اللغة ترجمة، وكل كلمة نستخدمها تقف لشيء معين، ولن تتحول الى ذلك الشيء. ومثل كافة الترجمات، تتحول اللغة وتصنع العجائب لعدم حقيقتها وتغيرها، إنها مجرد ظل – او اقتراحات او مجرد نصفها. ان كافة الفراغات التي نجدها، قد نجد فيها انفسنا، ولهذا فان الكت
اللغة ترجمة، وكل كلمة نستخدمها تقف لشيء معين، ولن تتحول الى ذلك الشيء. ومثل كافة الترجمات، تتحول اللغة وتصنع العجائب لعدم حقيقتها وتغيرها، إنها مجرد ظل – او اقتراحات او مجرد نصفها. ان كافة الفراغات التي نجدها، قد نجد فيها انفسنا، ولهذا فان الكتّاب، حتى اولئك الذين لم يعيشوا خارج بلدهم، ولغتهم الأصلية، وفي الغالب يلتجئون الى تلك اللغة حيث يرون انفسهم في خدمة تلك اللغة الوطنية، او ان الكتّاب، يصبون في نهر الانسان وتعبيراته.
ان العمل اليومي للكتّاب هو الترجمة واينما تكون الترجمة، هناك قلق من عدم الفهم، او ان لا يفهمك احد، ان السّر هو اللغة الأم. لغة بعد لغة، واحدة تدخل الى القلب مباشرة ،الى قلب الشيء، وتتمكن منه بسرعة، ومن مشاعره. ان التناقض هو ان عدم الامعان في التعبير كان ممكناً باسمترار وهو سيختفي ان لم يبادر الجميع الى الادب. ان التعبير الانساني مليء بالصمت. وكافة الكتب التي نحبها تعتمد على ثقتنا بما نقول.
انا لا اقترح ذلك الامر، ولهذا من غير الممكن الكتابة بلغة واحدة فقط، او إحدى هذه التجارب قد كشفتني ولغتي ايضاً، وهذا هو سبب تجنبي إغراء النهايات الدراميّة للغة ولهذا السبب اتجنب إغراء النهاية الدراماتيكية. للتفكير في هذا الامر الضيق ومصيره. والانتهاء بلغة ليست تلك التي ولدت معها. او غيرها. ان الحقيقة في مكان آخر. انني ليبي يكتب بالانكليزية - واكتب بلغة لم يكن والدي يريدني الكتابة بها اليه - ومع ذلك فان نتائج هذا الامر لم تكن مؤسفة او مخجلة لأن ذلك الامر يمس الكبرياء. وحتى ان الامور التي تدفع الى عدم الاساءة الى النفس، وإعطائها حقها، وتلك الامور بدأت تختفي تدريجياً. وما يبقى هو الكاتب واهتماماته بعمله، وانشغاله اليومي للتعبير عن نفسه في ثلاث نقاط، الذاكرة، الفضول، وما يريد ان يفعل بإرادته، والعمل اليومي وإرادته الخاصة. وحتى في خلال الاعوام عندما ناضلت مع هذا السؤال عن الكتابة بلغة لم تكن لي، لغة بكلمات اخرى، توجب علي ان تكون لي، ولم اقلق عندما اكتبها. ومثل هذه الشكوك تراودني عندما اكون كئيباً وكأنما الامر متعلق بالتعبير، وكأنما اللغة هي للتفاهم والتعبير، والكتابة للاستفادة منها، بدلا من عدم معرفتها ولا نعرف ما نقوله او نكتبه.
* هشام مطر: آخر كتبه: عودة الآباء، الابناء والارض عن دار (الفا يكينغ) وسيطرح الكتاب للبيع في نهاية هذا الشهر.
عن: الغارديان