الحكومة أعلنت في أكثر من مناسبة انها حريصة جدا جدا على تلبية مطالب المتظاهرين ، أقسمت بكل مقدساتها انها ستجعل حياة العراقيين في ربيع دائم ، حين تساعدها القوى السياسية في تحقيق الإصلاح . كلام من هذا النوع يندرج ضمن ما يعرف بكلام الجرائد ، فعلى مدى اكثر من عام تشهد ساحة التحرير في كل يوم جمعة تظاهرة ، رد الفعل الرسمي يكون عادة بغلق جسر الجمهورية المؤدي الى المنطقة الخضراء ، ونشر قوات مكافحة الشغب "لحماية أمن المتظاهرين" بحسب الرواية الرسمية .
تنفيذ مطالب المتظاهرين يحتاج الى تشريعات وإجراءات قانونية ، على هذه الشماعة وغيرها علق أصحاب القرار أسباب عرقلة تنفيذ المطالب ، على الرغم من ان الحكومة وجميع أطرافها تبنت الإصلاح ،حتى جعلته نشيدها الوطني، وليس من المستبعد ان يكون برنامجها في الانتخابات المحلية والتشريعية .
الاسبوع الماضي نظم زبائن مصرف اهلي تظاهرة تطالب الحكومة بالضغط على المصرف لتسليمهم ودائعهم المالية . منذ مطلع العام الجاري تعهدت الإدارة بأنها ستسلم الودائع مع الفوائد ، وحملت البنك المركزي مسؤولية التأخير بادعاء رفضه الالتزام بواجباته تجاه المصارف الاهلية . على لائحة الانتظار والوعود ، علق الزبائن آمالهم ، لعل اصحاب الغيرة والناموس ترتفع في ضمائرهم الحماسة الوطنية لمعالجة مشكلة مستعصية يواجهها من صدق أكذوبة المصارف الأهلية في العراق.
إحدى المؤسسات الإعلامية الأجنبية كانت تتعامل مع المصرف لتسليم العاملين في مكتبها بالعراق مستحقاتهم الشهرية ، وصلت المؤسسة الى قناعة بأن المصرف أخلّ بالتزاماته ، فاختارت بديلاً آخر ، بعض المراسلين مازال ينتظر من المصرف الحصول على مستحقات متأخرة ، اما الزبائن فلم يكن لديهم إلا خيار التظاهر مراهنين على سرعة استجابة الجهات الرسمية للحصول على أموالهم.
الحكومة الحريصة على الإصلاح لم يصدر منها اي رد فعل تجاه ممارسات "وكلاوات" المصارف الأهلية ، وهي مسؤولة عن حماية ممتلكات أبناء شعبها ، لم تحرك ساكناً ، كأنها وكعادتها في التعاطي مع المشاكل تنتظر تحقيق التوافق السياسي لتمنح زبائن "مصرف دار الانتقام" مبالغهم المودعة منذ سنوات . في كل دول العالم من حق الزبون ان يقاضي المصرف ويطلب التعويض بالاضافة الى مستحقاته جراء أضرار لحقت به جعلته يرى نجوم الظهر ، ويترك عمله ليرابط يومياً أمام باب المصرف.
مع بداية تطبيق تجربة الجمعيات الفلاحية في محافظات العراق الجنوبية ، وقع الاختيار على المرحوم "جلوب" للسفر الى بغداد لشراء مضخة إروائية صغيرة ، لأنه الوحيد الذي سبق ان زار العاصمة ، وله معارف فيها يساعدونه على إنجاز مهمته ثم العودة الى القرية بأسرع وقت ممكن لزيادة الانتاج الزراعي . المرحوم "جلوب" أمضى أسبوعاً مع معارفه في بغداد يقضي الأماسي في الملاهي ، احتفظ بدينار واحد من المبلغ أجرة العودة الى قريته ، عندما وصل اخبر رئيس الجمعية ان المضخة في الشحن وستصل في غضون ايام قليلة . جلوب ترك موضوع المضخة واخذ يحدث شباب القرية عن إعجاب الفنانة ناهد مجدي بشخصيته ، أخرج من جيبه منديلها المعطر ، فانتشر العطر في "الصريفة" والمضخة في الشحن ، "مصرف دار الانتقام" أعاد قصة "جلوب" ، لكنه حرم الزبائن من شم عطر منديل ناهد مجدي .
مصرف دار "الانتقام"
[post-views]
نشر في: 21 أغسطس, 2016: 09:01 م