TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك :(بس شاورني)

هواء فـي شبك :(بس شاورني)

نشر في: 1 فبراير, 2010: 07:55 م

عبدالله السكوتي يحكى ان شيخا من شيوخ الخمسينيات في مدينة العمارة، رزق بمال كثير، وانتجت اغنامه كثيرا، فاراد ان يفيض بالخير على احد اقاربه، ادناه اليه وقال له:ماذا تطلب وماذا تريد، اموال، ارض، أي شيء، فرد الرجل:(شيخنا كلشي ما اريد، اريدك من ينترس الديوان بالزلم تصيحني وتشاورني).
أي يريده ان يهمس باذنه امام الموجودين، فقال الشيخ: هذا امر بسيط، المهم اكتظ  الديوان بالرجال فصاح الشيخ: يفلان، هرول الرجل اليه فهمس باذنه فرد قائلا:(صارامحفوظ)، وذهب وتكررت هذه الحالة على مدى ايام عديدة، حتى غدت الهدايا والرشاوى تتكوم في باب صاحبنا لقربه من الشيخ، ليصبح ذا سطوة وحقق حلمه بالوجاهة. ما اكثر ماموجود حاليا من هذه الانواع والاشكال، المسؤول واحد والذين يهمس في آذانهم عشرات،اعوان، وخدم، وحمايات، وكلهم يحكمون، يعرضون انفسهم في الاسواق وفي محلات الحلاقة لقضاء الحوائج والتعيين، واخراج المتورط من ورطته مجرما كان ام بريئا.في عهد النظام السابق تجرأ بعضهم على فتح مكاتب يراجعه فيها من يقع في اشكالية مع الدولة وكان احد هؤلاء (حجي عبد) ابن عم صدام ، هذا الرجل دخل احدى المحاكم وانتزع احدهم من قفص الاتهام بعد ان حكم بالمؤبد وقضيته كانت التزوير ، هذا ما حدث للذين تعلموا الهمس حتى قالوا (خادم البيك ، بيك او نص).في الوقت الحالي اصبح النصب على الناس في ذروته حتى صار البريء (بنصف شدة)، والمجرم بحسب جرمه (شدة ونص او اكثر)، والبعض الاخر من المنتفخين فقط فهم يعدون بما لايملكون، كي يشعروا بالوجاهة والمقام الرفيع، وما اجمل ما قال عنهم الشاعر من الميمر:(يابو كرون الايّل امربيهن حلوات ايامك ولامربيهنشغلك عدل ياتيس بس مربيهنتقبض اهواي وتاخذ الخرجيه)للاسف لقد صنعنا  المتسلطين من جديد وها نحن ننظر اليهم برهبة وخوف بعد ان كانوا اشخاصا مثلنا،ولكن منذ زمان والنفخ جار حتى بلغ الامر ان انفجروا في وجوهنا، حيث غرتهم الاقاويل، فقد جمعوا حولهم الاعوان والوجهاء على قاعدة (بس شاورني)، صحيفة فضائية واعوان، هذه مستلزمات العمل السياسي لدينا.ثقافة التسلط والحصول على الوجاهة ثقافة سائدة في العراق، وهذه الثقافة هي التي اتت بالوطن نحو الاسفل،حتى بات احدهم يتصور نفسه فرعونا وما بقي لديه سوى ان يشير الى الناس ان اعبدوني، وكاننا لانعلم اننا ابناء الطبقة الفقيرة لم نولد وفي افواهنا ملاعق الذهب، نحن ابناء بيوت الطين والصرائف ومازالت حبات المطر التي تتسلل من خلال ثقب (الباريه) وتقتحم السقف الرقيق ماثلة على جباهنا، لقد جربنا الجوع ورأيناه ماردا يسلب العقل ولكنه لايتجرأ على الوصول الى الشرف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram