TOP

جريدة المدى > عام > فريدة خلف.. الفتاة التي هزمت داعش

فريدة خلف.. الفتاة التي هزمت داعش

نشر في: 22 أغسطس, 2016: 12:01 ص

في البداية بعض الأخبار جيدة. المرأة الأيزيدية الشابة "فريدة خلف" التي يروي حكايتها هذا الكتاب الفظيع هي الآن سالمة في ألمانيا، إذ تنهي دراستها. وقد التقت مرة أخرى مع أمها وإخوتها الشبان الذين اختطفوا من قراهم في شمال شرق العراق، وظلوا أسرى لدى "داعش"

في البداية بعض الأخبار جيدة. المرأة الأيزيدية الشابة "فريدة خلف" التي يروي حكايتها هذا الكتاب الفظيع هي الآن سالمة في ألمانيا، إذ تنهي دراستها. وقد التقت مرة أخرى مع أمها وإخوتها الشبان الذين اختطفوا من قراهم في شمال شرق العراق، وظلوا أسرى لدى "داعش" لعدة أشهر. على الرغم مما حدث لها إلا أنها عازمة على تلبية طموحها الثابت في أن تصبح مدرسة رياضيات.  
لكن أبا فريدة مفقود ويفترض أنه ميت، وصديقتها المفضلة ما تزال أسيرة لدى الخليفة المفترض في العراق. حتى "فريدة" هو اسم مستعار تبنته كي يحميها من مناصري "داعش" في أوروبا ومن"العار" الذي يلحقها بسبب اغتصابها عدة مرات من قبل آسريها. إن الكتاب هو وصف مثير للجلد السادي والتعذيب الجنسي المسلط على فتاة عمرها 19 سنة من قبل أكثر المنظمات إرهاباً وتمييزاً ضد المرأة والتي تعمل في كل مكان في العالم.

شهادة من الصنف الأول
حقيقة أنّ "داعش" يشجع بشكل صريح أتباعه المتعصبين على شراء وبيع واغتصاب النساء معروفة. أغلب النساء الأسيرات عشن جنباً إلى جنب مع القرى المسلمة لعدة قرون. الدين الإيزيدي يعد بشكل خاطئ من قبل المسلمين المتشددين كشكل من العبادة للشيطان.في آب 2014 أعطى مقاتلو "داعش" لساكني قرية فريدة ثلاثة أيام كي يتحولوا إلى الإسلام أو أنهم سيعانون من مصير "الكافرين".
ما هو استثنائي في قصة فريدة هي الطريقة التي ظهرت بها في العناوين الرئيسة، مقدمة شهادة من الصنف الأول عما يعني أن تتعرض إلى التطهير الأخلاقي والاستعباد الجنسي. فهي تقدم وصفاً مثيراً لكيفية حمل رجال قريتها في الشاحنات وسوقهم بعيداً إلى الموت المحتوم تقريباً. كان أخوها "سرهاد"-16 سنة أحد الناجين الأربعة في المذبحة، وتظاهر بأنه ميت بين صف من الجثث يعود إلى جيرانهم وأصدقائهم.  
فصلت فريدة وباقي النساء غير المتزوجات عن باقي النساء الأكبر وأخذن أولاً إلى مدينة "الموصل" المحتلة ثم إلى سوق النخاسة في "الرقة". سأل زبون متحمس الحرس:"هل ما زالت الفتيات كلهن عذراوات حقاً؟". حين وضع أحد المشترين السعوديين الأغنياء إصبعه في فم فريدة قامت بعضّهِ مما أدى إلى ضربها بلا رحمة.

أيديولوجيا كره المرأة
هذه القصة المرعبة تجري روايتها بصيغة الأنا ، وهي مدونة من المقابلات الطويلة التي أجراها صحفي ألماني، يدعى "آندريه سي هوفمان"، بينما كانت فريدة تعيش في مخيم للاجئين في دهوك بالعراق. التقى هوفمان بفريدة بعد بضعة أسابيع من نجاحها في الهرب من معسكر بالقرب من حقل "عمر" للغاز في شرق سوريا مع خمس فتيات أخريات، إذ بقين محتجزات في حاويات سفن. في ذلك الوقت كانت فريدة ما زالت تعاني من الجروح الجسدية والصدمة النفسية وسوء التغذية الذي طالها بسبب أسرها.
في أحد المقاطع المثيرة في الكتاب تصف فريدة كيف أن "أمجد"، وهو مقاتل مهيب من أذربيجان، كان دائماً ما يصلّي أمامها قبل أن يهاجمها. تتذكر قائلة:" في كل مرة يؤدي طقسه الديني مقدماً". فتاة أصغر عمراً تدعى "بسمة" هربت أخيراً مع فريدة بعد أن كانت تضرب إلى حد الموت تقريباً، لأنها استعملت المقصّ في طعن مقاتل من "داعش" كان يغتصبها.  
ما يفعله هؤلاء الرجال ليس تأثيراً جانبياً لقتالهم مع "داعش"، بل هو عنصر جوهري في أيديولوجيتهم. كره المرأة يفسر في رأي الخليفة كونه معتقداً، ولا شك أنه ،كنتيجة، يجذب كل تابعيه. إنه يسمح بشكل شديد لكل الرجال الأنانيين، الذين يرفضون الأفكار الحديثة عن المساواة بين المرأة والرجل، بأن يجدوا متعة بالغة بسلطتهم على النساء، إذ يتعمدون ارتكاب الفعل الجنسي بشكل عنيف ما أمكن، تاركين ضحيتهم تنزف من الجروح.

تبصرات مدهشة
حتى حين هربت فريدة وصديقاتها بمساعدة الناس المهربين كي يصلن إلى معسكر للمهاجرين إلا أن محنتهنّ لم تكن قد انتهت. الثقافة الإيزيدية تعد ضحايا الاغتصاب كونهم "ملوثين"، وهو الأمر الذي أثبتته النساء الكبيرات في السن، اللاتي لاحظن بشكل قاس بأن أولئك الفتيات لن يكنّ قادرات على الزواج. كانت كلماتها ذات تأثير مدمّر على فريدة التي شعرت كأنّ "الشريان الذي يمنحني إرادة الحياة قد انقطع". وهذا أحد الأسباب العديدة التي دعتها لمغادرة المعسكر والبدء بحياة جديدة في ألمانيا.
هذا الكتاب من الكتب النادرة التي تقدم تبصرات مدهشة في الروح الإنسانية. تقاوم فريدة معتقليها من اللحظة الأولى وتقاتلهم ولو بالقليل من القوة التي تمتلكها. حتى بعد أشهر من الجلد فإنها ما زالت تقاتل وتشجع صديقاتها على التطلع إلى الوسائل التي تساعد على الهرب. إن سجلاً للفظائع يمكن أن يصبح قابلاً للاحتمال فقط من خلال الشجاعة الاستثنائية والتضامن بين الفتيات اللاتي حافظن على حياتهن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram