TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة :إصرار وإصرار

وقفة :إصرار وإصرار

نشر في: 1 فبراير, 2010: 06:11 م

محمد درويشعلي من يرنو الى الشارع العراقي وحركة الأسواق وهمة الناس للوصول الى أعمالهم في الوقت المناسب،وعملية الأعمار التي يقوم بها، يشعر وكأن شيئاً لم يحدث والحياة تسير بشكلها الطبيعي (وهي هكذا). ويقود كل هذا، المواطن البسيط الذي يعي حقيقة بلده وأهميته وسبب انتمائه إليه وليس السياسي الذي بات وكأنه في واد آخر، لا يسمع صرخة طفل مريض لا يملك والداه ثمن الدواء، ولإبكاء أم فقدت ولدها بسبب خروقات أمنية،
 ولا طلب شيخ يتعثر في سيره ليلاً لأن الكهرباء زعلانة عليه بسبب أدارتها الضعيفة وغير المسؤولة منذ أكثر من ست سنوات. نعم انه المواطن الذي لا يبدل رائحة تراب بلده، بقصور الغربة وأماكنها الترفيهية، ولا بدولارات العالم أو أي شيء آخر من جماليات الدنيا. فالعراق عنده العراق الذي أحتضن أوجاعه، وشرب من مائه، وأكل من زرعه، وهو يترنم: بلادي وان جارت علي عزيزة وأهلي وان شحوا علي كرام هذا هو المواطن العراقي الذي يريدون أن يرهبوه بسيارة مفخخة أو تصريحات رنانة ويدعون حرصهم عليه وهم الذين كانوا الى الأمس يقتلون أولاده ويدفعون به نحو حروب خاسرة، ويقودونه الى الموت، ويقتلون أحلامه الوردية، ويحبطون همته باتجاه اليأس القاتل، هؤلاء حاولوا معه أكثر من ثلاثة عقود ولم يفلحوا بالنيل منه ان ينالوا منه، وجربوا معه كل الطرق والوسائل. الآن وبعد شهر تبدأ الانتخابات ويتقدم هذا المواطن الى صناديق الاقتراع، وهو يحني اصبعه باللون البنفسجي، ويختار العراق وليس غير العراق، ويتقدم صوب أحلامه الوردية التي طال تحقيقها. ومن المشاهد التي باتت مألوفة لدى الجميع عن الانتخابات السابقة، تواجد ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والعجزة في تلك المراكز، واصرارهم على الادلاء باصواتهم أكثر من الشباب، وحينما كانوا يسألون: لماذا هذا الاصرار وانتم في خريف العمر؟ كانت إجاباتهم واحدة، وهي انهم يريدون عراقاً جديداً، ليس لهم وانما لأولادهم وأحفادهم والذين يأتون من بعدهم. وكلنا نتذكر أمهات الشهداء الذين وقعوا ضحايا الارهاب في السنوات الماضية كيف تحملن الموقف بروح من الصبر والسمو والتحمل، على اعتبار ان البلد لا يستقيم من دون ضحايا. وليس ببعيد علينا العراقي الذي فقد خمسة من أولاده في تفجير شارع المتنبي وتحمل الموقف بصبر ورباطة جأش وهو يردد مثل أي حكيم: الحمد لله على كل شيء، وكذلك عوائل شهداء الصدرية والثورة ووزارة العدل وكل مكان طاله العدوان الآثم، بهذه الروحية التي فاقت على كل الوطنيات كان العراقي يسعى الى مراكز الانتخابات، سوف يسعى هذه المرة وفي كل مرة، لخلق عراق جديد خال من الاعدامات والقتل المجاني والسجون والارهاب وزرع الخوف والرهبة في النفوس، لاعتبار واحد وهو ان العراق لنا جميعاً ومن حقنا ان نديمه ونحافظ على كل ما فيه للوصول الى أسمى مراحل تقدمه وازدهاره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram