TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عجيب وغريب من مفوّضيّة الانتخابات!

عجيب وغريب من مفوّضيّة الانتخابات!

نشر في: 19 سبتمبر, 2016: 06:33 م

هذا شيء عجيب وأمر غريب .. مفوضية الانتخابات "المستقلة" تعلن الآن عن أنه قد تحققت "سابقة فريدة في تاريخ الانتخابات" في العراق، بتحديث 7 ملايين ناخب سجلَّهم الانتخابي، متوقعةً مضاعفة العدد "بعد استئناف العمل بالتسجيل البايومتري"، ليصل عدد الناخبين في الانتخابات المقبلة الى 23.5 مليون !
العجيب والغريب أنه إلى بضعة أسابيع خلت كانت المفوضية "المستقلة" تشكو تدنّي نسبة المُقبلين على مراكز التحديث. ويبدو أنه بتحريض من المفوضية أطلق قياديون في الكتل الكبيرة المهيمنة في مجلس النواب ومجالس المحافظات نداءات الى المواطنين لتحديث سجلّاتهم الانتخابية، محذّرين من العواقب الوخيمة لمقاطعة الانتخابات (المحلية من المفترض أن تُجرى في نيسان المقبل، والبرلمانية بعدها بسنة).
المُقلق الآن ألّا تكون معلومات المفوضية دقيقة، إن ما تعلّق منها بمَنْ حدّثوا سجلاتهم أو الذين سيحدّثونها لاحقاً. مصدر القلق أنّ المفوضية "المستقلة" لم تكن مستقلة يوماً (مناصبها العليا والدنيا موزّعة بين القوى الحاكمة الكبرى بوصفها واحدة من الغنائم الموزّعة حصصها على هذه القوى)، وهي لم تكن صادقة تماماً يوماً حتى على صعيد نتائج الانتخابات.
في الشارع العراقي ثمّة شعور بخيبة الأمل حيال العملية الانتخابية برمّتها .. الكثير يعتقدون بأن الانتخابات ليست سوى مسرحية تراجيكوميدية متكررة تؤديها القوى الحاكمة لإضفاء الشرعية على احتكارها السلطة وممارسة الفساد الإداري والمالي وترسيخ نظام المحاصصة الطائفية والحزبية.
هذا الشعور له ما يبرّره، فقانون الانتخابات ليس عادلاً ولا هو بالمُنصِف.. إنه مُصمَّم لكي يزيد من قوة الأقوياء في مجلس النواب ومجالس المحافظات ويحصر السلطة في أيديهم، وهي قوية ليست متأتّية من سجّل حافل بالإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإنما من سيرة مُتخمة بوقائع سرقة المال العام والخاص.
ومما يبرّر هذا الشعور الجمعي السلبي حيال العملية الانتخابية أنّ الحلف الوثيق بين السلطة والفساد تنجم عنه إعادة إنتاج الطبقة الحاكمة الفاسدة عينها. كما يُردّ الشعور بعدم جدوى الانتخابات إلى أنّ مفوضية الانتخابات تأصّلت فيها الصفات غير الحميدة، وفي مقدمها عدم استقلاليتها.
هذا كله في أساس الدعوات المتواصلة، حتى داخل مجلس النواب ومجالس المحافظات، لإعادة هيكلة العملية الانتخابية بتعديل قانون الانتخابات أولاً قبل إجراء أية انتخابات جديدة، وبإعادة تشكيل مفوضية الانتخابات، أو إنشاء مفوضية جديدة، بإشراف الأُمم المتحدة، تكون صادقة ومهنية ووطنية . .. أي مستقلة تماماً عن كل نفوذ حزبي أو حكومي مباشر أو غير مباشر، إذا ما أُريد للانتخابات أن تُحقِّق غرضها وتبلغ غايتها.
العملية الانتخابية ليست مقصودة لذاتها، كما قطع الديكور، إنما لها وظيفة اجتماعية وسياسية، هي اختيار الأكفأ والأنزه والأصدق والأكثر وطنية، لتمثيل الشعب في المجالس التشريعية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram