للراحل سعدي الحلي اغنية شهيرة بعنوان "جيران نزلوا بالطرف يا يمه احبهم" غناها في حفلة الكوت ، ثم سجلت على "بكرة " قبل دخول الكاسيت الى العراق، نقل المطرب الراحل للمستمعين مشاعر كاتب الأغنية المعبرة عن حبه للجار ودعوة والدته لإسعافه من عذاب العشق والهيام ، وان تجد له "جارة " بأسرع وقت ممكن قبل ان يسجل في قائمة قتلى العشق . لم يكن كاتب الأغنية يقصد دول الجوار ، وانما وجّه خطابه الى شخص نزل في "الطرف" الزقاق واشعل وجدان الشاعر فحازت "بكرة الكوت " لقب اغنية الموسم .
بعيدا عن جيران الطرف ، تشكو الحكومة وبعض اطرافها السياسية جور دول الجوار ، مقابل ذلك هناك من يتحدث عن دور ايراني في اتخاذ القرار. يقال ان زيارة رئيس البرلمان الاخيرة سليم الجبوري الى طهران جعلته يحتفظ بمنصبه ، مقابل اقالة وزير الدفاع خالد العبيدي، والرجل كان قد حصل على تاييد شعبي بعد جلسة استجوابه في البرلمان ، بين ليلة وضحاها تغيرت مواقف الكتل النيابية فاصبح العبيدي ضحية كشف الفاسدين المتورطين بهدر المال العام. من ينظر الى المشهد من زاوية اخرى يصل الى نتيجة بأن الأمر "دبر بليل" وليس من المستبعد بحسب المعترضين على اقالة وزير الدفاع وجود تدخل خارجي ، خصوصا ان التدخل الايراني في الشأن العراقي وصل الى نظام القطع المبرمج للتيار الكهربائي، حين امتنعت عن تزويد البصرة وميسان بالطاقة الشهر الماضي الا بعد الحصول على استحقاقاتها المالية .
الحكومة الحالية حين اعلنت برنامجها السياسي، اكدت الانفتاح على الجميع في اطار رغبتها في تسوية الخلافات السابقة ، وفتح صفحة جديدة بيضاء ناصعة خالية من استذكار توترات الماضي ، وتمثل ذلك بزيارة كبار المسؤولين عواصم عربية فضلا عن انقرة وطهران بهدف رسم خريطة طريق جديدة لتطوير العلاقات ولاسيما في ما يتعلق بتعزيز التعاون الامني في ظل اتساع نشاط الجماعات الارهابية للوقوف ضد تمددها في دول المنطقة . الدبلوماسية العراقية عجزت عن تطويرالعلاقات لأسباب تتعلق بإطلاق تصريحات "نارية" من اطراف سياسية مشاركة في الحكومة تصل الى الجار السابع .
الدول العربية ،الخليجية منها ، لطالما اتهمت بغداد بانها شجعت ايران على التدخل في الشأن العراقي ، وهناك قوى سياسية عراقية تبنت هذا الموقف على مدى السنوات الماضية وعلى الرغم من كل الاحداث في المنطقة وتداعياتها في ظل اتساع نشاط تنظيم داعش ، القناعات لم يطرأ عليها التغيير ، الجميع متمسك بثوابته ، كأنه يرغب في اعطاء صورة واضحة في اصراره على "العصبية القبلية" بديلا عن العلاقات الدبلوماسية ، الدول الاجنبية تبذل اقصى جهودها لإنهاء التوتر لقناعتها بأن الانفتاح على الخصوم هو الخيار الوحيد لتحقيق مصالحها ، الراحل سعدي الحلي تناول جار "الطرف" في اغنيته بعيدا عن اي غرض سياسي. ظروف المنطقة في المرحلة الراهنة تتطلب تجديد "بكرة حفلة الكوت" لاعتماد خريطة طريق في التعامل الدبلوماسي. وبأرض الكوت هالغبرة لطمها .
جيران نزلوا بالطرف
[post-views]
نشر في: 28 أغسطس, 2016: 09:01 م