اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جيوش المتحدّثين "غير الحكوميّين"

جيوش المتحدّثين "غير الحكوميّين"

نشر في: 21 سبتمبر, 2016: 09:01 م

تنفرد حكومتنا من دون حكومات العالم، الذي يراعي مبادئ الشفافية والتداول الحر للمعلومة، بأنها تحرص على الكتمان رغم جيوش من المتحدثين الرسميين وغير الرسميين باسمها وباسم مؤسساتها ووزاراتها.
فمنذ 2003 تم استبدال وزارة الإعلام المنحلّة بمئات المكاتب الإعلامية التابعة للوزارات والحكومات المحلية، وحتى الاحزاب والمنظمات غير الحكومية، انسياقا وراء اشتراطات المجتمع المفتوح، وتحقيقاً لمبدأ الرقابة الشعبية وسيادة المواطن.
ومن ذلك الوقت أصبح العراقيون يحفظون أسماء عشرات المتحدثين باسم الحكومة، ابتداءً من المتحدث باسم رئيس الوزراء وليس انتهاء بالمتحدثين باسم الوزارات الامنية والخدمية. لكنَّ المثير للغرابة أنّ هذه المعرفة بشخوص المتحدثين لم تؤد، في الغالب، الى تبديد الضبابية التي يواجهها العراقي لمعرفة مصير المئات من القضايا التي تؤثر في حياته وحياة أبنائه.
تضخُّم جيش المتحدثين، دفع حكومة المالكي الى إنشاء "وزارة الناطقية"، في مسعى منها لتوحيد الخطاب الرسمي وفرض مزيد من "الفلترة" على تصريحات المسؤولين التنفيذيين. فشلت هذه الوزارة وتمّ حلها لاحقا، إلا انها نجحت في فرض وصاية وتكتّم شديدين على الخطاب الحكومي، في مفاصله كافة.
وإذا كان لمعارضي حكومة المالكي فضل فإنه يكمن في إطلاع الرأي العام على ما يدور في الكواليس السياسية المغلقة، فتم كشف فساد صفقات التسليح والعقود، وبيع المناصب، وووالخ.
إلا أن هذه الحكومة، لحسن حظها، لم تواجه هذا التحدي، لذا بقيت العديد من القضايا الحساسة والمصيرية طي الكتمان. وفي مسعى منه لعكس صورة مغايرة عن سلفه، عين رئيس الوزراء متحدثينِ اثنين يقدمان خطابا "شفافاً" للمواقف الحكومية من الازمات الراهنة، والانجازات المتحققة.
ومع مرور الوقت واشتداد الازمات، وتفاقم التحديات التي تواجهها، قررت الحكومة العودة الى انتهاج اسلوب التكتم، وتشويش الرؤية لإخفاء ما يجب إخفاؤه، او تأخير انكشافه امام الرأي العام.
ومنعاً لاستعارة قناع حكومة المالكي، التجأت حكومة العبادي الى الاستعانة بجيوش متحدثين غير رسميين، أناطت بهم مهمة التبشير بالرؤية الحكومية في مجالات الاقتصاد والامن، والتطورات السياسية، وهي طريقة اتبعتها الحكومة السابقة.
وتأخذ جيوش المتحدثين الحكوميين "غير الرسميين" على عاتقها مهمة الانتشار الواسع في وسائل الاعلام الرسمية والمستقلة، للدفاع عن مواقف الحكومة، اكثر من المتحدثين الرسميين انفسهم.
في هذا المسعى تضرب الحكومة 3 عصافير بحجر واحد عبر الاستعانة بمحللين سياسيين وخبراء اقتصاديين وامنيين "غير رسميين". العصفور الاول، يتمثل بتعزيز مصداقية قراراتها وخططها إعلامياً، أما العصفور الثاني فيتمثل بتوسيع دائرة "مقبوليتها" الشعبية بدفاع شخصيات "مستقلة"، تتمتع بقسط معين من الخبرة، عن خططها وإجراءاتها. أما العصفور الثالث، فيتمثل في الظهور بمظهر الملتزم بمبدأ الشفافية والشراكة مع الرأي العام.
كلّ هذه الوظائف يؤديها المتحدثون غير الحكوميين من دون ان تتحمل الحكومة تبعات هذه الخدمات التي تدار بشكل ممنهج من وراء الستار. فيحاول هؤلاء المتحدثون تلميع الخطط الاقتصادية والمالية لمواجهة الازمة المالية بنفس اساليب الخطابات الحكومية، لكنهم يفضلون لهجة اكثر مرونة وفذلكة. كذلك الامر في المجال الامني والعسكري، يتسابق هؤلاء المتحدثون لزف انباء الانتصارات، وانطلاق العمليات، والانهماك بتحليل الخطط والستراتيجيات العسكرية، بلا كلل ولا ملل.
أصبح هذا الجيش الجرار من المتحدثين والناطقين جزءا من ماكنة التضليل والتكتم التي تمنع العراقي من مساءلة الحكومة وأذرعها التنفيذية عن خططها لضمان مرتبه الشهري، وضمان طريقة موت أقل ابتذالاً مما يواجهه بشكل يومي في الشوارع والطرقات.
للأسف، ألسنة الحكومة الكثيرة لا تطمئن العراقي هذه الايام، ولا تقول شيئاً يُبدد مخاوفه من القادم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram