TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "كلاو" بغداد

"كلاو" بغداد

نشر في: 19 سبتمبر, 2016: 09:01 م

مئات العراقيين اثبتوا  بالتجربة  خلال سفرهم الى خارج العراق لقضاء عطلة  عيد الاضحى في تركيا او جورجيا او ايران ، اكذوبة شركة  طيران تابعة للقطاع الخاص ، اعلاناتها تنتشر في ساحات وشوارع العاصمة، تروج لمزاعمها بأن خدماتها من نوع السوبر باسعار تنافسية ، رفعت شعار "اترك لنا القيادة وتمتع بالرحلة" ، لكن واقع الحال يكشف عن صورة بشعة تتجسد بعدم احترام مواعيد الرحلات ، والتعامل مع المسافرين باسلوب  يذكرهم بسائقي حافلات "التاتا" المنقرضة من شوارع العاصمة.
وجود اكثر من شركة طيران ، يديرها القطاع الخاص ، ظاهرة لم يعرفها العراق من قبل ، هناك من  استغل هذا الفراغ ، وبنفوذه استطاع ان يؤسس شركة خاصة للطيران ،  ولا اعتراض على هذا النوع من النشاط الاقتصادي حين يكون خاضعا لضوابط واجراءات تحددها الجهات الرسمية المعنية  بموجب معايير دولية ثابتة ، تلزم الشركة بأن تكون صادقة في مواعيد رحلاتها ، فضلا عن تقديم افضل الخدمات للمسافرين ،مع منحهم حق مقاضاة الشركة جراء الانتظار الطويل وما يرافقه من معاناة مريرة ، لا تتمناها  للعدو ، بحسب القول الشعبي الشائع.
 المسافرون خرجوا بانطباع موحد ، بأن الشركة تستحق اسم  "كلاو بغداد"  في اشارة الى سوء الخدمات ، فوجبة  الطعام لاتصل الى مستوى  "لفة الفلافل" ، تجعل المسافر يتمتع بالرحلة على مضض، لعله ينسى ملل الانتظار ،والخلاص من ساعات قلق دفع ثمنها من حرق الاعصاب مع احتمال إلغاء الرحلة ، ثم مراجعة الشركة لاسترجاع ثمن التذكرة من مقرها الرئيسي ، وهنا  تبدأ مرحلة الدخول في دوامة جديدة .
 يقال ان "كلاو بغداد" ، طبقا  لمصادر في وزارة  النقل ،استطاعت بنفوذ مؤسسي  الشركة  الحصول على تسهيلات من ادارة مطار بغداد ، تتعلق بتوفير الخدمات  بأسعار قليلة ،هذا الامتياز غير متوفر لشركات اخرى ،  لكنه لم يحفزها للارتقاء  بعملها ، لكي تكتسب ثقة المسافرين ، وتلغي ما ترسخ في اذهانهم من انطباعات سيئة حول قدرة  القطاع الخاص العراقي على تأسيس شركات طيران،  تضاهي نظيراتها العربيات .
احد الاشخاص وصف سفره على طائرة شركة "كلاو بغداد" مغامرة اجبارية ، تجعل المسافر خلال زمن الرحلة ، واضعا يده على قلبه من احتمال التعرض لكارثة ، والاحتمال وارد انطلاقا من شيوع الخراب في كل مفاصل الحياة العراقية ، استنادا الى حقيقة رغبة المتنفذين في ان يكونوا رجال اعمال من الصنف الاول ، زرعوا بذور الخراب في الساحة السياسية ، فجنوا ثماره بتوطيد وجودهم في المشهد العراقي ، حتى  امتدت تطلعاتهم الى النشاط الاقتصادي .
في احدى الاسواق الشعبية في العاصمة  تصر بائعة السمك على بيع بضاعتها بأعداد زوجية، حين سألها احدهم عن السر رفضت الكشف عنه ، لكنه ابدى رغبته في شراء سمكة واحدة فقط  ، رفضت البائعة طلبه ،فرد عليها  بسؤال " تبيعين سمج لو نعل"؟  السؤال ذاته موجه الى اصحاب شركة "كلاو بغداد" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram