اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > 30 مليار دولار سنوياً للاستيراد.. إجراءات حكومية معقدة تعيق إجازات المشاريع الصناعية

30 مليار دولار سنوياً للاستيراد.. إجراءات حكومية معقدة تعيق إجازات المشاريع الصناعية

نشر في: 3 سبتمبر, 2016: 12:01 ص

استبشر الصناعي محمد حسون بعودة الامان والحياة ولو بشكل نسبي مع جملة وعود حكومية قرر بموجبها اعادة مزاولة عمله الصناعي. الا ان استبشار حسون لم يدم طويلا في ظل الفوضى والارتجال والروتين التي تعيشها دوائر الدولة العراقية اذ عاد الصناعي بخفي حنين بعد عدة

استبشر الصناعي محمد حسون بعودة الامان والحياة ولو بشكل نسبي مع جملة وعود حكومية قرر بموجبها اعادة مزاولة عمله الصناعي. الا ان استبشار حسون لم يدم طويلا في ظل الفوضى والارتجال والروتين التي تعيشها دوائر الدولة العراقية اذ عاد الصناعي بخفي حنين بعد عدة اشهر من المراجعات بين الدوائر والوزرات المعنية بتنشيط المبادرة الصناعية واعادة الروح للصناعات الوطنية العراقية ان كان القطاع العام او الخاص الذي بات عاجزا كالعام عن دعم الانتاج الوطني.

موافقة سبع جهات حكومية
القصص عديدة ومتنوعة  منها مارواه الصناعي خالد احمد لـ( المدى ) والذي بين انه  من الصناعيين العاملين في البلد منذ السبعينات. مبينا انه كان يملك معملا في منطقة جميلة للصناعات الغذائية وحين اجبر على مغادرة البلد بعد عام 2005 تم اغلاق المعمل بشكل نهائي. متابعا: وبعد عودتي الى العراق عام 2011 قررت ان انقل المعمل الى المنطقة الصناعية.
واضاف احمد: بغية الحصول على الاجازة للمشروع لابد من موافقات وزارة الصناعة والمتمثلة بالتنمية الصناعية ووزارة العمل ووزارة الصحة والبئية وامانة بغداد والهيئة العامة للضرائب. منوها الى العلامة التجارية التي تكون ملزمة هي الاخرى. لافتا  الى أن هذه الرحلة تمتد لاكثر من ستة اشهر وتكون بموافقة اكثر من سبع دوائر حكومية مختلفة الاختصاصات ومتعددة الرسوم التي يجب أن تدفع  ناهيك عن مزاجية الموظفين الذي نتعامل معهم.

30 مليار دولار سنوياً
المديرية العامة للتنمية الصناعية احدى الدوائر التابعة الى وزارة الصناعة والمعادن اعلنت عن تبنيها خطة فعالة لتشغيل (20) الف مشروع صناعي متوقف واستغلال ما يقارب 300 الف فرصة عمل مجمدة .وقال مدير عام المديرية المهندس هادي علي حسن في تصريح صحفي ان وزارة الصناعة فاتحت وزارة التجارة لتزويدها بقوائم المنتوجات الصناعية المستوردة خلال العام الماضي ليتم تحديد الفقرات الاستيرادية الرئيسية والتركيز عليها عن طريق حزمة من الاجراءات. مضيفا: منها منح قروض للمعامل المختصة بانتاج الفقرات المماثلة لاعادة تشغيلها بالشكل الذي يؤمن تلبيتها للحاجة المحلية للحد من تدفق العملة الصعبة خارج البلاد والتي قد تصل الى 30 مليار دولار سنويا. لافتا الى اجراءات اخرى كتشجيع المنتج المحلي والعمل بقانون حماية المنتجات العراقية وفرض التعرفة الكمركية على السلع والبضائع المستوردة.

ستراتيجية تطوير القطاع الخاص
وتابع حسن ان المديرية العامة للتنمية الصناعية قد باشرت بمنح اجازات تحت التأسيس للمشاريع الصناعية للصناعيين موقعيا في محافظات العراق وبدأت اجراءاتها العملية في محافظة الديوانية كونها المحافظة الاقل نموا والاكثر بطالة حسب مؤشرات وزارة التخطيط. متابعا:  وقد تحققت نتائج جيدة جدا تمثلت بمنح 64 اجازة تحت التأسيس لمشاريع صناعية بمختلف القطاعات وسيتم منح اجازات اخرى في وقت لاحق. كاشفا عن تطبيق هذه التجربة في باقي المحافظات تباعا وحسب مؤشراتها الاقتصادية المثبتة لدى وزارة التخطيط. مشددا على ان الوزارة تعتبر الاولى من بين وزارات الدولة في تطبيق ستراتيجية تطوير القطاع الخاص لاهمية هذا القطاع الذي يشكل  (80%) من الناتج الوطني في العديد من دول العالم ويسحب ما يقارب (60%) من الايدي العاملة فيها.

التجربة الصناعية الألمانية
مرتضى شبّر احد الصناعيين المتقاعدين يتحدث بمرارة عن الواقع الحالي للصناعة المحلية وماتعيشه من الم بسبب التعليمات وغيرها من الامور يروى قصة صناعي الماني قرر انشاء مصنع لصناعة الملابس  في احدى مناطق البلاد اذ شاهد الحاكم انذاك سير العشرات من العمال باتجاه المصنع وعلى الفور قرر تسيير خط اخر من القطارات الى اقرب نقطة للمصنع. مضيفا: كما قام الحاكم بزيارة صاحب المصنع والوقوف على اهم الحاجات التى يمكن ان تقدمها حكومة الولاية له. منوها ان الصناعي شرح مشكلة نقل المواد الاولية والانتاج وطلب ان يتم نقلها عبر القطارات على ان يدفع ثمن النقل الى دائرة النقل بالاضافة الى مشكلة مد انبوب مياه.
واضاف شبر: على الفور قرر الحاكم قيام الدائرة المختصة بمد انابيب المياه للمصنع شرط ان يقوم الصناعي بدفع التكاليف بعد ثلاثة اعوام. متسائلا: لاحظ الفرق مابين تجارب دول العالم ودعمهم للصناعيين وتجربة العراق وحجم المعاناة في الحصول على اجازة ممارسة مهنة. منوها الى غرق السوق المحلية بالعديد من المواد والسلع المستوردة غير الصالحة للاستعمال البشري امام مرأى ومسمع دوائر الرقابة الصحية.

منح الإجازة مركزياً
عن دور وزارة الصحة بهذا الشأن قال مدير قسم الرقابة الصحية في الوزارة الدكتور على التميمي لـ(المدى): ان آلية منح اجازة ممارسة المهنة لاي مشروع صناعي تخضع للقانون رقم (6) من قانون الصحة العامة. متابعا: ولواجب  مطابقة عدد من الشروط الصحية الواجب وجودها في المشروع ومنها المساحة وسلامة العاملين بالاضافة الى المتطلبات الصحية للبناية وسلامة المنتوج. مشيرا الى وجود تعليمات صدرت من الامانة العامة لمجلس الوزراء والخاصة بوجود عدد من الموافقات الرسمية لبعض الجهات الرسمية ومنها البئية والضرائب والتنمية الصناعية والعلامة التجارية بالاضافة الى اجازة ممارسة المهنة من قبل دائرة البلدية التي تقع ضمن حدود بلدية المشروع كشرط لمنح الاجازة الصحية.
واشار التميمي الى ان نقل الصلاحيات الى المحافظات سيخلق نوعا من الارباك والتداخل في التعليمات. موضحا: أن كل محافظة ستصدر تعلميات خاصة بها وهذا سيتعارض مع التعليمات المركزية بهذا الخصوص ومنها اجازة ممارسة المهنة للمشروع الصناعي تحديداً.

مسؤولية الجهاز المركزي
وزارة التخطيط، اكدت ان الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية هو الجهة الحكومية الوحيدة التي تمنح اجازات ممارسة مهنة الصياغة في العراق، نافيةً في الوقت ذاته وجود اية جهة اخرى لاصدار تلك الاجازات.
وذكر بيان المتحدث الرسمي باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، ان الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية هو الجهة الحكومية الوحيدة المختصة بمنح اجازات ممارسة مهنة الصياغة في العراق مضيفا انه لا توجد اية جهة اخرى مخولة باصدار مثل هذه الاجازات.

البيروقراطية الإدارية القاتلة
حزمة القرارات والإجراءات التي أصدرها  مجلس الوزراء بناء على توصيات ورشة إصلاح القطاع الصناعي الخاص، والتي تضمنت التأكيد على أهمية تفعيل قوانين حماية المستهلك وحماية المنتجات العراقية والمنافسة ومنع الاحتكار وتعديل قانون صندوق دعم التصدير المعدل وغيرها من القوانين ذات الصلة، كذلك  الزام الوزارات والجهات ذات العلاقة بإصدار الأنظمة والتعليمات التي تساهم في تبسيط وتفعيل تلك القوانين.
الصناعي فلاح عبد الكريم بيّن ان هذه التعليمات جاءت لدعم الصناعة العراقية لكن في الواقع هي حبر على ورق. متابعا: ان هناك صعوبات كثيرة في استحصال الموافقات من الجهات المعنية بالمبادرة خاصة اجازة ممارسة المهنة الواجب احضارها من دائرة البلدية لغرض الحصول على الاجازة الصحية. مشددا: انها اجراءات بيروقراطية قاتلة.

إعادة النظر بالتعقيدات الحكومية
الصناعي عبد الكريم الذي التقت به (المدى) في مقر اتحاد الصناعيين العراقيين ذكر: ان ما يتعرض  له القطاع الصناعي  في العراق  شيء مؤلم ومدمر للصناعة الوطنية التي كانت احدى سمات الدولة العراقية. مشيرا الى المنافسة مع المنتوج المستورد الذي غالبا ما يكون غير مطابق للمواصفات العراقية. لكن اسعاره تكون مقبولة عند المستهلك. لافتا الى جودة المنتوج الوطني وكلفة انتاجها العالية قياسا بالمستورد المستحوذ على السوق المحلية.
واسترسل عبد الكريم: الامر لم يتوقف عند هذا الحد بل زادت التعقيدات الحكومية من اعادة الروح للصناعة الوطنية. منوها الى جملة التعليمات الجديدة التي يجب اتباعها في منح تجديد الاجازة الصناعية التي تستهلك وقتا وجهدا ليس بالقليل من قبل الصناعي. داعيا الى ضرورة اعادة النظر بتلك التعليمات وتسهيل الاجراءات من اجل النهوض بالقطاع الصناعي العراقي. مستطردا: ان ذلك لايتم الا بتظافر الجهود المخلصة لمختلف أبناء الشعب خاصة  منهم ذوي المهارات والكفاءات والاكاديميين والباحثين والمشرعين القانونيين لصياغة مشروع وطني ووضع خطط تنمية مستدامة تهدف لاحياء هذا القطاع الاقتصادي الحيوي.  

حدود الاتحاد محدودة
عن دور اتحاد الصناعيين بهذا المجال بين الصناعي احمد عبد الغفار: أن عمل الاتحاد ودعمه الى الصناعيين محدود. عازيا ذلك الى الوضع العام بالرغم من وجود بعض المحاولات للتاثير على اصحاب القرار لغرض دعم الصناعيين لكنه محدود جداً. واشار عبد الغفار الى تجربة المصريين في هذا المجال ودعم الدولة لهم من خلال تحديد مناطق صناعية كاملة الخدمات لغرض اقامة مشروع صناعي في حين نفتقر الى وجود تلك المناطق. مردفا: وان اقدم شخص على بناء مصنع فهذا يعني وجوب الحصول على موافقات من اكثر من سبع جهات حكومية واحدة تناقض الاخرى الامر الذي يؤدي بالاخير الى احباط الصناعي وموت المشروع الذي يمكن ان يوفر العملة الصعبة وتشغيل الايدي العاملة.

الحبس والغرامة
"المدى" تساءلت :في حال عدم الحصول على الاجازة الصحية بسبب الاجراءات الادارية هل بالامكان قيام صاحب المشروع بالانتاج وتوزيعة في السوق المحلية. عن ذلك التساؤل اجاب الصناعي خالد جواد: أن وزارة الداخلية والمتمثلة بمكافحة الجريمة الاقتصادية ومن خلال وجود مفارزها في الاسواق المحلية ستتعرف على المنتج المحلي ومكان تصنعيه. مبينا: ان صاحب المشروع سيتعرض للحبس والغرامة فوراً. مردفا: في الوقت الذي تدخل فيها البضائع الرديئة امام الجميع دون محاسبة اي جهة.

هجرة رأس المال الصناعي
الخبير الاقتصادي جهاد العاني  يوضح لـ(المدى) أن تنمية القطاع الخاص شبه معدومة في البلاد نتيجة عدم وجود تصور عملي وفكري لدى أصحاب القرار سواء في الحكومة او البرلمان عن كيفية استثمار القطاع الصناعي في رفد وانعاش الاقتصاد الوطني. مبينا: ان تعزيز القطاع الخاص من شأنه ان يعالج الكثير من مشاكل البلد وأهمها البطالة التي يعاني منها اغلب الشباب العراقي. مستطردا: وان عدم الاهتمام بهذا القطاع دفع بالعديد من أصحاب رؤوس الأموال العراقيين إلى الهجرة الامر الذي ادى الى تدهور الصناعة العراقية خاصة بعد اعتماد سياسة الباب المفتوح على صعيد التجارة الخارجية والاستيراد العشوائي.

الفساد المالي والاداري
واسترسل الخبير الاقتصادي: الاستيراد العشوائي اغرق السوق العراقية بالسلع المختلفة ومن مختلف دول العالم منها مناشئ غير معروفة. متابعا: دون مراعاة حماية الانتاج المحلي او المستهلك العراقي والمحافظة على العملة الصعبة التي تدخل من جانب واحد متمثل ببيع النفط.  مشددا ان هذه العشوائية اوصلت الصناعات التحويلية الى رمقها الاخير. مردفا:  ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير بعد الانخفاض الكبير في سعر النفط الخام في الربع الاخير من العام 2014 ناهيك عن استفحال الفساد الاداري والمالي في الوزارات العراقية كافة وحالات الابتزاز التى يتعرض له الصناعي من  بعض موظفي الدولة تحت ذريعة تنفيذ التعليمات الحكومية.

النهوض بالمدن الصناعية
رئيس اتحاد الصناعات العراقي علي صبيح بين ان الحديث عن المدن الصناعية حديث عن ستراتيجية صناعية وخطط تنموية وللمتتبع الحق في قول الكثير من الرأي حول هذا المضمون. متابعا: اذ ان له مثل الذي عليه، بمعنى ادق ان من يريد للمدن الصناعية نجاحا فعليا عليه ايجاد كل السبل للنهوض بتلك المدن. مضيفا: وله الحق ايضا ان يجد المنافذ التي تهيئ له النجاح ليكون مشروعاً عملاقا وستراتيجية موضوعية وهو ما تضمنته الاصلاحات وطالبت الجهات ذات العلاقة تسريع هذا الملف لما له من ايجابيات في توفير الفرص المتكاملة لذوي المشاريع التي حازت على موافقات التأسيس ضمن الشروط المطلوبة.

ملامح الصناعة العراقية والدعم حكومي
واوضح صبيح: وبهذا نكون قد وفرنا الكثير لتلك المشاريع وسرعنا في تدعيم الصناعات وتنشيط  العقول التي تهدف لتفعيل القطاع الخاص من خلال مشاريعها وان كانت بعيدة المدى احيانا بمردوداتها المتواضعة. مؤكدا: لكنها ستشكل رقم المعادلة الصعبة في انجاح ملف العمل وتوفير الخطوات الاولى لتشغيل عدد لاباس به من الخريجين والكفاءات العلمية اذا تم التخطيط لها بدقة متناهية. موضحا: ففي مثل تلك المراحل من التأسيس ووضع اللبنة الاساس للنمو تلك التجربة وتوفيرها الامور التي تكون ضمن الخطوط الرئيسية وانا شخصيا اعتقد ان نجاحها بتوفير المتطلبات وباننا وجدنا مثل تلك المدن في دول اقليمية ودولية...  واضاف رئيس اتحاد الصناعيين: النجاح يأتي بالخطوات الصحيحة وعلينا السير لقاعدة بيانات سلمية عن عدد وكم المشاريع بدقة يتمكن خلالها المكلفون بالامر والمعنيون تحديد الخطوط العريضة لمثل تلك المشاريع الكبرى. مضيفا: كمدن صناعية الاساس وتأتي بعدها ستراتيجية مضمون للمشاريع وضرورة التنوع خلالها كي تكون متكاملة وبجميع مفاصل تلك المشاريع بجدوى اقتصادية لتشكل ملمحا من ملامح الصناعة العراقية وبدعم حكومي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram