اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غلظة سعوديّة وسماحة كويتيّة

غلظة سعوديّة وسماحة كويتيّة

نشر في: 31 أغسطس, 2016: 06:52 م

ارتبط عراق ما بعد 2003 بعلاقة معقدة مع دول الخليج، أثرت بشكل كبير على طبيعة المبادلات الثنائية مع هذه الدول التي لعب بعضها دوراً سلبياً بعد الاطاحة بنظام صدام.
إلا ان المراقب يجد نوعا من الخصوصية تتحكم في علاقة بغداد بدولتين خليجيتن، وهما الكويت والسعودية. وتصلح هذه الخصوصية لأن تكون مادة للتحليل والمقاربة في اطار علاقتنا مع دول الاقليم.
فبالنسبة لعلاقتنا مع الكويت، لم يمنع الارث الثقيل للاجتياح الصدامي عام 1990، من ان تطور علاقة البلدين على المستوى الدبلوماسي والتجاري وحتى الثقافي.
فقد كانت الكويت سباقة في تطبيع علاقتها مع بغداد، وسجلت سبقاً خليجياً بحضورها في المشهد العراقي. وقد ساعدت هذه الاندفاعة الكويتية على حل الملفات العالقة بين البلدين، وابرزها مشاكل الحدود، والتعويضات، والارشيف الحكومي، والاسرى والمفقودين.
وعلى الرغم من وجود اصوات معارضة ومناهضة للتطبيع على الجانبين، إلا ان ذلك لم يمنع تعزيز العلاقات الثنائية التي لم تستغرق طويلاً لتتحول الى علاقة نموذجية يسودها التعاون والاحترام المتبادل.
ويعود الفضل في ذلك الى عقلانية وانفتاح القيادة الكويتية التي نجحت بمغادرة الماضي، وقررت انتهاج سياسة ايجابية مع العراق الجديد. وانعكست هذه الروح  على طبيعة السفراء الكويتين في بغداد، وأثرت في  نشاطهم الدبلوماسي الذي نجح في مغادرة الماضي وشجونه.
وتكللت هذه العلاقة النموذجية، بتمثيل دبلوماسي رفيع الى القمة العربية في بغداد عام 2012، ترأسه الامير صباح الاحمد، ووقفته الكريمة الى جانب العراق في ازمته المالية بتأجيل سداد التعويضات، بل والحديث عن تحويلها الى استثمارات داخل البلاد.
هذه الاجواء الودية التي تسود العلاقة بين العراق والكويت، لم تعكرها انتقادات عراقية من هنا، وتحريض كويتي من الجانب الآخر، لكن الدولتين  نجحتا بتبديد هذه المنغصات.
فببساطة كانت القيادة الكويتية تمتلك مفاتيح مناسبة لفهم التحول السياسي والاجتماعي الذي طرأ على عراق ما بعد صدام حسين. ورغم ان العراق أضعف من ان يشكل تهديداً لها في المستقبل المنظور، إلا ان الكويت حزمت أمرها وشرعت الابواب والحدود على مصراعيها. ومياه العلاقات الآن أنقى ما يكون.
وعلى العكس من علاقتنا مع الكويت، كانت علاقتنا مع السعودية. فلم تفلح المبادرات العراقية في تبديد غلظة دبلوماسية سعود الفيصل ولا خليفته عادل الجبير، ولم تنجح في تغيير نظرة العائلة المالكة للنظام الجديد.
فمنذ الاطاحة بصدام، والنظام السعودي يملأ الفضاء عويلاً على عروبة العراق، وارتهانه الى هذه الدولة او تلك، من دون ان يبذل جهوداً حقيقية للخروج من دبلوماسيته السلبية.
وكشفت وثائق (سعودية ليكس) كيف تعرضت الرياض الى تضليل كبير وممنهج عن حقيقة ما يدور في العراق طيلة الفترة الماضية. واشارت وثائق الخارجية السعودية الى دور شخصيات وشيوخ عشائر عراقية في تحريض النظام السعودي على نظيره العراقي.
على ان ذلك لا يعني "سلامة نية" الجانب السعودي الذي اضطر، بفعل ضغوطات اميركية كبيرة في 2014، لتعيين احد أسوأ الدبلوماسيين على الاطلاق كسفير في العراق.
ومنذ مباشرته مهامه في بغداد مطلع 2015، تحول السفير السعودي ثامر السبهان الى بؤرة لتوتير العلاقات الثنائية، وكأنه مبعوث رسمي لتقويض ما تبقى من هذه العلاقة التي تمسكت بها الدبلوماسية العراقية بطريقة مهينة.
لقد مارس السبهان طيلة الشهور الماضية كل أشكال الاستهانة بالسيادة العراقية، وخرق كل بروتوكولات التمثيل الدبلوماسي، وتعامل بغلظة وجلافة منقطعة النظير مع قضايا بالغة الحساسية في الشأن العراقي. وكل المعطيات تؤكد ان المواقف الاشكالية للسبهان، كانت معبرة عن سياسة رسمية تهدف الى الهيمنة والوصاية. وهذا ما انعكس في قائمة طلبات السبهان من الحكومة العراقية، وعراكه المستمر.
ورغم أهمية السعودية، إلا ان حكومتنا بالغت باندفاعها، وغالت في خطب ودّ نظام يمثل حاضنة خطاب تكفيري اشبعنا قتلا منذ 2003، ولعب دوراً مؤثرا في إغراق السوق النفطية، ووضع المنطقة على حافة الافلاس.
ما بيننا وبين السعودية حب من طرف واحد. واذا كان هذا النوع من الحب قد يناسب العلاقات العاطفية، إلا انه لا يناسب العلاقات بين الدول بالمرّة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram