القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي ، اختار"مظلة القانون" اسماً لعملية عسكرية ، تهدف الى بسط الأمن في محافظة ميسان استجابة لطلب مسؤولين محليين فشلوا في وضع حد لمواجهات مسلحة بين العشائر. رئيس مجلس الوزراء اقتفى اثر سلفه نوري المالكي صاحب "صولة القانون" في محافظة البصرة ، باركها وقتذاك من راهن على توجه المالكي في الحد من نشاط جماعات مسلحة ، جعلت المدينة تعيش تحت رحمة عتاة المجرمين.
بين صولة المالكي ومظلة العبادي ،جاء اختيار مفردة القانون للتعبير عن الرغبة الرسمية في الحفاظ على ارواح المدنيين وممتلكاتهم في مناطق شهدت نشاطاً ملحوظاً لجماعات مسلحة ارتكبت جرائم الخطف والاغتيال والسرقة ، اما ممارساتها الاخرى فتمثلت بمنع كل المظاهر المدنية بذريعة الحفاظ على الفضيلة.
صولة المالكي استطاعت ان تحقق جزءا من اهدافها في محافظة البصرة بمساعدة القوات الاميركية قبل انسحابها من العراق ، ثم تحولت الصولة الى قائمة انتخابية حملت اسم ائتلاف دولة القانون ، منحت زعيمها منصب رئيس الحكومة. يبدو ان العبادي يرغب في اعادة التجربة انطلاقا من الايمان بقوة القانون ودوره في بسط الأمن ، ولاسيما ان مؤشرات استعادة المدن الخاصة لسيطرة تنظيم داعش ستمنحه المزيد من الدعم ، يؤهله لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة.
بعيدا عن الأهداف السياسية لصولة ومظلة القانون ، تبقى الإجراءات الرسمية المتعلقة بحصر السلاح بيد الدولة واحدة من ابرز المشاكل الأمنية في العراق ، لكن الحكومة بكل أجهزتها الأمنية عجزت عن تحقيق هذا الهدف ، فظل الشعار مجرد كلام يقال في البيانات والمؤتمرات الصحفية لكبار المسؤولين . الحكومة السابقة انفقت أموالا طائلة لتشكيل مجالس الإسناد العشائرية لملاحقة الخارجين على القانون، ولكن مع تراجع الأوضاع الأمنية ، استخدم سلاح مجالس الإسناد في النزاعات العشائرية ، وضد قوات الجيش والشرطة في مناطق النزاع.
تشكيل مجالس الإسناد العشائرية حمل ايضا أبعاداً سياسية ، فصاحب القرار كان يهدف الى ضمان توسيع قاعدته الشعبية لحصد المزيد من الأصوات لصالح قائمته الانتخابية على حساب تبديد وهدر المال العام.
اندلاع النزاعات العشائرية في مدن جنوبي العراق ، تعود اسبابه الى غياب سلطة القانون فضلا عن سوء اداء الحكومات المحلية ، مع اصرار الكثير من الاهالي على استعادة الصورة السابقة بجعل بندقية "البرنو" في مهد الرضيع ، والتلقيد متوارث يعود تاريخه الى عصور ما قبل التاريخ ، ويقال ان العراقيين القدماء كانوا يحرصون على اقتناء السلاح كجزء من متطلبات كمال الشخصية والظهور بمظهر المحارب المستعد على الدوام للدفاع عن شرف الأسرة والعشيرة والآلهة. الشعور بالقلق من اتساع نشاط الجماعات المسلحة دفع الكثيرين الى الاستعانة بالمكاوير والبنادق بكل اشكالها وانواعها للحفاظ على الأمن الشخصي.
العبادي جعل صولة المالكي تحت مظلته ، والاثنان من ائتلاف دولة القانون ، هدفهما واحد يتلخص بتحقيق مكاسب سياسية في المرحلة المقبلة ، اما تنفيذ مبدأ حصر السلاح بيد الدولة فسيُرحّل الى الحكومة المقبلة ، ودمتم للنضال.
مظلة القانون
[post-views]
نشر في: 21 سبتمبر, 2016: 09:01 م