وفقا لتقييم المفتش العام لإعادة إعمار العراق ستيوارت بوين في تقريره ربع السنوي، يتضح  تصاعد وتيرة العنف و التوجس من الحرب الدائرة في سوريا، وسط ازدياد الفساد الرسمي منذ مغادرة آخر القوات الاميركية البلاد .  فخلال الربع الاخير من العام  تصاعد العنف الى مستويات غير مسبوقة منذ اكثر من عامين، حيث سقط 854 مواطناعراقيا على الاقل و جرح اكثر من 1640 آخرين في هجمات متنوعة – منهم 1048 ضحية في شهر ايلول لوحده مما يجعله اكثر الشهور دموية منذ عام 2010 .  يقدم تقرير بوين تقييما مستقلا عن متاعب العراق و تقدمه قبل اسبوع من انتخابات الرئاسة الاميركية. ذكر الرئيس اوباما بانه حافظ على تعهده في حملة 2008 من خلال انهاء حرب العراق التي بدأها الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش، و اعادة القوات الاميركية الى الوطن. اما رومني فقد القى باللوم على الرئيس اوباما بشأن الفشل في التفاوض حول اتفاقية " وضع القوات " مع العراق التي تسمح ببقاء بضعة الاف من القوات للمساعدة في تدريب العراقيين و في استقرار البلاد . ان تقارير بوين ربع السنوية تعتبر التقييم الوحيد للاوضاع في العراق بعد الاجتياح الاميركي الذي راح ضحيته 4488 من العسكريين و المدنيين الاميركان و 32220 من الجرحى حسب ارقام البنتاغون، بينما كان عدد الضحايا من المدنيين العراقيين 120 الفا حسب تقديرات جامعة براون عام 2011 . بالاضافة الى ثمن الحرب بالارواح فانها كلفت 725 مليار دولارا وفقا لبيانات البنتاغون ماعدا مدفوعات وزارة الخارجية و وكالة المخابرات و العوق الدائمي . تقديرات البنتاغون تستبعد حوالي 100 مليار دولار مصنفة على انها " لا تتعلق بالحرب " حسب (آمي بيلاسكو) المحلل الذي درس تكاليف الحرب لصالح خدمة ابحاث الكونغرس المستقلة . بالاضافة فقد خصصت الولايات المتحدة في ايلول  60.5 مليار دولار لأغاثة العراقيين و اعادة الاعمار حسب بوين  . مع كل ذلك، فقد تدهور الوضع الأمني في العام الماضي " وسط تقارير عن عودة القاعدة في البلاد " . يقول ضباط المخابرات الاميركية ان 2500 من عناصر القاعدة يقيمون الآن في خمسة معسكرات تدريبية في محافظات الانبار و صلاح الدين، بعد ان كان في العراق اقل من 800 عنصر عند مغادرة آخر القوات الاميركية نهاية 2011 . قبل ستة اشهر من ذلك اي في حزيران 2011 قال وزير الدفاع ليون بانيتا امام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ ان هناك الف عنصر من عناصر القاعدة " لازالوا في العراق ". قال بوين " تتواصل سلسلة التفجيرات المنسقة في انحاء العراق بالاضافة الى الاغتيالات و الهجمات اليومية الصغيرة في بغداد و الانبار و ديالى و نينوى في الربع الحالي من العام ".  من جانبها ذكرت دولة العراق الاسلامية في تصريح لها على الانترنت ان الهجمات التي اودت بحياة عشرات المواطنين خلال الايام الماضية كانت ردا على اعتقال مجموعة من النساء لكون اقربائهن مطلوبين من قبل القوات الامنية . فيما يتعلق بالفساد فقد ذكر بوين ان رئيس الوزراء نوري  المالكي قال ان الفساد " لايزال يشكل مشكلة " رغم ان هناك مبالغة في انتشاره بكل مفاصل الدولة . اما منتقدو الحكومة فقد اخبروا المفتشين بان " الفساد اليوم اسوأ من اي وقت مضى ". من جانبه أخبر عبدالباسط تركي، محافظ البنك المركزي المؤقت، مفتشي بوين ان " هناك تهريبا بالجملة للدولار الاميركي من العراق عن طريق غسيل الاموال و هذا دليل على انتشار الفساد" ، و اضاف  قائلا " حوالي مليار دولار تغادر العراق اسبوعيا، منها 80% من خلال وثائق مزورة تخفي غاياتها الحقيقية". خلال العام الماضي كانت علاقة الولايات المتحدة بحكومة المالكي متوترة بسبب علاقاته المتنامية مع ايران، حيث ان البلدين يدعمان نظام الاسد في قتاله مع الثوار الساعين الى اسقاطه بدعم من الحلفاء الاميركان و الاوربيين و تركيا و دول الخليج العربي مثل السعودية و قطر . يقول تقرير بوين " الوضع المتدهور على الحدود ادى الى تدفق 39.036 لاجىء سوري الى العراق بالاضافة الى 80.850 عراقي عادوا الى البلاد بعد فترة قضوها في سوريا". الصفقات التي عقدها العراق – بضمنها اتفاقيات شراء اسلحة روسية – قد اضافت توترات و اسئلة حول احتمال ضعف علاقات العراق مع الولايات المتحدة . يقول فاتح بيرول رئيس اقتصاديي وكالة الطاقة الدولية ان حوالي 30% من حقول النفط الجديدة التي يجري تطويرها في العراق يتم تمويل بعضها او المشاركة فيها من قبل الصين. حاليا، تذهب نصف صادرات العراق تقريبا الى الاسواق الاسيوية و من المحتمل ان تزداد هذه النسبة خلال العقدين القادمين . جاء في تقرير لوكالة الطاقة الدولية نشر في 9 تشرين الاول ان انتاج النفط العراقي قد يتضاعف الى 6 مليون برميل يوميا في 2020 و قد يصل الى 8.3 مليون برميل في 2035 . من جانب آخر، لاتزال التوترات مستمرة بين الحكومة المركزية و حكومة اقليم كردستان حول كيفية مشاركة ايرادات حقول النفط في كركوك، حيث يتفاوض المسؤولون الكرد بشأن صفقاتهم الخاصة مع شركات الطاقة الاجنبية. في الشهر الماضي تجاوز العراق ايران كثاني اكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك بعد السعودية، اما مبيعات نفط ايران فقد تراجعت نتيجة للعقوبات الاميركية و الاوربية التي تستهدف برنامجها النووي . رغم ان انتاج الطاقة الكهربائية قد ازداد بشكل غير مسبوق، فانها لازالت تكفي للاستهلاك الاعتيادي فقط، بمعدل 10-12 ساعة في اليوم لأن الطلب يتجاوز العرض بكثير .

 عن : بلومبيرغ