أخيراً ، وقع الاختيار على عمار الحكيم ، ليكون رئيساً للتحالف الوطني خلفاً لإبراهيم الجعفري ، ليتفرغ الأخير لإدارة الدبلوماسية العراقية في مرحلة حرجة تشهد صراعات اقليمية مصحوبة باندلاع حروب داخلية في اليمن وسوريا وليبيا . الجعفري تولى رئاسة التحالف منذ تشكيله ، ولطالما اعلن في اكثر من مناسبة سعيه الى جعل التحالف بقواه الشيعية مؤسسة تعتمد نظاماً داخلياً ينظم عملها ، ويحدد برامجها السياسية بهدف تحقيق اهداف الشعب العراقي في اقامة دولة عصرية تستوعب جميع المكونات والملل والنحل.
في يوم اعلان تشكيل التحالف الوطني، وسحب البساط من تحت قدمي زعيم القائمة العراقية المنقرضة إياد علاوي ، وحرمانه من الترشح لمنصب رئيس مجلس الوزراء في عام 2010 بفتوى المحكمة الاتحادية في تفسير الكتلة الأكبر، استطاع قادة التحالف توحيد صفوفهم ووقع خيارهم على نوري المالكي بعد التخلي عن الخطوط الحمر في تولي الولاية الثانية، وبموجب اتفاق حصل التوافق السياسي ، فأخذ كل مجتهد نصيبه من المواقع ، على أمل تطوير تنفيذ ماورد في وثيقة اربيل، لكن الأمور أخذت مسار أبو الجنيب المعروف لدى العراقيين بأنه "يمشي صفح" ولايعير اهتماماً لاعتراضات الآخرين .
قادة التحالف ،بقواه وأحزابه وتياراته الشيعية، اكدوا سعيهم ليكون مؤسسة وواجهة سياسية مع اختيار ابرز قيادييه ليكونوا ضمن هيئة سباعية، تشرف وترصد عمله ، تتمتع بصلاحيات اصدار القرار لمساعدة رئيس الحكومة على تنفيذ برنامجه ، ثم ركوب القطار السريع للوصول الى محطة الازدهار.
الحديث عن المأسسة تبناه الجعفري وحده ، حتى اصبح ماركة مسجة باسمه ، اما لدى الآخرين فتبدد وتلاشى حين استحوذ طرف في التحالف على رئاسة الحكومة .ركب القطار السريع وجعل حلفاءه يركضون ويلهثون وراءه . ومع تراجع الأداء الحكومي وتهميش دور قوى التحالف تحول الحديث حول "المأسسة" الى تساؤلات يطرحها الشارع العراقي لمعرفة اسباب الكوارث الأمنية ، وبروز أزمة مالية جراء تبديد مليارات الدولارات في السنوات الماضية .
التحالف الوطني "تمأسس" في ظل وجود معطيات تشير الى انه فقد ثقة قواعده الشعبية ، فيما أبدت المرجعية الدينية في خطب صلاة الجمعة اعتراضها على الأداء السياسي والحكومي ، مع تشديدها على تلبية مطالب المتظاهرين بتوفير الخدمات وفرص العمل . المرجعية قالت كلمتها حتى بحّ صوتها ، لكن قادة التحالف الوطني ،جميعهم بلا استثناء ، انشغلوا بقضايا اخرى: التضامن مع شعب البحرين ، استقبال الحوثيين ، اطلاق تصريحات نارية تشعل المزيد من الحرائق، فضلا عن خوض مفاوضات ماراثونية مع العبادي لتقديم مرشحين تكنوقراط بمواصفات سياسية للحقائب الوزارية الشاغرة.
التحالف الوطني في المرحلة الحالية عليه ان يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في مراجعة الأخطاء ومحاسبة مرتكبيها ، خاصة ما يتعلق بكشف ملفات الفساد، وإحالة المتورطين بهدر المال العام الى القضاء فوراً من دون مماطلة وتسويف ، لكي يحظى بثقة الشارع العراقي . بهذه الخطوات تتحقق "المأسسة" ببرنامج جديد، يصحح الأخطاء المتراكمة طيلة السنوات الماضية، ورحم الله من تمسك بالثوابت الوطنية . "تمأسسوا" ولكم الأجر والثواب.
التحالف الوطني "يتمأسس"
[post-views]
نشر في: 6 سبتمبر, 2016: 09:01 م