خلال أكثر من 80 سنة، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى سقوط النظام السابق، لم تتجاوز موازنات العراق الـ(24) مليار دولار، ولو أردنا المقارنة مع الموازنات التي تلت ذلك سنجد فرقاً شاسعاً حيث بلغ مجموع الموازنات 478,2 مليار دولار، منذ 2003 ولغاية 2012.
في سنة 2003 لم تتجاوز الموازنة 6,1 مليار دولار، أما سنة 2004 فبلغت 13 مليار دولار، وسنة 2005 بلغت 20 مليار دولار، أما في سنة 2006 فقد بلغت 33,9 مليار دولار، وسنة 2007 بلغت 41 مليار دولار، وسنة 2008 بلغت 48 مليار دولار، أما في 2009 فبلغت 59,9 مليار دولار، وقد بلغت الموازنة سنة 2010 حوالي 74 مليار دولار، أما سنة 2011 فقد بلغت 82,6 مليار دولار، ثم ارتفعت الميزانية السنوية في سنة 2012 ارتفاعا غير متوقع الى 100 مليار دولار، واعتبرها نواب ومختصون أكبر موازنة في تاريخ الدولة الحديثة، لكن هذا الرأي فندته موازنة 2013 التي هي أكبر من أكبر موازنة، وأعلنها مجلس رئاسة الوزراء وقد بلغت 138 تريليون دينار اي ما يزيد عن 115 مليار دولار ، وأعتبرها نواب بانها موازنة لـ"الفاسدين وليست للمواطن"، وأكد نواب في وقت سابق لـ"المدى" بأنهم سيفتحون ملفات تحقيق مع الوزراء بعد تقديم النسب التنفيذية لهذا العام وسؤالهم عن مصير الأموال المصروفة من قبل وزاراتهم.
وقد أكدت عضو اللجنة المالية في البرلمان النائبة عن كتلة الاحرار ماجدة التميمي إن "الموازنة المصروفة لسنة 2013 لن تكون بها فائدة حقيقية للمواطن بحجم الفائدة التي سينالها الفاسدون، ولا يوجد اي تغيير في الوضع العام في البلاد خاصة على المستوى الخدمي، والمشاريع والإنجازات على الورق فقط، حيث تسجل الوزارة حال إطلاق صرف الأموال في توقيع العقود مع المستثمرين والمقاولين كمشاريع منجزة بدون وجود أي إنجاز على أرض الواقع وتبقى المشاريع مجرد عقود موقعة واموال مصروفة".
وأضافت التميمي في تصريح لـ"المدى" إن "صرف الأموال الطائلة في الموازنة هو مجرد إعطاء المال وتحويله من الجيب اليمين إلى الجيب اليسار"، وتابعت إن "الخطأ الذي ارتكبته الحكومة هو في زيادة سعر البيع لبرميل النفط الخام إلى 90 دولارا وبقدرة تصديرية تصل الى (2,9) مليون برميل يومياً من ضمنها الكمية المنتجة والمصدرة من إقليم كردستان والبالغة (250) ألف برميل يومياً، مما يسبب تضخم في الموازنة وأيرادات أكثر لا فائدة منها، فقد كان من المفروض أن نجعل سعر البرميل أقل، مع حجم في الصادرات أقل، لكن الحكومة تعمل بمدأ التفاؤل رغم إننا يجب أن نفكر بمبدأ التشاؤم، ونكون اكثر حرصاً من الخوف في الوقوع بأزمة اقتصادية خاصة وإن هذه الأزمة أصبحت عالمية، ويجب مراعاة التوتر الحاصل مع دول الجوار بالإضافة إلى أزمة البنك المركزي".
وأوضحت التميمي إن "قضية حذف ثلاثة أصفار من العملة وصرف موازنة 2013 بالعملة الجديدة أصبح مؤجلاً بسبب إقالة محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي، لأن الاتفاق قد تم معه، ولا يمكن إكمال العمل بهِ مع محافظ البنك الحالي والذي استلم مهامه بالوكالة، لذلك لا يمكن العمل على موضوع حذف الأصفار إلا في حالة تنصيب محافظ جديد للبنك ومن المؤكد أنه سيكون من دولة القانون".
هذا وقد أكد عضو اللجنة الاقتصادية والاستثمار والإعمار في البرلمان النائب عن كتلة المواطن عبد الحسين عبطان إن "كتلة المواطن تناقش الموضوع في جلسات البرلمان القادمة، وتطالب بحساب دقيق لما أنجز من ميزانية العام الحالي وليس جداول أرقام فقط، ونطالب من الوزارات بأن تُبيّن ما أنجزته من مشاريع على أرض الواقع".
وأضاف عبطان في تصريح لـ"المدى" إن "التريليونات التي تصرف في كل سنة لا تأتي بمشاريع بالمستوى المطلوب، ولا توجد أي إنجازات تعكس صورة ما يصرف سنوياً، ولا توجد أي مؤشرات على تحسن الوضع الخدمي والاقتصادي، ونريد معرفة ما حققته الموازنة من خدمات حقيقية وليس مجرد صرف الاموال بلا فائدة".
من جانبها أكدت رئيسة لجنة الخدمات والإعمار في البرلمان النائبة عن التحالف الكردستاني فيان دخيل إن "بعض الوزارات أنجزت جزءا من أعمالها خلال موازنة السنة الحالية وحتى إن كان هذا الإنجاز ليس بالشكل المطلوب كلياً، لكنها استطاعت ان تصرف جزءا كبيرا من الموازنة الخاصة بها، والبعض الآخر تتلكأ وتؤجل مشاريعها مما يؤدي إلى عدم العمل بشكل حقيقي ويكون عملها مجرد مضيعة للوقت والمال".
وأضافت دخيل في تصريح لـ"المدى" إن "الوزارات الخدمية غير جدية في عملها والمستوى الخدمي غير جيد خاصة على مستوى الكهرباء والصحة والبطاقة التموينية، لكن نستطيع القول ان هناك بعض الوزارات قامت بخطوة جيدة مثل وزارة النقل والمواصلات التي اشترت طائرات، وهي الآن توقع صفقة جديدة لشراء طائرات أخرى".
هذا وقد اعلن مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي في جلسته السادسة والأربعين الاعتيادية انه وافق على موازنة 2013 بمبلغ 115 مليار دولار (138 تريليون دينار) اي بزيادة قدرها 18% عن العام الماضي.
وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء علي الدباغ في بيان صدر يوم الثلاثاء الماضي، وتسلمت "المدى" نسخة منه، إن "المجلس صادق خلال جلسته الـ46 الاعتيادية على الموازنة المالية العامة للعام المقبل 2013، بـ138 تريليون دينار"، مشيراً إلى أن "العجز سيبلغ 18.8 ترليون دينار". وأضاف الدباغ ان "الموازنة الاستثمارية ستبلغ 55 تريليون دينار، فيما ستبلغ الموازنة التشغيلية 83 تريليون دينار والتي توزعت بين مؤسسات ووزارات وهيئات الدولة كافة حيث سيتم توزيع النفقات العامة وفق النسب السكانية بعد استبعاد تخصيصات مركز الوزارة الاتحادية والنفقات السيادية".
ولفت الدباغ إلى ان "الموازنة احتسبت على أساس سعر برميل النفط بـ90 دولارا للبرميل الواحد وبكمية مليونين و900 ألف برميل يوميا، منها 250 ألف برميل من إقليم كردستان".
وأكد الدباغ أنه "ستتم تغطية العجز في الموازنة من المبالغ النقدية المدورة من موازنة عام 2012 وصندوق تنمية العراق ومن الاقتراض الداخلي بموجب حوالات الخزينة والخارجي، إضافة إلى الوفر المتوقع من زيادة أسعار بيع النفط أو زيادة الإنتاج أو الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي"، مبيناً أنه "سيتم تخويل وزير المالية الاقتراض من صندوق النقد الدولي بما يكمل مبلغ 4.5 مليار دولار ومن البنك الدولي بما يكمل مبلغ ملياري دولار".
وأشار الدباغ إلى أن "حصة إقليم كردستان بلغت 14.3 تريليون دينار وبنسبة 17 % من مجموع النفقات التشغيلية ونفقات المشاريع الاستثمارية للموازنة العامة الاتحادية" ، مضيفاً أنه "تم تخصيص مبلغ 250 مليار دينار كاحتياطي للحكومة ومبلغ 7.2 تريليون دينار لمشاريع إعمار وتنمية الأقاليم والمحافظات وبضمنها إقليم كردستان".
وذكر الدباغ ان "الموازنة ستخصص مبلغ تريليون و318 مليار دينار والتي تسمى بتخصيصات البترودولار وهي مبلغ دولار عن كل برميل نفط خام منتج في المحافظة أو مكرر في مصافي المحافظة ودولار عن كل 150 متراً مكعباً منتجاً من الغاز الطبيعي في المحافظة"، مشدداً على أن "هذه المبالغ تستخدم ما لا يزيد عن 50% من تخصيصات البترودولار لشراء الطاقة الكهربائية".
وأشار الدباغ الى أن "مشروع الموازنة قد تضمن الإعلان في الصحف المحلية عن الدرجات الوظيفية المستحدثة ضمن ملاك سنة 2013 من قبل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة"، مؤكدا ان "الأولوية ستمنح لتثبيت العقود استثناء من شرط العمر للمتعاقدين في السنوات الماضية مع احتساب فترة التعاقد كخدمة لأغراض التقاعد".
وأكد الدباغ أن "الحكومة ستقوم بإقراض مشاريع اتحاد الصناعات والقطاع المختلط بدون فائدة وتتحمل وزارة المالية دفع الفائدة للمصارف الحكومية"، مشيرا الى ان "وزارة التخطيط ستقوم بتقديم نسبة تنفيذ المشاريع الاستثمارية لكل وزارة أو جهة غير مرتبطة بوزارة الى مجلس الوزراء، وفي حال عدم تنفيذ ما نسبته (25%) من تخصيصات كل مشروع خلال ستة أشهر من إقرار الموازنة فسيرفع تقرير الى مجلس الوزراء لتحديد أسباب الإخفاق ولمجلس النواب استجواب الوزير أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة في حال عدم تنفيذ ما نسبته (60%) من التخصيصات الاستثمارية لوزارته أو دائرته من الموازنة العامة الاتحادية".
سياسيون: الفاسدون أولاً فـي موازنة 2013
نشر في: 31 أكتوبر, 2012: 11:00 م