بالرغم من الظروف القاسية التي يعانيها الرياضي المعاق من مصاعب صحية مستديمة ونقص في مستلزمات ممارسة لعبته وشحّة الدعم الإعلامي لمختلف الوسائل، إلا أن بعثة البارالمبية الى دورة ريو تحدّت كل تلك المعوقات وقدّمت نفسها بأنها خير ممثل برياضييها الابطال لوطن لم تثنه الأزمات عن الوقوف على منصات التتويج ومقارعة دول متقدمة في الامكانيات والأموال ومنافستها على المعادن النفيسة والاستمرار في كتابة التاريخ بسطور الفخر.
ما يثير الغبطة حقاً، أن ينبري عدد من الرياضيين الابطال لينافسوا أقرانهم ممن يحظون بدعم كبير من مؤسساتهم الرياضية في الصين وبريطانيا وأوكرانيا وأوزبكستان وغيرها لينالوا ذهبيتين وثلاث فضيات وسط معاناة كبيرة بعضهم تزامنت معه في فترة إعداده ضمن محافظته بشكل ذاتي ليحافظ على استعداداته البدنية والذهنية للدورة ، ومنهم من واجه ظروفاً عائلية جرّاء ما يمر به البلد من احداث قوّضت معنوياته ، لكنه استعاد وضعه الطبيعي ليكون جاهزاً للمشاركة وتحقيق الإنجاز.
اللافت في مشاركة البعثة أن هناك اهتمام نوعي من قبل القائمين على قيادة اللجنة البارالمبية في العاب معينة مثل العاب القوى ورفع الأثقال والمبارزة على الكراسي، بينما لم يكن الرهان قوياً أو يتماشى مع تحضيرات رياضيي الجودو والسباحة القوس والسهم، لاسيما أن فعاليات الدورة البارالمبية بلغت 521 فعالية لـ 36 لعبة معتمدة رسمياً، وكان حصاد دولة مثل الصين 90 ميدالية حتى الآن، ما يعني وجود بون شاسع بيننا وبعض دول شرق آسيا ووسطها لابد من إيجاد ستراتيجية جديدة توسّع من قاعدة الألعاب وتزيد اهتمام القائمين على رياضة المعاقين سعياً لحصد المزيد من الميداليات.
لا نريد أن نبخس حق البعثة في ما تحقق من منجز بخطفها ذهبيتين وثلاث فضيات من الممكن ان نزيدهن من خلال المنافسة على العاب آخرى يتم إعداد رياضييها طوال السنين الأربع حتى إقامة دورة طوكيو 2020 وهذا يتوقف على نشاط اعضاء المكتب التنفيذي للجنة البارلمبية في وضع سياسة عمل تأخذ في نظر الحسبان تكريس الجهود مع الاتحادات والاندية الفاعلة لاستقطاب رياضيين جُدد باعمار صغيرة بدلاً من زيادة الضغط على رياضيين بعينهم وعدم وجود منافسين لهم كل مرة.
نثني على جهود كل من اسهم في تحقيق مشاركة ايجابية مثمرة في ريو، وربما تعزز هذه النتيجة آمال رياضيي البارالمبية في مضاعفة الحصاد مستقبلاً، فما توفّره الدولة من ميزانية كبيرة للجنة البارلمبية لإعداد الرياضيين ينبغي أن يتحوّل الى مشروع صناعة ابطال في هكذا دورات كبرى تُظهر العمل الحقيقي للمكتب التنفيذي للجنة والاتحادات الفاعلة، وأن لا تكون الدورات العربية والإقليمية وبعض البطولات الدولية حجّة لذر الرماد في العيون، فماضي رياضة المعاقين في الدورات البارالمبية يعود الى عام 1992 ناهيك عن انبثاق اللجنة قبل ذلك بأعوام عدة استمر بعض قادتها العمل حتى الآن من دون تغيير وهم يحملون ذات الستراتيجية ! كيف ؟ أنه زمن طويل تغيّرت خلاله خطط ونُظم ودول ، وشهدت البارالمبية العالمية تحوّلات جذرية لم تتوقف على الاشخاص أو تتعاطف مع ظروفهم، بل كان الهدف الأساس تغيير الأنماط المتبعة وإدخال اساليب جديدة لاستقطاب المواهب ليكون الرياضي قادراً على المنافسة في جميع الالعاب المعتمدة وليس كما هو شأننا في ريـو.
ليكن دعم وزارة الشباب والرياضة أكثر بُعداً من مسألة تكريم الابطال بعد عودتهم من الدورة، بل كيفية النهوض بواقع اللجنة البارالمبية من خلال تقديم المشورة المخلصة والبحث عن منافذ جديدة لتطوير الرياضيين باعتبار أن الوزارة تعـد أعلى جهة حكومية تعنى بقطاع الشبـاب والرياضة في العراق وتكون مسؤولة عن وضع ومتابعة تنفيذ السياسة الشبابية والرياضية فيه بما ينسجم والتوجهات الرسمية بهذا الشأن – كما نص قانونها – لاسيما أن للوزارة إمتداداً في جميع المحافظات بهدف التنسيق مع المديريات المعنية لرعاية المعاقين الموهوبين رياضياً.
ومع ختام المسك لدورة ريو البارلمبية اليوم الأحد، نبارك باعتزاز كبير مشاركة الابطال: احمد غني وكوفان حسن وعباس حاتم وولدان نزار وجراح نصار وزهراء رحيم (ألعاب القوى ) ورسول كاظم وحسن كرم (رفع الاثقال ) وحيدر علي ناصر وزين العابدين غيلان وعمار هادي (المبارزة على الكراسي ) وجواد كاظم جودة (السباحة)، وجواد كاظم علي وزمن حسين (القوس والسهم ) وجراح دبيسان خريبط (الجودو) ونتمنى للجنة البارالمبية المزيد من الإنجازات في المشاركات المقبلة.
التحوّل البارالمبي المنتظر
[post-views]
نشر في: 17 سبتمبر, 2016: 04:50 م