حازم مبيضين واضح أن دعوة محمود الزهار القيادي في حركة حماس لمصر إلى فتح صفحة جديدة، للتوقيع على وثيقة المصالحة وتنفيذها، متى توفرت الضمانات من مصر بالذات، لحسن تنفيذ ما اتفق عليه، ودعوته القاهرة إلى توضيح الأشياء التي قال إن حولها لبس، وبحيث تكون واضحة للجميع، لضمان عدم تكرار حوادث سابقة ومن أجل تحصين الاتفاق وحمايته، على أن يتم الاحتكام إلى الشعب الفلسطيني فيما بعد وإجراء انتخابات يقبل بنتائجها الجميع.
ليست أكثر من محاولة لفك الحصار السياسي المفروض عليه وعلى قيادات حماس، ويبدو ذلك شديد الوضوح من دعوته القيادة المصرية لفتح صفحة جديدة، واستئناف اللقاءات، التي يبدو أنها باتت هدفاً حمساويا يفوق في أهميته المصالحة ذاتها. الغريب أن الزهار يتحدث – حتى بعد انقلاب غزة وما تبعه من ممارسات – عن أن هذه حماس ستبقى عامل توحيد وليس تفريق، وقال - حتى بعد كل الهجمات الاعلامية على القيادة المصرية - إنه لا يشك في دور مصر في القضية الفلسطينية، وأن جميع الملفات التي نجحت في القضية الفلسطينية كان لمصر دور مهم فيها، وحاول الضرب على الوتر العاطفي حين شدد أن مصر هي التي حافظت على اسم فلسطين وهويتها وعلى قضية اللاجئين وتعليمهم وتربيتهم، وإن مصر عاشت وتعيش الهم الفلسطيني، وإن كل قيادات العمل الوطني والإسلامي تخرجت من الجامعات المصرية، ولكن هناك من يريد أن يخدش هذه العلاقة، وهو هنا يسكت عن الكلام المباح حين يتجاهل من الذي يسعى لتدمير العلاقة المصرية الفلسطينية، وليس مجرد خدشها. الشيخ الزهار يناور مطالباً الحكومة المصرية بوقف دفاع الاعلاميين المصريين عن وطنهم، معتقداً أن ذلك يتم بناءً على طلب المسؤولين المصريين، وهو هنا يؤكد أن الحملة الشرسة ضد القيادة المصرية تتم بناءً على طلب حماس وحكومة هنية المقالة ، وينسى أن المصريين يرفضون التهجم الخارجي على قيادتهم حتى وان اختلفوا معها بالرأي في بعض القضايا، وأن هامش الحرية الاعلامية في مصر والذي يتيح لبعض الصحفيين مهاجمة سياسات الرئيس حسني مبارك، بما فيها المرتبطة بالقضية الفلسطينية والعلاقة مع حماس، أوسع من أن يكون مرتبطاً بشكل ذيلي مع توجيهات الحكومة، صحيح أن هناك إعلاما رسميا وظيفته الدفاع عن قرارات السلطات المصرية، لكن الصحيح أيضا ان الهجوم على حماس يأتي من الأعلام الخاص أيضاً، والشيخ الزهار مطالب قبل هذا باصدار فرمانه لكل مهاجمي السياسات المصرية بناء على توجيهات محددة أن يوقفوا حملتهم التي يمكن بكل راحة ضمير وصفها بالمسعورة. وحماس التي تتخوف أن تنفذ ايران تهديدها باعادتها إلى حجمها الطبيعي إن لعبت بذيلها – حسب تعبير مسؤول ايراني - وتطالبها بتفسير ما جاء في رسالة رئيس مكتبها السياسي للعاهل السعودي وأعلن فيها اعتزازه بالانتماء إلى أهل السنة والجماعة وأن علاقته بإيران علاقة مصالح لا أكثر وأنه جاهز للتخلي عنها فور اعتراف السعودية بحركتة، تعود اليوم باحثة عن حاضنتها الطبيعية، لو كانت التزمت بعروبتها قبل البحث عن حلفاء من خارج الدائرة القومية، تدرك ولو متأخرة أن أبواب العودة سواء في القاهرة أو الرياض أو عمان ستكون مفتوحة مثلما كانت دوماً لكل المخلصين لقضيتهم والعاملين لخير شعبهم.
خارج الحدود :الادراك المتأخر عند الزهار
نشر في: 31 يناير, 2010: 05:58 م