فيلمه "قصة حب" يتذكره الجمهور فهو أحد أروع أعماله السينمائية التي امتدت قرابة 50 عاماً
اعتبر آرثر هيلر الذي توفي عن عمر92عاما كمخرج يمكن أن يكون من القلائل الذين اهتموا بطريقة التعبير البصري وكذلك اهتمامه الرائع بسيناريو أفلامه التي
فيلمه "قصة حب" يتذكره الجمهور فهو أحد أروع أعماله السينمائية التي امتدت قرابة 50 عاماً
اعتبر آرثر هيلر الذي توفي عن عمر92عاما كمخرج يمكن أن يكون من القلائل الذين اهتموا بطريقة التعبير البصري وكذلك اهتمامه الرائع بسيناريو أفلامه التي قدمها للمشاهد مثل "المشفى" الذي أنتج عام 1971 حيث اختار لكتابة السيناريو له الكاتب المسرحي بادي تشايفسكي ، قال عنه أنه واحد من أفضل من تناول الكوميديا السوداء في سيناريوهاته ، وكذلك عندما قدم من قبل الكاتب المسرحي الأمريكي المعروف نيل سايمون لكتابة سيناريو فيلمه الكوميدي "الخروج من تاونيرس" عام 1970.
هذه الأفلام ونحوعشرة أخرى بقيت في ذهن المتفرج لفترة طويلة كان على رأسها فيلم الدراما الرومانسية "قصة حب" عام 1970، الذي يمكن ادراجه في خانة أخرى أطلق عليها النقاد وقتئذ بالملذات المذنبة ، الفيلم استند إلى الرواية الأكثر مبيعا من قبل والتي حملت نفس الاسم للروائي الأمريكي إريك سيغال وبطولة ريان أونيل وآلي ماكغرو يروي بطريقة رومانسية كفاح عاشقين من أجل التغلب على اعتراضات أسرهم لوجود تباين طبقي بينهما حيث حقق الفيلم وقت عرضه شهرة واسعة لمخرجه واعتبر الأكثر شعبية في ذلك العام حيث ردد جمهوره طويلا عبارته الشهيرة : "الحب يعني ألا تقول أبدا إنك آسف" ، وقد تم ترشيحه لسبع جوائز أوسكار بما في ذلك أفضل إخراج ، لكنه فاز بواحدة فقط لأفضل موسيقى تصويرية .
بدأ هيلر حياته الفنية في التلفزيون قبل أن يتحول للإنتاج وينتج أكثر من 30 فيلما على مدى ستة عقود ومن أشهر أعماله "تجار ويلر" 1963 و "Plaza Suite 1971، و فيلم الحرب "طبرق" 1967، و"صنع الحب" 1982، وفيلم السيرة الذاتية "فاتنة" 1992، وقد أدى هذا التنوع إلى عدم التركيز على نمط واحد هو الفيلم العاطفي الرومانسي الذي نجح في تقديمه نجاحا كبيرا ، لكنه لم يمنعه من تقديم أفلام عديدة حافظت على شهرتها وتوليه رئاسة نقابة المخرجين الأمريكيين بين عامي 1989 و 1993 كما تولى رئاسة الأكاديمية التي تستضيف حفل جوائز الأوسكار السنوية بين عامي 1993و1997، كما شغل عضوية فرع المخرجين في الأكاديمية لفترة طويلة حيث وصفه المؤرخ السينمائي ديفيد تومسون بأنه : " أحد المخرجين الكبار الذي يحصل على ما يريد من ميزانية أفلامه في الوقت المحدد دون أي عائق قد يربك ذلك" .
ولد هيلر في مقاطعة ادمونتون وهي عاصمة ألبرتا الكندية لابن أحد المهاجرين البولنديين اليهود واسمه هاري الذي كان يدير محلا لبيع الآلات الموسيقية وزوجته روز حيث كانا جزءا من مجموعة المسرح المحلي لتقديم المسرحيات وقد نمت ذائقته على حب هذا الفن ، التحق بمدرسة فيكتوريا للفنون الأدائية والبصرية ثم درس القانون وعلم النفس في جامعة تورنتو وخلال الحرب العالمية الثانية خدم في سلاح الجو الكندي في بريطانيا وبعد الحرب كان يعمل في هيئة الإذاعة الكندية في اذاعة الخدمات العامة ثم عمل في الحقل التلفزيوني وتطويره ، اجتذبت أعماله الاهتمام في الولايات المتحدة حيث انتقل هو وزوجته جوين إلى هناك في منتصف عام 1950 أدار خلالها عدة حلقات من المسلسل التلفزيوني "غنسموك" من بطولة الممثل المعروف آنذاك بيري ميسون ، انتقل بعدها هيلر من التلفزيون إلى السينما ليقدم فيلمه الأول "مذبحة في ساند كريك" عام 1956 من بطولة جون ديريك حيث جلب الاهتمام المثير له ، قدم بعد ذلك عام 1957 فيلمه المثير للجدل "الجانب الخطأ من المدينة" وهو يعكس صورة متعاطفة مع شريحة الشباب الذين يعيشون حياتهم وسط زيف القرارات التي لم يفكر صانعوها بالالتقاء بهم والاستماع لوجهات نظرهم في كل مناحي الحياة التي تهمهم ، وما بين الأعوام الممتدة من خمسينات القرن الماضي وصولا إلى ستينياته يبدو أن هناك فجوة كبيرة كانت تفصل بين ما قدمه هيلر من أفلام أراد لها أن تكون أخيرا بمستوى طموحه ، فقدم في العام 1962 فيلمه "معجزة الجياد البيضاء" وهو دراما حربي للأطفال من انتاج والت ديزني أعقبه "تجار ويلر" عام 1963 عالج من خلاله مشكلة كسب المال بطريقة غير مشروعة ، هذا الفيلم لم يكن ليلبي طموحه فعاد إلى صديقه المسرحي وكاتب السيناريو المعروف تشايفسكي ليقدما فيلما عام 1964 عنوانه "أمركة إميلي" وهو دراما حرب من بطولة جيمس غارنر، جولي أندروز التي لعبت فيه دور أرملة تفقد زوجها الضابط الأمريكي أثناء الإنزال الشهير في نورماندي ، وميلفين دوغلاس وجيمس كوبورن ، عن رواية بنفس الاسم للروائي وليام برادفورد ، كان كل من غارنر واندروز معجبان بالتقنية الإخراجية الماهرة التي يتمتع بها هيلر في أفلامه ، هذه التقنية انتقلت معه في فيلم "طبرق" عام 1967 مع روك هدسون ، الفيلم يروي كيف قامت قوات التحالف في مهمة لتدمير خطوط النفط التي استولى عليها رومل في شمال أفريقيا وسخرها لخدمة قواته ، والشيء الذي لا يعرفه عنه سوى المقربون منه أنه كان يشعر بالراحة كلما انتهى من إخراج فيلم وشاهد مدى حب الجمهور له فيذهب محتفلا وسط طاقم عمله كما في فيلم "الخروج من تاونيرس" الذي قام ببطولته جاك ليمون وساندي دنيس ، والأمر نفسه تكرر في فيلم "قصة حب" .
يذكر أن هيلر الذي رحل عن دنيانا في 17 أغسطس / آب الجاري لم يكن يشكو من مرض وقد سبقته زوجته غوين التي توفيت في يونيو/ حزيران الماضي ولهما ابنة تدعى إيريكا وابن يدعى هنريك وخمسة أحفاد.