د. عبد الجبار عبود الحلفي*تعد المشروعات الناجحة للشركات النفطية في مختلف مدن العالم، دروساً يمكن الاستفادة منها في إعادة إقامة وتوطئة تلك المشروعات في مدن جديدة ذات إمكانات نفطية وغازية معروفة، خاصة تلك المشروعات القائمة على الاستغلال الأمثل للموارد المحلية وتعظيم الإفـادة منها، مـن خلال تأسيس صناعات لاحقة Down Stream .
ولعل تجربة شركتي (دانا غاز) و(الهلال النفطية) في إقليم كردستان العراق تمثل أفضل المشروعات الناجحة لشركتين عربيتين نفطية في القطاع الخاص العربي. والتساؤل المطروح هنا: هل يمكن إعادة تلك التجربة في جنوب العراق أو في وسطه لإقامة مدينة غازية، مثل مدينة البصرة على سبيل المثال، بما تمتلكه من موارد غازية ضخمة مع افتقارها الى محطات طاقة كهربائية تغطي الطلب المحلي المتزايد؟rnتجربة دانا غاز ونفط الهلال في إقليم كردستان العراقلم تكن إمكانات الطاقة الكهربائية في إقليم كردستان العراق تغطي طلب الحاجة للاستهلاك إلا بنسبة لا تزيد على 50% تقريباً لمدن الإقليم الثلاث، أربيل، السليمانية، دهوك، حالها حال مدن العراق الأخرى، مما جعل الأهالي يعتمدون على المولدات الكهربائية للقطاع الخاص في الحصول على الطاقة للاستهلاك المحلي في أوقات انقطاع التيار الكهربائي المبرمج، ما جعل الأحياء السكنية تزدحم بالأسلاك الكهربائية الممتدة من المولدات الى المنازل والمحال التجارية وغيرها، (شاهد كاتب المقال هذا الوضع في العام 2007 قد أدى هذا الوضع في النقص في إمدادات الطاقة الكهربائية الى تذمر الأهالي وخاصة أصحاب المعامل والورش والحرفيين فضلاً عن الحرج الذي يصيب المستشفيات والمؤسسات الحكومية الأخرى . فبادرت حكومة الإقليم الى مفاتحة شركتي دانا غاز والهلال النفطية لاستثمار الموارد الغازية في الإقليم، وبعد مفاوضات سهلة عقد اتفاق وتحالف ستراتيجي في نيسان / ابريل 2007 باستثمارات بلغت 650 مليون دولار مناصفة بين دانا غاز ونفط الهلال، ما جعله اكبر استثمار يتقدم به القطاع الخاص في العراق منذ العام 2003 وحتى الآن بهدف توفير 1250 ميغاواط من الطاقة الكهربائية من محطات كهربائية جديدة تخدم أكثر من (4) ملايين من سكان الإقليم العراقيين هناك في مختلف الأغراض . وقامت الشركتان بأجراء مسح زلزالي للمنطقة ذات الطوبوغرافيا الجبلية الوعرة والمعقدة بما تحتويه من ألغام قديمة والتواءات، ومن تنفيذ سلسلة من عمليات الاستكشاف والتنقيب لحقول الغاز وحفرها وتشغيلها، وتركيب معدات معالجة متطورة . وتضمن المشروع إنتاج 300 مليون قدم مكعب غاز يومياً خلال منتصف العام 2009 وجرى البدء بأنتاج 750 مليون قدم مكعب يومياً نهاية العام 2008 بعد تشييد خط أنابيب بطول 190 كيلومتراً وقد بدأ المواطنون هناك يشعرون بنعمة الكهرباء وهم يستقبلون العام 2010. ومن المؤمل إنجاز مشروع (مدينة كردستان الغازية) وهو مشروع صناعي ضخم رائد ومبتكر يهدف الى تعظيم الإفادة من موارد الغاز المتوفرة في المنطقة لغرض إنشاء مؤسسات صناعية متكاملة وتشجيع القطاع الخاص للدخول في استثمارات صناعية متنوعة ذات العلاقة بالغاز الطبيعي واستخداماته في الإقليم، ما يؤدي الى تشغيل أكبر عدد من الأيدي العاملة وتخفيض البطالة والفقر وزيادة معدلات النشاط والنمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة على مراحل متلاحقة، والآن بدأ التحسن واضحاً في الطاقة الكهربائية في مدن الإقليم مما جعل المواطن متمتعاً بالطاقة الكهربائية مع تشغيل مصانع القطاع الخاص والعام بالاعتماد على المصادر الغازية.. إن هذه التجربة بكل المقاييس يمكن تعميمها على أكثر المدن العراقية خاصة تلك التي تتوافر فيها مصادر الغاز الطبيعي.rnالبصرة بوصفها مدينة غازيةإن اختيار مدينة البصرة لكي تكون مدينة غاز في جنوب العراق وكنموذج تحتذى به مدن عراقية أخرى مستقبلاً يأتي لأسباب عدة في مقدمتها :1- توفر كميات ضخمة من الغاز الطبيعي تقدر بنحو 7 , 1 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المؤكد ونحو 9 ,1 تريليون متر مكعب محتمل، فضلاً عن وجود 65 مليار برميل من النفط الخام كاحتياطي ونحو 125 محتملاً، ان الغاز الطبيعي المنتج في شركة نفط الجنوب والمقدرة (900) ألف قدم مكعب قياسي ينصرف الى مشروع الغاز في خور الزبير ومصنع تسييل الغاز، وهناك غاز محروق مهدور تقدر كمياته بنحو مليار متر مكعب سنوياً . وبالرغم من عقد اتفاقية بين الحكومة العراقية وشركة شل لاستثمار 700 ألف قدم مكعب من الغاز يومياً العام 2008 إلا أن الغاز المحروق ينتظر تقنيات متطورة للاستثمار، كما أن حقل السيبة الغازي غير المطور يتضمن نحو (250-350) مليار متر مكعب من الغاز الحر، حيث أكتشف الحقل في بداية ستينيات القرن الماضي من قبل إحدى الشركات الفرنسية هنا يمكن عقد اتفاقية عقد خدمة أو شراكة مع شركتي دانا غاز ونفط الهلال لاستثمار حقل السيبة كنواة لإنشاء مدينة غازية في جنوب العراق تضم مجمعات صناعية متطورة ومتكاملة، مثل صناعة البتروكيمياويات والحديد والصلب والأسمدة والألمنيوم؛ إذ يمكن استخدام الغاز المعالج والمصنع كوقود ولقيم لهذه الصناعات بما يخفض تكاليف الإنتاج والبنية التحتية ويسهم في حفز النشاط الاقتصادي، وتوفير فرص التنمية العمرانية كالمعارض والفنادق
مدن الغاز بين كردستان و جنوب العراق
نشر في: 1 فبراير, 2010: 04:50 م