TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > الايام الاخيرة من حياة عبد الكريم قاسم

الايام الاخيرة من حياة عبد الكريم قاسم

نشر في: 31 يناير, 2010: 06:17 م

حبيب تومي9 شباط 1963 كان آخر يوم من حياة الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم ، كان اسم هذه الشخصية الكارزمية مصدر حراك الشارع العراقي من شماله الى جنوبه ، وكنت شخصياً واحداً من الملايين الذين كانوا مستعدين عفوياً للتضحية والتفاني والذود عن حكم الزعيم عبد الكريم قاسم .
في الساعة السادسة والنصف مساءً من يوم الأربعاء الموافق 7 / 10 / 1959 انهال على سيارة ( قاسم ) في منطقة رأس القرية وابل من نار الرشاشات والرمانات اثناء مرورها في شارع الرشيد في طريقها من وزارة الدفاع الى حفل الأستقبال في دار البعثة الدبلوماسية لألمانيا الشرقية في الباب الشرقي ، قتل السائق وأصيب عبد الكريم قاسم في كتفه الأيسر . اشترك في هذه المحاولة ستة اشخاص اصائل في العملية وهم أياد سعيد ثابت وخالد علي الصالح واحمد طه العزوز وسليم عيسى الزيبق وعبد الحميد مرعي وسمير عزيز النجم وعبد الوهاب الغريري . أما الأعضاء المساندين لهم فهم كل من صدام حسين التكريتي وعبد الكريم الشيخلي وحاتم العزاوي وقد اصيب الأولان بجروح واستطاعا الهروب الى سورية . حينما فشلت هذه المحاولة بالتخلص من قاسم بدأوا بنسج خيوط محاولة انقلابية اوسع وأشمل . قبيل 8 شباط 1963 بعدة ايام كان عبد الكريم قاسم قد صرح لجريدة لوموند Le Monde بأنه يكتفي بالنوم لمدة ساعتين او ثلاث ساعات يومياً وهناك الكثير مما يجب عمله ، وكانت تبدو عليه علامات القلق والتعب والأرهاق كان الأتفاق على صباح يوم الجمعة 14 رمضان الموافق 8 شباط يوم تنفيذ الأنقلاب ، باعتبار ان الجمعة هو يوم وجود الضباط في الأجازات وهو يوم الأستراحة ، وتكون الشوارع خالية او قليلة المرور . في حدود الساعة الساعة الثامنة من يوم 8 شباط وصل عبد السلام عارف الى كتيبة الدبابات في ابو غريب وانضم الى العقيد احمد حسن البكر واستقل كلاهما دبابة وضعها تحت تصرفهما امر الكتيبة خالد مكي الهاشمي ، فعادت بهما الى بغداد وتوجها الى دار الأذاعة وكان ضباط من حرس الأذاعة مشاركين بالمؤامرة ، فسيطروا على الأذاعة وأبنيتها واجهزتها الأذاعية . في الساعة الثامنة والنصف صباحاً من يوم 8 شباط اغتيل قائد القوة الجوية جلال الأوقاتي حسب الخطة وهذه اللحظة اعتبرت ساعة الصفر ، وفي هذه الأثناء قصفت مدرجات معسكر الرشيد لمنع الطيارين الموالين لعبد الكريم قاسم من الطيران . في الساعة 40 , 9 أذيع بيان رقم واحد الصادر من المجلس الوطني لقيادة الثورة بكلمات مفادها : قضي على ( الطاغية ) و (الخائن المجرم ) عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع ، وكان هذا ادعاء مخالف للحقيقة إذ ان عبد الكريم قاسم في هذه الدقيقة كان في بيته ، وخرج يشق طريقه وسط الحشود عبر شارع الرشيد وكانت الحشود التي كانت تطالبه بالسلاح وتنشد بإيقاع واحد ( ما كو زعيم ألا كريم ) ونجح في الوصول الى وزارة الدفاع في العاشرة والنصف صباحاً ، ورفض الزعيم حتى اللحظة الأخيرة من تسليم السلاح للمدافعين عنه من الجماهير المحتشدة . في الساعة الحادية عشر والنصف كانت دبابات الأنقلابين تطوق وزارة الدفاع المتحصنة وكانت هذه الدبابات بدأت تحصد بحشود المدافعين والتي دعاها الحزب الشيوعي للدفاع عن قيادة عبد الكريم قاسم . في الثالثة بعد الظهر بدأت معركة قاسم من مقره في وزارة الدفاع وفي هذه الأثناء اسقطت احدى الطائرات المغيرة على تحصينات عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع . في الساعة الخامسة والنصف اعلن العقيد نصرت في ادعاء استباقي ان المقاومة توقفت ، لكن المعركة كانت مستمرة الى يوم 9 شباط . يوم 9 شباط ظهراً بعد ان تدهورت الأمور ، عند الساعة الواحدة والدقيقة الثلاثين من بعد ظهر السبت 9 شباط اقتيد الزعيم والمهداوي وطه وكنعان الى استوديو التلفزيون ، وبلغوا بقرار المجلس الوطني لقيادة الثورة بأعدامهم رمياً بالرصاص واعتبرت المناقشة بينهم بمثابة محاكمة ، وعند تنفيذ الأعدام رفضوا وضع عصابة على اعينهم . في منتصف الليلة التي قضي على حياة عبد الكريم قاسم ، نقلت جثته الى منطقة معامل الآجر الواقعة بين بغداد وبعقوبة ، وحفرت له حفرة ووضع فيها ببزته العسكرية وأخفيت معالم الحفرة أخفاءً تاماً ، إلا ان احد العمال شاهد ما جرى فاستعان برفاق له ليحملوا الجثة ويدفنوها في موضع ما بين المجمعات السكنية العمالية في المنطقة إلا ان الأمر لم يبق سراً فبلغ الأمر سلطات الأمن التي قامت بإلقاء القبض على المشاركين واحالتهم على المحاكم وقضت عليهم بأحكاتم ثقيلة ، ثم استخرجت الجثة ووضعت في غرارة اثقلت بكتل من الحديد الصلب ، وألقيت من فوق جسر ديالى في نقطة اتصال بغداد ـ سلمان باك .بذلك كان حظ قاسم من تربة العراق التي احبها اقل بكثير من حظ الحكام الذين قضى عليهم في ثورة 14 تموز 1958 ، الذي نقلوا فيما بعد الى المقبرة الملكية في بغداد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram