اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > دخلت البلاد كنبات زينة..زهرة النيل تهدد المياه والزراعة والأسماك

دخلت البلاد كنبات زينة..زهرة النيل تهدد المياه والزراعة والأسماك

نشر في: 4 سبتمبر, 2016: 12:01 ص

موطنها الأصلي حوض نهر الأمازون في البرازيل – أمريكا الجنوبية، ومنه انتشرت الى أكثـر من 70 بلداً من بلدان العالم وبضمنها العراق الذي دخلته منتصف الثمانينات كنبات زينة. وقد انتشرت في بداية الأمر في قناة الجيش ولم تُبذل جهود جدية للتخلص منها بصورة

موطنها الأصلي حوض نهر الأمازون في البرازيل – أمريكا الجنوبية، ومنه انتشرت الى أكثـر من 70 بلداً من بلدان العالم وبضمنها العراق الذي دخلته منتصف الثمانينات كنبات زينة. وقد انتشرت في بداية الأمر في قناة الجيش ولم تُبذل جهود جدية للتخلص منها بصورة مبكرة. ومن ثم انتشرت في نهر ديالى وبعض أجزاء من نهر دجلة الذي دخلته عن طريق نهر ديالى حتى وصلت الى مدينة واسط مقدم سدة الكوت. كما ثبت تواجدها في الغراف والحسينية والدجيله وغيرها العديد من الجداول والقنوات في محافظات الديوانية وكربلاء وبابل وميسان وسدة سامراء. لم تكتفِ زهرة النيل بهدر المياه العراقية في الأنهار بل هاجمت هذه المرة الأهوار التي تبحث عن زيادة حصتها المائية خاصة بعد دخولها ضمن التراث العالمي المحمي.

مصدات لوقف زحف الزهرة
وزارة الموارد المائية وبالتعاون مع وزارتي النقل والنفط أنجزت نصب أحد المصدات في هور أبو زرك وعمود نهر دجلة. وذكر إعلام الوزارة انه واستجابةً لما قدمه وزير الموارد المائية حسن الجنابي من توصيفات دقيقة لصعوبة الوضع واستناداً الى مسوحات ميدانية وآلية فقد استجابت وزارتا النقل والنفط بعرض كامل إمكانياتهما للمشاركة في هذه المهمة الوطنية. مضيفاً: تم تشكيل فريق عمل برئاسة وزير الموارد المائية وعضوية مستشار الوزارة والمدراء العامين لكل من الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل والهيئة العامة لصيانة مشاريع الري والبزل والهيئة العامة لكري الانهر ومركز إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة.

حاصدات برمائية للحد من الخطورة
وحسب مختصين, فإن زهرة النيل تعد أخبث نبات ضار في العالم، وفي حال انتشارها فإنها سوف تقضي على كل النباتات المائية في بيئة الأهوار، وقد تزحف على المحاصيل المجاورة في تلك المناطق وتلحق بها الضرر الفادح والكبير والذي لايمكن تلافيه بسهولة، مؤكدين أن تسرب زهرة النيل الى الأهوار يعد كارثة وفق المقاييس البيئية خاصة في هذه الفترة التي تحتاج فيها الأهوار لكل قطرة ماء.
 مسؤول منظمة طبيعة العراق الباحث المتخصص في بيئة الأهوار "جاسم الأسدي" بيّن أن المجرى العميق للهور تم قطعه لمنع انتقال النبتة الى أماكن أخرى من الأهوار، مؤكداً ان الوضع تحت السيطرة بنسبة كبيرة وان وزير الموارد المائية د. حسن الجنابي يتابع باهتمام شديد تطورات هذه الآفة الخطيرة. مضيفاً: أن الوزارة لديها جهد لايستهان به في المقطع الشمالي من هور ابو زرك، حيث أرسلت (12) حفارة برمائية للعمل في مواقع معينة، إضافة الى حاصدات برمائية لمكافحة زهرة النيل.

معالجتها ليست مستحيلة
حسب تصريحات المعنيين والمختصين فإن وجود زهرة النيل يقتصر لغاية الآن على هور أبو زرك، الذي وصلته عن طريق المصب العام، لكن تبقى فرص انتقال تلك النبتة الضارة الى مناطق أخرى من الأهوار قائمة، وذلك لأن الأهوار عبارة عن مسطحات مائية مفتوحة، وهو ما يتطلب القيام بجهود كبيرة لمكافحة تلك النبتة والحد من مخاطرها التي بينها مسؤول منظمة طبيعة العراق جاسم الأسدي في أن خطورة زهرة النيل تكمن في امتصاصها لكميات كبيرة من المياه، إضافة الى منافستها لبعض أنواع النباتات المائية الأخرى في الأهوار الى حد القضاء عليها، معتبراً أن عملية التخلص من تلك النبتة ليست مهمة مستحيلة، وهناك تجارب عالمية في هذا المجال يمكن الاستفادة منها، فالعديد من الدول كمصر والبرازيل كانت تعاني من زهرة النيل، لكنها عالجت المشكلة.

معاناة المزراعين ووضعهم الاقتصادي
نهر دجلة هو المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه المزارعون في محافظة واسط وأغلب المحافظات الجنوبية في ري مزروعاتهم، كما يعتمدون عليه في تربية الأسماك والمواشي، إلا أن زهرة النيل اخذت تسبب معاناة للمزارعين خاصة بعد انتشارها في الأنهر والجداول الفرعية. المزارع "اسماعيل السعيدي" ذكر ان ضعف التخطيط والمتابعة من قبل كوادر ودوائر وزارتي الزراعة والموارد المائية في مكافحة زهرة النيل بوقت مبكر ادى الى انتشارها بهذا الشكل الواسع مهددة الموسم الزراعي في المحافظة وبالتالي التأثير على الوضع الاقتصادي للكثير من العوائل التي تعيش على الزراعة. مبيناً: انهم طالبوا اكثر من مرة وبشكل مستمر الجهات المعنية بالقضاء عليها قبل انتشارها وبالتالي صعوبة مكافحتها كما يحصل الآن.

عمليات مكافحة مستمرة.. ولكن
تعد محافظة واسط البوابة الاولى لوصول هذه النبتة الى الأهوار عبر نهر دجلة الذي دخلته اول مرة عن طريق نهر ديالى، وبالتالي لابد من مكافحتها في هذه المحافظة اولا . معاون المحافظ للشؤون الزراعية والموارد المائية في المحافظة "المهندس سلام مزعل البطيخ" بيّن ان المحافظة شهدت انتشار نباتات زهرة النيل مجدداً في نهر دجلة على الرغم من استمرار اعمال المكافحة والتنظيف في مناطق متعددة من نهر دجلة في حدود واسط، لكنها ظهرت بشكل كبير جداً، مشيراً الى ان عمليات مكافحة هذا النبات الضار مستمرة لكنها بشكل محدود ولا تلبي الطموح بسبب الأزمة المالية الخانقة التي ادت الى وقف عمل هذه الدائرة المعنية.  عضو لجنة الزراعة والموارد المائية في مجلس محافظة واسط "صاحب الجليباوي" رجّح في تصريح صحفي ان قلة السيولة المالية وضعف التخطيط من الجهات المركزية المعنية هي من اسباب الانتشار. منوهاً الى انه سيكون للحكومة المحلية موقف واضح تجاه هذه الأزمة، مؤكدا ان آليات وزارة الموارد المائية مازالت تعمل من أجل القضاء على زهرة النيل قبل حلول الموسم الزراعي الشتوي، موضحا عدم القدرة في القضاء عليها بالطرق الكيميائية لما تسببه من أضرار بيئية، حيث ان الطريقة الوحيدة هي الطريقة الميكانيكية.

ديالى تحذر من غزو الزهرة
مجلس محافظة ديالى حذر من اجتياح نبتة "زهرة النيل" للأنهر والجداول داخل المحافظة، وقال أمين المجلس "خضر مسلم العبيدي" إنه تمت ملاحظة انتشار نبتة زهرة النيل بكثافة عالية في احد الجداول الزراعية الرئيسية في منطقة السادة شرقي ب‍عقوبة على نحو بدأت تعيق تدفق المياه وتصدر روائح كريهة أثرت سلباً على المناطق السكنية القريبة، محذراً من اجتياح زهرة النيل للأنهر والجداول في ديالى. داعيا الى وضع خطة عمل عاجلة من قبل الجهات المختصة لمنع انتشارها بسبب ما تحدثه من اضرار بيئية وصحية.

آلية لمنع إعادة انتشارها
ولأن الوضع الأمني قد اربك الجانب الزراعي في المحافظة منذ سنوات فقد استبشر المزارعون خيراً بعد القضاء على تنظيم داعش في بعض مناطق المحافظة التي تشتهر بالزراعة حيث تؤمن جزءاً كبيراً من سلة العاصمة الغذائية. المهندس الزراعي "عباس لطيف" بيّن ان زهرة النيل اخذت تظهر في العديد من الجدوال والأنهر في محافظة ديالى، لافتاً الى الضرر الاكبر الذي تلحقه بالموسم الزراعي الذي ينتظره المزارع بفارغ الصبر، منوهاً الى اهمية تسليط الأضواء على هذا الموضوع من اجل معالجته بشكل سريع ودقيق كذلك وضع آلية لمنع عودة انتشارها بعد القضاء عليها.
قائممقام قضاء الرميثة في محافظة المثنى "حاتم حسين" ذكر أن انتشار نبات زهرة النيل يعد من أهم الأسباب التي تعيق وصول المياه لمحطات الضخ فضلاً عن تأثيرها على سقي الأراضي الزراعية، لافتاً الى أن الدوائر المعنية لاتستطيع التعامل مع هذه الزهرة بشكل كيميائي بسبب تعلقها بمياه الشرب، مشيراً الى أن دائرة كري الأنهر تقوم حالياً بعمليات تنظيف النهر من هذا النبات الذي يتطلب القضاء عليه إمكانيات مادية وبشرية هائلة، على حد وصفه"

خسائر اقتصادية كبيرة
تستهلك زهرة النيل قرابة (2) لتر من المياه يومياً، الأمر الذي يبدد الكثير من الموارد المائية التي تكون الأهوار او المناطق الزراعية بحاجتها خاصة في المواسم الزراعية التي تتأثر بمضار هذه النبتة العديدة والتي بيّنها المهندس الزراعي حسام محمود: ان انتشار زهرة النيل يسبب فقداناً كبيراً في كميات المياه عن طريق (النتح) المتبخر من أسطح أوراقه وبمقدار 3,2 – 3,7 مرة بقدر الماء المفقود من سطح المياه الخالية من النبات. منوهاً ان هذا المعدل يسبب خسائر مائية بمقدار 18375 متراً مكعباً / هكتار خلال ستة شهور.
موضحا ان الغطاء الكثيف من عشبة النيل يعيق تدفق او جريان الماء في قنوات الري بنسبة 50% وربما اكثر اذا كانت نسبة الكثافة عالية، لافتاً الى تراكم اوراق وجذور زهرة النيل بسمك قد يصل الى اكثر مـــن 1- 3 متر سنوياً، مشيراً الى ان عشبة النيل تعد من اخطر انواع النباتات المائية المؤثرة على الموارد المائية في العديد من بلدان العالم وتأتي في الترتيب الاول من بين اخطر عشرة ادغال في العالم واذا ما انتشرت وتوطنت في منطقة ما فإنها تعد كارثة او بلاء لتلك المنطقة المائية وتسبب خسائر اقتصادية كبيرة.

الانتشار والانتقال والمكافحة
وبشأن مناطق انتشار هذه العشبة بيّن الخبير البيئي "مصطفى محسن" ان زهرة النيل احدى نباتات المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. منوهاً الى انها تتواجد في المناطق التي تقع بين خطي عرض (40) درجة شمالاً و(45) درجة جنوباً. لافتاً الى ان العراق يقع بين خطي عرض (20) درجة و(40) درجة شمال خط الاستواء.
وعن طرق انتشارها من موطنها الأصلي بيّن محسن ان هناك عدة عوامل ساعدت على ذلك منها سرعة تكاثر النبات بواسطة المخلفات الزراعية والبذور التي يصل عددها الى 5 آلاف بذرة، مؤكداً انها تبقى محتفظة بحيويتها لمدة (15) سنة، مضيفاً: كما ساهم الانسان في انتشارها عن طريق زراعتها في الحدائق كما تساهم الفيضانات بانتشارها ونقلها من بيئة الى اخرى، مؤكداً انها تتكيف للعيش في البيئات المائية الراكدة والجارية وفي اية ظروف بيئية. وعن الطرق الكفيلة والناجعة لمكافحة هذا النبات الضار بيّن الخبير البيئي مصطفى محسن: هناك اكثر من طريقة لمكافحة وإزالة هذا النبات. منوها الى ان إزالته ميكانيكيا تكلف مبالغ طائلة اضافة الى تأثيره السلبي على السدود والجسور خاصة في اوقات الفيضانات، موضحاً ان تلك المحكافحة قد تؤدي الى انسداد مضخات الماء وتعطيلها، مضيفاً: وهناك مكافحة اخرى متمثلة برش المبيدات الكيمياوية لكن في ذلك خطر على الأحياء المائية الاخرى وتأثيرات كبيرة على الزراعة ايضا.

من النيل إلى القصور الرئاسية
 الخبير الزراعي "سلام الجاسم" ذكر أن زهرة النيل من النباتات التي تتكاثر في المسطحات المائية بنحو سريع، إذ أن البذرة الواحدة منها تعطي مليون زهرة، وهي تستهلك كميات كبيرة من المياه تصل إلى لتر واحد لكل نبتة، مضيفاً: ان النبات يسبب مخاطر كثيرة منها امتصاص الاوكسجين المذاب في الماء ما قد يؤدي إلى تغيير طعمه، كما أنه يهدد الثروة السمكية.
مشيراً إلى أن النبات جلب من مصر في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي لتزيين البحيرات الرئاسية لكونه من نباتات الزينة. مستدركاً: لكن من جلبه كان يجهل أضراره، لذلك سبب انتشاره مشكلة في السنوات السابقة، قبل أن يتم القضاء عليه تقريباً عام 2012 من قبل الدائرة المختصة بمكافحته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram