عبد الجبار العتابي في ذاكرة السينما العراقية ثمة نقاط مضيئة ، مهما تراكضت الازمان يبقى تذكرها ضرورة من ضرورات الشغف السينمائي ، لاسيما ان السينما العراقية لن تأخذ مكانتها ولم تفتح لنفسها الافاق الفسيحة لتحلق فيها وتواكب حركة التطورالعالمي فتعثرت لمرات عديدة وظلت طوال سنينها تحاول ان تكسر حاجز الخوف في داخلها ، فبقيت تئن من وجع الانتاج غير المجدي ومن تراكم الاخطاء ، وان كانت تحفل بتاريخ طويل وجرأة وامكانات ليست سهلة .
هنا .. ومن بين ركام السنوات وغبارها ومن بين الاشرطة التالفة ومختبرات التحميض ومشاكل موادها ، يستذكر السينمائيون العراقيون الخطوة الاولى التي بدأت قبل (61) عاما ، ففي العشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر من عام 1964 تم عرض اول فيلم سينمائي عراقي وهو فيلم (ابن الشرق) ، الذي كان انتاجه مشتركا ما بين العراق ومصر ، بين شركة افلام الرشيد العراقية وستوديو الاهرام ، وقد اخرج الفيلم المخرج المصري ابراهيم حلمي وأدى ادواره الرئيسية كل من : الممثل العراقي عادل عبد الوهاب والممثلة المصرية مديحة يسري ، وشارك فيه المطرب العراقي عزيز علي والممثل المصري بشارة واكيم وظهر في الفيلم ايضا المطرب الريفي العراقي حضيري ابو عزيز ، وقد عرض هذا الفيلم الذي بدأ العمل فيه عام 1945على شاشة سينما الملك غازي ببغداد ، فصار هذا التاريخ عيدا للسينما العراقية قبل ان يتم العمل في اقتراح ان يكون عيد السينما العراقية هو يوم عرض فيلم (فتنة وحسن) قبل اربع سنوات لكونه فيلما عراقيا خالصا انتاجا واخراجا وفنانين وفنيين عام 1954 . والحديث عن هذا اليوم يدفعنا الى الحديث عن السينما العراقية والمراحل التي مرت بها ، السينما العراقية بدأت من الصفر ، من اللاشيء ، من حيث الندرة ، وتوسل بعض مالكي دور العرض السينمائي بالاخرين لصنع الافلام ، وتم الاتصال بالمخرج المصري لصنع شريطين احدهما (ابن الشرق) والاخر (القاهرة بغداد) الذي اخرجه احمد بدرخان ، واستعانوا كذلك بالمخرج الفرنسي (اندريه شاتان) لاخراج فيلم (علية وعصام) عام 1948 ، ومن ثم المخرج المصري احمد كامل مرسي لاخراج فيلم (ليلى في العراق) ، وقد ادى فشل هذه الافلام تجاريا الى انسحاب مستثمري رؤوس الاموال من ميدان الانتاج السينمائي وازاء ذلك الفشل كان الحماس قد ألهب نفوس بعض الشباب العراقي من خلال المشاركة السابقة بالافلام المشتركة ، فبدأ حيدر العمر اولى الخطوات وقام بوضع اللبنة الاولى في صرح السينما العراقية ، فأخرج فيلم (فتنة وحسن) عام 1954 ، وهو الفيلم العراقي الاول الخالص الذي لم تشترك فيه اية يد خارجية ، فقد كان عراقيا بكل مافيه من روحية وتفاصيل ، بهده تتابع المخرجون العراقيون في بناء السينما العراقية . يقول المخرج السينمائي العراقي عبد الهادي مبارك : الانتاج السينمائي العراقي تقاسمته عدة قطاعات ، القطاع الاول الخاص : وهو الذي بدأت به السينما العراقية ، كان له قصب السبق وكانت حصيلته من الافلام (46) فيلما بدأها بفيلم (ابن الشرق – 1946) وختمها بفيلم (الزورق- 1977) ، وبعد انقطاع طويل عاد هذا القطاع بفيلم اسمه (نرجس عروس كردستان – 1992) ، والقطاع الثاني هو العام : بدأ انتاجه عام 1968 بفيلم (الجابي) انتاج مصلحة السينما والمسرح التي انتجت كذلك فيلمي (شايف خير- 1969) و (جسر الاحرار-1970) ، وقامت المؤسسة العامة للسينما والمسرح بانتاج فيلم واحد هو (الظامئون -1972) وقامت دائرة السينما والمسرح بانتاج اول افلامها (الرأس -1977)الى اخر افلامها (الملك غازي -1992) ، وقامت دائرة التوجيه السياسي قي وزارة الدفاع بانتاج فيلم واحد هو (شمسنا لن تغيب -1987) ، اما القطاع المختلط فيتمثل في شركة بابل للانتاج السينمائي والتلفزيوني وقد انتجت اول افلامها (فايق يتزوج – 1984) واخر افلامها ( 100%) عام 1992. وتوقفت السينما العراقية عند الرقم (99) حتى عام 2005 عندما اخرج المخرج الشاب عدي رشيد فيلم (غير صالح ) ثم تبعه المخرج محمد الدراجي بفيلم (احلام ) . الاستذكار يدفعنا الى التوقف عند مدير قسم السينما في دائرة السينما والمسرح قاسم محمد سلمان ليستذكر معنا احوال السينما العراقية ، يقول قاسم : ابن الشرق هو بداية انطلاقة السينما العراقية ، والذي افرح الفنانين العراقيين مثل أي انتاج سينمائي بعده ، لكن الذي افرحني اكثر هو فيلم (فتنة وحسن) لانه عراقي مئة بالمئة والذي من خلاله احتفلنا بعيد تأسيس السينما العراقية في 22/ 6/ 1955 ، ابن الشرق كان بداية مشجعة للسينمائيين العراقيين الذين اشتركوا مع اخوانهم المصريين لانتاج فيلمهم الاول ، واضاف : اتمنى ونحن نستذكر (ابن الشرق) ان لا نرجع الى الماضي ، وان نتطلع الى المستقبل ، لدينا قاعدة ان السينما بدأت بالقطاع الخاص ومن ثم استخدمت القطاع العام ، وهذا يدفعني الى ان اقول ان السينما العراقية يجب ان تكون حية ومستمرة ، واناشد الدولة كمخرج سينمائي ان ننظر الى المستقبل ، يجب ان تكون لدينا ستراتيجية وخطط لها ، ولا يمكن للسينما ان تنهض الا باستحداث ورش عمل وخطة عمل وتخصيص مالي وايفاد الفنيين ومنهم المخرجون للاطلاع على ما توصل اليه العالم ، ويفرحني جدا ان اشاهد الفيلم رقم (102) الذي انتجه المخرج الكردي احمد رستمي (مخاض الشعب) الذي يحمل مؤثرات صورية وصوتية ويؤكد ان السينما العراقية ما زالت حية . وبوق
64 عاماً على عرض اول فيلم عراقي في بغداد
نشر في: 31 يناير, 2010: 06:16 م