خطرت لي أمس مذكرات الجنرال الإنكليزي مونتغمري التي أعود إليها بين الحين والآخر، وأنا أقرأ في الأخبار أن الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي قائد عمليات تحرير الفلوجة، منح إجازة إجبارية دون ان يسمح له بمشاركة جنوده في عمليات تحرير الموصل، وهذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها إبعاد هذا الضابط المهني، فقد كانت الاولى بعد تحرير تكريت، يوم تسابق الجميع لالتقاط صور السيلفي في تكريت بعد ان تم تحريرها، وكانت أبرز الصور التي نشرت آنذاك هي صورة " فخامة نائب رئيس الجمهورية السابق نوري المالكي وتحتها عبارة خطّت بالبنط العريض " بوصول الزعيم تمّ تحرير تكريت " فيما شاهدنا رئيس لجنة الامن والدفاع السابق حسن السنيد يمسك بمنظار عسكري وكأنه يراقب مجريات المعركة، ولا أريد أن أُثقل عليكم بالحديث عن صورة النائبة التي ارتدت اللباس العسكري وفوقه جبّة سوداء، الجميع ذهب لكي يقطف ثمار نصر كتب بدماء البسطاء والمحبين لبلدانهم، فيما قائد المعركة كان يجلس في البيت ينتظر الاوامر العسكرية التي جاءت بعد عام كامل، حيث تم استدعاؤه لقيادة عمليات تحرير الفلوجة، ويوم تحقّق النصر وانهزمت عصابات داعش تكرر حكاية تكريت، وتم الطلب منه الجلوس في البيت، ليتصدّر المشهد ، شخصيات ترى في نفسها هي صاحبىة النصر !
في مذكرات مونتغمري نقرأ أن الجنرال رفض تسلّم رسالة من رئيس الوزراء ونستون تشرشل، تتضمن توجيهات ونصائح عن كيفية إدارة المعركة، الامر الذي أثار استياء واستنكار، ضباط الجيش قبل أن يثير حفيظة مونتغمري فقدم عددا من كبار الجنود والضباط، احتجاجا رسميا الى مجلس اللوردات يسألون فيه هل يجوز التدخل في عمل جنرال له تاريخ طويل وخبرة عسكرية؟ ولكن هذا ليس استجوابا، هكذا ردّ تشرشل، هذه نصائح، وأنا المسؤول أمام الشعب البريطاني عن سلامة القوات وأمن البلاد، لكن ياسيدي ممنوع على حكومة بريطانيا المحاربة أن تستهين بمقاتل مثل مونتغمري يحسب له الالمان ألف حساب.
وأعود الى حكاية الفريق عبد الوهاب الساعدي الذي يحسب له الدواعش الف حساب، لأجد الرجل الذي تعرض الى لدغات الحكومة أكثر من مرة، وحيدا حمحبطا، لاأحد يسأل عنه سوى مواطنين من الفلوجة، والكثير من اهالي تكريت الذي يحفظون له الجميل، خلقاً وتعاملاً وانضباطا عسكريا.
سيقول البعض يارجل هل تنتظر ان يخرج شيء إيجابي من هذه السلطة. لكن ياسادة رغم كل شيء، ورغم السيرك المنصوب في البرلمان، هناك أعمال وطنية مبهرة منها ما اظهره يُظهر الجيش من مقدرة كبيرة ومتميزة في مواجهة عصابات داعش
أعتقد مثلك عزيزي القارئ أن لاشيء في هذه البلاد المستباحة بجهل الساسة وعنجهيّتهم يستحق أن نتوقف عنده ، لكن نقطة ضوء يمثلها مواطن اسمه عبد الوهاب الساعدي في هذا الظلام، شيء يستحق منّا الاعتزاز والتقدير.
حكاية المواطن عبد الوهاب الساعدي
[post-views]
نشر في: 29 أغسطس, 2016: 06:58 م
جميع التعليقات 1
بغداد
استاذ علي حسين شئ غريب عجيب انهم مستمرون في تهشيم الجيش العراقي وإذلاله ؟! والحقيقة بعد عمليات تدمير الموصل سوف يختفي الجيش العراقي فجأة وتستلم بدله فرق الموت ( ميليشيات ولاية السفيه خمنائي ) زمام السلطة وعلناً سوف يعدمون الناس ويعلقوهم في الشوارع ابدا مث