إنّ جمع النقاد السينمائيين للاتفاق على أفضل فيلم من فترة زمنية محددة يمكن أن يكون مثل جمع القطط. فيلم "طريق مولهولاند" لديفد لينش استثناء من هذا القانون. قبل أن يتم التصويت على أحسن فيلم في القرن الحادي والعشرين في اقتراع البي بي سي  مؤخراً فإن

إنّ جمع النقاد السينمائيين للاتفاق على أفضل فيلم من فترة زمنية محددة يمكن أن يكون مثل جمع القطط. فيلم "طريق مولهولاند" لديفد لينش استثناء من هذا القانون. قبل أن يتم التصويت على أحسن فيلم في القرن الحادي والعشرين في اقتراع البي بي سي  مؤخراً فإن هذا الفيلم المصنوع في عام 2001 حصل على المركز الأول لأفضل فيلم خلال العقد في اقتراعات من مجلة "فيلم كومنت" و"لوس أنجلوس فيلم كرتيكس أسوسيشن" و"ريفيرس شوت" و"أندي واير". ضمت قائمة البي بي سي 177 ناقداً من 36 بلداً حول العالم. (بضمنهم هوفيك حبشيان من صحيفة النهار اللبنانية).

من سخرية القدر أن "طريق مولهولاند" لم يكن في البال صنعه كفيلم مطلقاً. بدأ المشروع كمسلسل تلفزيوني صوره لنش عام 1999 لكن قناة "أي بي سي" رفضته. المنتجان الفرنسيان "بيير أدلمان" و"ألان سارد" وضعا أموالاً إضافية للنش من أجل إكمال المشروع وتحويله إلى فيلم طويل في عام 2000 من خلال "ستوديوكنال". توني كرانتس، وهو منتج آخر للفيلم الذي ساهم في إنتاج مسلسل ناجح للمخرج بعنوان "توين بيكس" بينما كان يعمل كعميل للنش، قال بأن فيلم "طريق مولهولاند" كان على وشك أن لا يصنع".
ويضيف كرانتس:"كان لنش متردداً في إنهاء الفيلم. أقنعته على إنهاء الصفقة فعلياً التي منحها له "ستوديو كانال" وأخيراً تمت الموافقة".
هذا الفيلم الذي يبدو مثل حلم وحمى يدور في لوس أنجلوس من بطولة "لورا هارنغ" التي تؤدي دور امرأة شابة تصبح فاقدة للذاكرة بسبب حادث تحطم سيارة في تلال هوليود و"نعومي واتس" كممثلة طموح تساعدها في البحث عن مفاتيح حياتها. غير أن إيجاز حبكة الفيلم يقرب من المستحيل نتيجة لانحرافات السرد التي تتركه عرضة للتأويل ما بين الحلم والحقيقة.
يقول" جوستين تشانغ" الناقد السينمائي في صحيفة لوس أنجلوس تايمز الذي أدار استطلاع الصحيفة في عام 2010 واختار "طريق مولهولاند" كأحسن فيلم في القرن الحادي والعشرين في آخر استطلاع للبي بي سي :"مثل الكثير من النقاد الذين يحبون الفيلم حباً جماً لا أحد منا فهمه من المرة الأولى وكل شخص يقول أنه فهمه فهو كاذب".
أحد جوانب الفيلم التي تساعد في إعطائه نوعية لازمنية هي الطريقة التي يبدو بها من الأمام والخلف ويقدم كنوع من "عيد الحب المسموم" لهوليود حسب تشانغ. يقول:"إنه يعيد خلق هوليود الأمس الكبيرة القديمة بشكل محبب ومع ذلك فهو فيلم يدور حول الشرور التي تنال من الصناعة وبالأخص ما تفعله للممثلات والنساء اللاتي يحلمن بالعمل في الصناعة. إنه حول الإغراء والجانب الفاسد المسموم لمصنع الأحلام".
يقدم الفيلم أحد الأداءات المشهورة من ممثلة بذاكرة حالية مع واتس وهي تؤدي دوري "بيتي" و"دايان". يقول تشانغ:"اعتقد أنّ الذكاء ذا الشكل المتنقل لأدائها في ذلك الفيلم لا يمكن مضاهاته. وذلك ما يجعلني دائماً أنجذب وأعود إلى فيلم "طريق مولهولاند".
المؤسس المساعد لمجلة "لقطة معكوسة" مايكل كوسكي هو ناقد آخر صوت لطريق مولهولاند كونه الأول في استطلاع البي بيس ي. والآن هو مدير التحرير لجمعية الفيلم التابعة لمركز لنكولن. يقول كورسكي بأنه على الرغم من الطبيعة المفككة لقصة الفيلم إلا أن هناك نوعية فريدة منه الفيلم محببة للمشاهدين". يقول كورسكي:"يصبح لديك أحساس بأنك ترى شيئاً ينبع من رؤية عاطفية خالصة وهذه هي الكيفية التي يجب أن يكون عليها الفن".
الأمر المثير للاهتمام أن كورسكي لم يكن من محبي أفلام لنش الأولى حين شاهد "طريق موهولاند" بعد فترة وجيزة من التخرج من الكلية. يقول:"حتى لو أني لم أفهمه على المستوى السردي حين كنت في البداية .. إلا أنني فهمت ديفد لنش. فجأة فهمته تماماً".
إذن ماذا يقول أحد أكثر الأفلام تحدياً للتقليدية في تاريخ السينما الذي مازال يتردد صداه لدى الناس منذ 15 سنة من إطلاقه؟ يقول كرانتس الذي يشير إلى لنش كونه عبقرياً وأحد أعظم الفنانين في عصرنا:"إنه يقول بأن المشاهدين لا يريدون الفيلم الواضح والسهل الفهم فحسب. الناس مستعدون للنظر في الأمور التي هي غامضة وملغزة ومليئة بالشك. إنهم يتلهفون إلى الركوب بالطريقة نفسها التي يتلهفون فيها في أحلامهم".