ظلت الصورة التقليدية لأشهر علماء القرن العشرين ،ألبرت آينشتاين، هي تلك التي يُخرج بها لسانه، وكأنه يسخر من كل ما قيل وكُتب قبله. عام 1905 يصدر كتابه "النسبية" لينتقل معه دفعة واحدة من عالم المجهول إلى عالم ضاجّ وصاخب. إلى أي مدى كان آينشتاين فقيراً،
ظلت الصورة التقليدية لأشهر علماء القرن العشرين ،ألبرت آينشتاين، هي تلك التي يُخرج بها لسانه، وكأنه يسخر من كل ما قيل وكُتب قبله. عام 1905 يصدر كتابه "النسبية" لينتقل معه دفعة واحدة من عالم المجهول إلى عالم ضاجّ وصاخب. إلى أي مدى كان آينشتاين فقيراً، نعرف جيدا انه كان معوزاً وأنه شقي كثيراً، وأن بداياته كانت صعبة، مثل كتابه الذي لا يقربه إلا الراسخون في العلم ، ويقال إن المترجم العراقي عبد المسيح وزير يُعدّ أول من بشّر بنظرية آينشتاين ، عندما ترجمها ونشر فصولاً منها في جريدة العراق الممتاز سنة 1923، وهو الأمر الذي جلب له عداوة الملّا عبود الكرخي الذي كتب مقالا يسخر من عبد المسيح ونظرية صاحبه الذي اسماه الكرخي "الطرن"، وكان رد عبد المسيح وزير مقالاً مطوّلاً أكد فيه أن النظرية النسبية لا يفهمها في العالم سوى عشرة وهو واحد منهم!
لعلّ الكثيرين لا يعرفون بأن مطامح آينشتاين في بداية حياته كانت لاهوتية، حيث كتب وهو على مقاعد الدراسة الجامعية كراساً عن التوراة، ثم شعر بالهزيمة في هذا المجال، ليفتّش عن آفاق أخرى، ليتعرّف في ما بعد على أفكار نيوتن، وليبدأ حكاية أخرى لم تنته.
أتذكر أنني كنت متلهفاً لقراءة كتاب النسبية، وحين حصلت على نسخة منه بترجمة اللبناني عبد الرحمن مرحبا، لم أستطع حل لغز الصفحات الأولى منه وحاولت أن أجد ضالتي في كتاب ممتع وصغير كتبه الصحفي المصري مصطفى محمود فوجدته يقول:"لقد تعددت المحاولات من العلماء لتبسيط النظرية النسبية. وكان آينشتاين نفسه يحاول أن يبسّط مقولاته". ومن الطريف أن مصطفى محمود نفسه كان يهرب من قراءة كتاب أينشتاين، إلا أن بريد القراء الذي كان يحرره لمجلة صباح الخير حمل رسالة من قارئة تسأل عن النظرية النسبية، فقرر أن يقرأ كل ما يتعلق بالنسبية وصاحبها، ليخرج لنا بعد ذلك بكتاب ممتع نشرت حلقاته في مجلة روز اليوسف المصرية تحت عنوان "آينشتاين والنسبية."
************
العام 1879 وفي قرية المانية صغيرة تدعى اولم ، استقبل هيرمان آينشتاين وزوجته جوليت ديرزباخر، مولوداً غريب الشكل ، أصاب والديه بالذعر ، فرأسه غير مستوية ، الأمر الذي أدى بالأم ان تصلي من اجل ان لايكون لهذا الأمر تأثير على عقله في المستقبل ، اما الجسم فكان اشبه بالبرميل الصغير ، ما جعل جدته لأمه تولول صارخة : انه بدين اكثر مما ينبغي . فقرر الوالد ان يعرض ابنه على الطبيب الذي طمأنه بقوله :"ان الزمن كفيل بإصلاح ما اعوج في جسده" ،وبالاضافة الى كل هذه العيوب الجسدية ، واجهت الأبوين مشكلة تأخر الصغير في النطق . يقول ألبرت آينشتاين انه لم يحاول الكلام الا بعد ان تجاوز الخامسة من عمره ، لدرجة ان امه ظنت ان ابنها مصاب بعاهة ، ولم تكن له الا شقيقة واحدة ، كانت السبب وراء نطقه بأولى العبارات ، فقد وعد الوالدان ابنهما البرت بلعبة جديدة ، لكنه ما ان وقعت عيناه على المولودة الجديدة ، حتى صاح بكلمات متقطة :"وأين عجلاتها الأربع" ، غير ان كونها أختاً لالبرت لم يكن بالأمر الممتع ، فقد كانت له عادة سيئة وهي إلقاء الأشياء على رأسها ، وكما كتبت هي بعد ذلك في كتابها :"انا وانشتاين" : "لابد لأخت المفكر ان تكون لها جمجمة قوية ". وبسبب صعوبة الأوضاع المالية اضطرت عائلته ان تنتقل الى مدينة ميونخ ، هناك أصرت الأم على ان يتعلم ابنها الصغير العزف على آلة الكمان ، لكنها واجهت مشكلة كبيرة، فالصغير لايستوعب الدروس ، وكان غير راغب في التعلم .
حين بلغ البرت السابعة من عمره التحق بالمدرسة الابتدائية ، هناك ظن المعلمون ان هذا الطفل متخلف عقلياً ، فهو بطيء الفهم ، يفشل في حفظ اية معلومة ، وزاد من مشكلته انه كان يتأتئ قبل الإجابة على اي سؤال . بعد سنتين يكتشف الأساتذه ان الطفل المعاق ذهنياً يبدي براعة في درس الرياضيات ويهتم بتعلم اللغة اللاتينية ، لكنه فشل في دراسة جميع انواع الموضوعات الاخرى ، ما جعل مدرسية يشكون من سوء إدراكه ، وعندما سأل والده مدير المدرسة عن المهنة التي تصلح في المستقبل لابنه البرت أجابه المدير قائلاً : " لاتشغل بالك بهذا الأمر ، فهو لن ينجح في اي شيء " .
في سن التاسعة تعرّف لأول مرة على العلوم ، وكان والده قد أهداه بوصله فتنته بشدة وتصور ان هناك قوى خفية قادرة على تحريك الأجسام ، فهي اول معجزة يشهدها :"تركت هذه التجربة أثراً عميقاً في نفسي ، وأدركت حينها أن هناك أموراً خفية تتوارى خلف الظواهر" ، في الحادية عشرة من عمره أخذت حياته تنحو منحىً آخر ، اذ تحول الى التدين الشديد ، فقد خصصت له المدرسة مدرساً لدرس الدين ، كونه الطالب اليهودي الوحيد ، وبسبب إعجاب المدرس به تملكته نشوة الايمان ، فأخذ ينظم الابتهالات الدينية ، لكن فترة الحماس الديني لم تدم طويلا لأنه كلما تعمق في دروس اللاهوت ، أدرك تعارضه مع العلم ، وفي النهاية يتوصل الى نتيجة يقولها لعمه جاكوب :"من خلال قراءتي وصلت سريعاً الى قناعة بأن كثيراً مما جاء في قصص التوراة لايمكن ان يكون حقيقياً " .
حين بلغ الخامسة عشرة من عمره اضطر الى ترك الدراسة بسبب الأزمات المالية التي عانت منها أسرته ، فالأب أعلن إفلاسه ، فعرض عليه أحد الاصدقاء ان يجرب حظه في ايطاليا ، حيث يبدأ العمل من جديد على إنشاء مشروع تجاري جديد ، وهكذا وجد البرت نفسه وحيداً في ميونخ ، يقضي أيامه في مدرسة داخلية ، الجميع فيها يكرهون هذا الطالب الغريب الأطوار ، فيقرر ذات مساء ان يرحل وحيداً الى ايطاليا ، لينتهي بعد ايام واقفاً على باب بيت أسرته التي لم تكن تتوقع قدومه .
احتار الأم والأب ماذا يفعلان مع ابنهما الذي لم يكمل دراسته الثانوية ، وليست لديه حرفة ولا مهارات تؤهله للعمل ، وحين سأله والده عن الوجهة التي يريد ان يتوجه لها في المستقبل أجاب البرت انه يسعى لأن يصبح فيلسوفاً ، الأمر الذي أثار سخرية العائلة التي قررت أن تلحقه بمعهد في زيورخ ، لكنه لسوء حظه رسب في امتحان القبول وتحديداً في الكيمياء والأحياء ، الا انه أثار إعجاب الأساتذه بإجاباته على أسئلة الرياضيات والفيزياء، الأمر الذي دفع بمدير المعهد الى اعفائه من امتحان القبول .
في المعهد، عاش آينشتاين أجمل سني حياته ، وأحب السويسريين الذين يقدسون معاني الحرية والتسامح ، ولأن ذكريات الدراسة في المانيا وتعصب المدرسين ماتزال تؤثر في نفسيته ، نراه يتخذ خطوة مفاجئة وغير متوقعة من مراهق ، فقد قرر التخلي عن الجنسية الالمانية والسعي لان يصبح مواطناً سويسرياً .ليبدأ مرحلة مختلفة من حياته ، فقد بدأ يتعرف للمرة الاولى على أحدث ما توصل اليه علم الفيزياء ، وخلال دراسته اهتم بتعلم كل ما هو جديد في مجال علم الضوء، ويصف هذه السنوات بأنها كانت الأكثر روعة في حياته .
************
في العام 1900 يدخل آينشتاين عامة الحادي والعشرين ، يعاني من بطالة ، إدارة المعهد الذي تخرج منه بتفوق رفضت تعيينه مدرساً معيداً ، فقد اعتبره الأساتذة مغروراً وقال له أحدهم :"إنك شخص ذكي لكن يشوبك عيب واحد وهو أنك لاتقبل توجيهاً من أحد " ، وأمام هذه الأزمة الجديدة لم يجد مخرجاً غير إعطاء دروس خصوصية. وفي عام 1902 اضطره العوز لأن ينشر الإعلان التالي في إحدى الصحف المحلية الصادرة في برن : "مدرس بإمكانه تقديم دروس خصوصية في الرياضيات والفيزياء للطلبة ، ميزته انه يقدم دروسه بكل أمانة وإخلاص، حاصل على دبلوم من معهد البوليتكنيك، وبإمكانه إعطاء دروس مجانية على سبيل التجربة". ويفشل في هذه التجربة حيث لم يلتحق بدروسه الخصوصية سوى طفلين ، كان كل منهما يدفع فرنكين مقابل كل درس .
في عام 1902 بدأ الفقر يطارده وساءت أحواله المالية لدرجة انه كان ينام لأيام دون ان يتناول الطعام ، الأمر الذي دفع أحد أصدقاء والده للتوسط بتعيينه في وظيفة بمكتب براءات الاختراع ، كانت مهمته فحص هذه البراءة لتقديمها الى المختصين ، ووجد في هذا العمل متعة مكنته من التعرف على افكار المخترعين الصغار .
كان اينشتاين يجد في صديقه بيسومحاورا ممتعاً ، وذات يوم يساله وهما يصيدان السمك في بحيرة قريبة : لو تخيلنا اننا نستطيع ان نطير على شعاع من الضوء بسرعة 186 الف ميل في الثانية ، هل سيبدو هذا الشعاع في هذه الحالة ساكنا ، وحين استغرب الصديق من هذا السؤال العبثي ، قال له اينشتاين : ان الاطفال يطرحون احيانا اسئلة وقحة وساذجة فيبتدخل الكبار لغسكاتهم باحابات تقليدية قد تكون عارية عن الصحة ، وفي بداية عام 1905 اخبر اينشتاين صديقه بيسو بانه على وشك حل لغز الكون ، وبعدها باشهر قدم بحثا اعتبر النواة الاولى للنظرية النسبية متحدياً أفكار الانسان السائدة عن الزمن وعن الفضاء وعن المادة والطاقة. وضمت أسس هذه النظرية موضعين أساسيين: الاول هو نظرية النسبية القائلة بأن جميع الحركات نسبية. وهناك مثل مألوف لهذه النظرية في القطار المتحرك أو السفينة المتحركة. فالشخص الجالس في قطار ذي نوافذ مغطاة بأغطية قاتمة، وبه قليل من الضوضاء، لاتكون عنده اية فكرة عن السرعة، ولا عن اتجاه سير القطار، وقد لايشعر إطلاقا بأن القطار يتحرك، والشخص الموجود في سفينة مقفلة النوافذ، يكون في نفس الموقف، لانشعر بالحركة الا بمصطلحات نسبية أي بالنسبة لأجسام اخرى، وعلى نطاق أوسع، فإن الحركة الأمامية للأرض لايمكن الإحساس بها إن لم تكن هناك أجرام سماوية لعمل مقارنة.
اما الفرض الثاني لآينشتاين فهو إن سرعة الضوء مستقلة عن حركة مصدره، فسرعة الضوء البالغة 186000 ميل/ في الثانية ثابتة دائما في أي مكان على سطح الأرض ولا تتأثر بالمكان أو الزمن او الاتجاه. فمثلاً، في قطار متحرك، يسير الضوء بالسرعة نفسها تماماً التي يسير بها خارج القطار. وما من قوة تؤثر عليه فتجعله أسرع او أبطأ، وزيادة على ذلك، ما من شيء يسير بسرعة اكبر من سرعة الضوء برغم ان الإلكترونيات تقترب كثيراً من هذه السرعة، والواقع ان الضوء هو العامل الوحيد الثابت وغير المتغير في الطبيعة كلها.
وعلى عكس تعاليم نيوتن، أكثر آينشتاين انه ليس هناك شيء يسمى "حركة مطلقة" وأن فكرة الحركة المطلقة لجسم في الفضاء عديمة المعنى.. فالحركة هي الحالة الطبيعية لجميع الأشياء، لايوجد في أي مكان على سطح الأرض او في الكون شيء ما في حالة سكون تام أو سكون مطلق، فالحركة مستمرة في جميع أنحاء عالمنا غير الساكن، ورغم ان اينشتاين حاول ان يتجاوز نظريات نيوتن في الجاذبية الا انه ، حين يسأله محرر مجلة لايف ، عن سر الصورة التي يضعها على المكتب وفي المعمل وفي غرفة أبحاثة ، وقرب سرير النوم ، يجيب إنها لوالدي نيوتن الذي نظّم العالم واستطاع أن يطرد الأرواح والشياطين التي سكنت عالم أرسطو " .
كان آينشتاين قد ابلغ صديقه بيسو أن الأحداث الحاصلة في أماكن مختلفة وفي لحظة واحدة ة لانسان معين ، ليست حادثة في اللحظة نفسها لانسان آخر. فمثلاً إذا حكم بأن حادثين وقعا معاً في وقت واحد لانسان على الأرض وآخر في قطار او في طائرة، فالحقيقة انهما لم يقعا في اللحظة نفسها.
وبتطبيق هذه النظرية على الكون، فإن حادثاً وقع على نجم بعيد، كانفجار مثلاً، وشاهده أحد سكان الأرض، فإن ذلك الانفجار لم يحدث في الوقت نفسه الذي شوهد فيه على الأرض، بل على العكس برغم ان سرعة الضوء 186000 ميل/ ثانية فإن حدثاً وقع على نجم بعيد جدا، قد يكون حدث قبل وصول خبره الى الارض بسنوات. والنجم الذي يرى اليوم هو بلا شك النجم نفسه الذي رؤى منذ زمن بعيد، مع انه ربما لم يعد له وجود في لحظة الرصد.
لما أخذ آينشتاين يطور نظريت النسبية هدم اعتقاداً راسخاً من قبل ، حيث كان الطول والكتلة يتمتعان بميزة مطلقة وثابته تحت كل الظروف. فجاء آينشتاين يقرر ان كتلة الجسم أو وزنه وطوله يتوقفان على سرعة تحرك الجسم.
انتظر أينشتاين دون جدوى ان يلتفت العلماء الى ابحاثه وخاصة بحثه عن النظرية النسبية ، لكن العلماء قابلوا ابحاثه بالصمت والأهمال ، الا ان عام 1906 بدات الاخبار السارة تصل اليه فقد كتب اليه العالم المرموق ماكس بلانك يطلب المزيد من المعلومات عن نظرية أينشتاين لتبدأ رحلة جديدة في تطور النظرية النسبية .
