباب ما دون الـ30 عاماً، حيث بلغت نسبة الزوجات الخائنات 30%، في حين ارتفعت أعداد الرجال المخادعين الى أكثر من 45% في السنوات الأخيرة..
• الخيانة في المجتمع الذكوري
تختلف الدوافع التي تجعل الشريكين يتقبّلون خيانة الواحد للآخر. فتلفت الأستاذة في علم النفس الدكتور ابتسام السعدون من كلية التربية الجامعة المستنصرية الى اسباب ذلك ( للرجل أسباب تختلف عن دوافع المرأة في اعتبار الخداع مسألة عاديّة". وتقول: "هناك شقان من الأسباب التي تدفع الرجل الى تقبّل زوجته له. الأول ايجابي، يصلح المرأة أيضاً، ويتمثّل بالحب الكبير الذي يكنّه أحدهما للآخر ما يجعله يتغاضى عن هفوةٍ معيّنة حصلت عن سوء تصميم، حيث يعتبر هذا الثنائي واعياً تماماً لمضامين الحياة الزوجية وسلبيات قد تعتريها. الوجه الجيّد لهذه العمليّة يتمثّل بإمكان نسيان الخطأ وعودة العلاقة الى مجاريها". وفي مقاربة حول دوافع المرأة لتقبّل خيانة زوجها لها، ترى ان "المجتمع الذكوري عادةً لا يرى في عمليّة تعدّد التجارب الجنسيّة للرجل سوءاً تحت شعار أنه رجل ويحقّ له ذلك، ما يصوّر في ذهن المرأة اعتقاداً أن هذه العمليّة عاديّة فتتقبّلها. هذه المفارقة تنعكس سلباً على مستقبل العائلة، حيث ستنمو الفتاة ضعيفة الشخصية وستتقبّل عمليّة خيانة زوجها لها مستقبلاً، وسينشأ الصبي متهوّراً يحبّذ صورة ابيه".
• اضطرابات هرمونيّة ؟
يلخّص الاختصاصي في علم النفس الدكتور أسعد إبراهيم دوافع تحبيذ أحد الزوجين الخيانة الى "اسباب سوسيولوجيّة نفسيّة، أو أوضاع عائليّة مضطربة في ظلّ عدم الاقتناع بخيار الزواج الذي حصل أصلاً في ظلّ ظروف غير مستقّرة. ويشير الى ان "سبباً أكثر أهميّة خارج عن ادارة الشخص قد يدفعه الى هذه الأساليب المخادعة، وهي الاضطرابات الهرمونيّة التي تجعل الانسان في حال شغفٍ متواصل لممارسة الجنس ما يدفعه الى اقامة علاقات عشوائيّة ومع أكثر من شخص. العلاج في هذه الحال مؤكّد من خلال مفترقين، الأول نفسيّ، والثاني بمشاركة طبيب غدد".
ويشير الدكتور اسعد الى ان " تقبّل فكرة خيانة تسفر عن ارتدادات نفسيّة واجتماعية كبيرة من أهمّها الخصومات والخلافات الدائمة التي تنشأ في المنزل، إضافةً الى حال هستيريّة يعيشها الشريكان من خلال اللجوء الى الانتقام عبر التجريح والشتم المستمر والتذكير بالأحداث غير الأخلاقيّة التي ضبطها أحدهما على الآخر. أما في حال كنّ أحد الشريكين حباً كبيراً لزوجته، فهو بالتالي سيضعف ما يؤدي الى تراجع المشاعر العاطفيّة". ويشير الى انّه "في هذه الحالة يتحوّل الزواج من حقيقي الى صوري لا أكثر، ولا يجب الاستهانة في هذا الواقع الذي يشكّل اليوم نسبة عالية من المتزوّجين في مجتمعنا ".
وحول انعاكاسات هذه المشهديّة على الأطفال يشير الى النتائج التالية :
• عقد نفسيّة واضطرابات سلوكيّة تتّسم بإهمال الواجبات المدرسيّة والتسرّب المدرسي .
• إهمال النظافة الذاتيّة .
• الدخول في مراحل الاكتئاب والعقد النفسيّة التي ترمي بثقلها على مستقبل الاولاد الصحي .
• العيش في حال من التماثل مع الأهل وفقدان المعايير الأخلاقيّة في مرحلة المراهقة كاحتمالٍ أول. الفرضيّة الأخرى تقول برفض الواقع المهترئ الذي يعيشه الأهل، فتنشأ الفتاة صالحة وترفض التغني بأمها، فيما احتمال انطلاق الذكور نحو الانحراف كبيرة .
اذن رغم ارتفاع معدلات الخيانة الزوجية في المجتمعات ومنها مجتمعنا تبقى الخيانة الزوجيّة مرفوضة اجتماعيا ودينيا ويحاسب عليها القانون المدني والعادات والتقاليد الاجتماعية وتبقى شوكةً مغروزةً في قلب أي ثنائيّ شوكةٌ لا تلتحم آثار جروحها سريعاً مهما حاولت الأيام تضميد الجرح .