من بين جميع الاكتشافات العلمية العظيمة التي قام بها آينشتاين، كان لأفكاره عن النظرية الذرية أعظم أثرعميق مباشر على عالم اليوم. فبعد قليل من نشر مقاله الاول عن النسبية، كتب بعد عام مقالاً قصيراً "؟ أكد فيه فكرته عن الذرة ، قائلا ان اية ذرة من المادة حتى لو كانت ذرة غبار تحمل في احشائها مخزوناً هائلا من الطاقة ، وذهب ابعد من ذلك حين نشر مقالا نشر فيه أشهر معادلة في التاريخ كله: وااتي خلاصتها ان الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء، فإذا أمكن استخدام الطاقة الموجودة في نصف رطل من أية مادة اطلقت، سينتج قوة تعادل قوة انفجار سبعة ملايين طن من المادة المتفجرة. وكما أشار أحد الفيزيائي الاميركي الشهير روبرت أوبنهايمر :"لولا معادلة آينشتاين لتعثر العلماء في تجاربهم "
ظلت معادلة آينشتاين نظرية حتى عام 1936 اذ غدا مؤلفها مواطناً في الولايات الأميركية اذ طرده النازيون من اوروبا. وإذ يعلم اينشتاين ان الألمان يستوردون اليورانيوم ويقومون بأبحاث لصنع قنبلة ذرية، كتب خطاباً بالغ السرية للرئيس رزوفلت: "وصلتني نسخ خطية عن أبحاث حديثة يقوم بها كل من أ.فيرمى ول. سيزيلارد، تجعلني أتوقع ان عنصر اليورانيوم يمكن ان يتحول الى مصدر جديد مهم للطاقة في المستقبل القريب العاجل.. كما تؤدي هذه الظاهرة الجديدة الى صنع القنابل، ومن المفهوم..ان قنبلة واحدة من هذا النوع، اذا حملتها سفينة وفجرتها في ميناء امكنها تدمير ذلك الميناء كله ومعه بعض الأراضي المحيطة به".
كانت النتيجة المباشرة لخطاب آينشتاين الى روزفلت ان بدأ مشروع صنع قنبلة مالهاتان الذرية، وبعد ذلك بنحو خمس سنوات فجرت اول قنبلة ذرية بولاية نيومكسيكو، وبعدها بمدة وجيزة حدث التدمير الذريع الذي احدثته قنبلة ذرية اسقطت فوق هيروشيما، وكانت السبب في سرعة انهاء الحرب مع اليابان. برغم ان القنبلة الذرية كانت من ابرز التطبيقات العملية لنظريات آينشتاين، فإن المدى الذي وطد شهرته، هو إنجاز شهير آخر.
فمع نظريته الخاصة عن النسبية لعام 1905 كان هناك قانونه الضوئي الكهربي الغامض الذي مهد الطريق لمجيء التلفزيون والسينما الناطقة والعين الكهربية، المعروفة بالعين السحرية التي لقيت استعمالات شتى في كثير من المجالات.
************
في يوم 17 نيسان عام 1955 اسايقظ اينشتاين وهو يشعر بالتعب والارهاق ، طلب من سكرتيرته ان تحضر له نظارته ، وبدا يكتب على عجل بعض الحسابات ، ثم تحدث الى ابنه على سبيل المزاح في نبرة تعبر عن الحسرة : " آه لو أعلم قدراً اكبر من الرياضيات " ، استغرق في العمل وعندما اشتد عليه التعب خلد الى النوم ، وفي صباح الاثنين 18 نيسان عام 1955 سمعته السكرتيرة يتمتم ببعض الكلمات بالألمانية ، عندها اغمض عينيه ، فقد مات العالم الذي حير البشرية عن عمر يناهز السادسة والسبعين ، وبجانب فراش موته كانت هناك اثنتا عشر صفحة من المعادلات الرياضية مكتوبة بخط انيق ، والى جانبها ورقة كتب عليها سطر واحد :" أتحدث اليكم ليس بصفتي مواطناً اميركيا ، ولا يهودياً ، بل بصفتي إنساناً ".