مجلس محافظة بابل بقضّه وقضيضة مشغول منذ حين بقضية كبيرة .. كبيرة للغاية. وأشغل المجلس معه في هذه القضية وبشأنها سكان المحافظة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة. بل اجتاز الانشغال حدود المحافظة إلى غيرها، وبخاصة العاصمة بغداد.
لن تستطيعوا تخمين ما تكون هذه القضية الكبيرة المنشغلة بها محافظة بابل وغيرها لما يزيد الآن على سنتين.. هي لا تتعلق بنجاح المحافظة في وضع برنامج لغزو الفضاء، ولا باكتشاف النفط واستخراجه، ولا ببناء سدة جديدة محل سدة الهندية المهملة ، أو تحويل مجرى شط الحلة ليروي بمياهه الشحيحة البساتين المتيبس نخيلها والأراضي المتصحرة مترامية الأطراف.
القضية هي قضية مستشفى.. نعم مجرد مستشفى لا أكثر ولا أقل. إنه المستشفى التركي الذي افتتحه، نعم ، نعم افتتحه في مدينة الحلة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في 27 نيسان 2014. التاريخ مهم، بل مهم للغاية، فهو سابق على موعد الانتخابات البرلمانية للعام 2014 بثلاثة أيام فقط. المالكي "افتتح" المستشفى رسمياً، وذُبحت على شرف "الافتتاح" الذبائح وارتفعت عالياً الهلاهل والهوسات يومها.
يومها كانت الدعاية الانتخابية في ساعات الذروة الأخيرة، ويومها قال المالكي الذي كان يسعى إلى ولاية حكومية ثالثة، إن المستشفى هو جزء من سلسلة تضم 30 مستشفىً في عموم العراق، وإنه من المشاريع الستراتيجية المهمة، مشدّداً على أن ائتلاف " دولة القانون" الذي يقوده سيكرّس جهوده لإنجاز مستشفيات ومراكز صحية نموذجية بما فيها مركز للأمراض السرطانية لمنطقة الفرات الأوسط.
بعد سنتين وخمسة أشهر من "الافتتاح" الرسمي له، لم يزل المستشفى التركي في مدينة الحلة مُقفراً وموحشاً، لم يدخله مريض واحد، وكيف لمريض أن يدخل إلى مستشفى موصد الأبواب، لم يدلف من بوابته طبيب أو ممرض او موظف إداري؟
أمس كان مقرَّراً افتتاح المستشفى رسمياً من جديد للمرة الثالثة أو الرابعة ! أعلن في الحلة أن مجلس محافظة بابل قرر تأجيل الافتتاح الى الأسبوع المقبل لـ"عدم جاهزيته" في الوقت الحالي! وفيما شدّد المجلس على ألا يكون افتتاح المستشفى "بشكل صوري، كما حدث في السنوات السابقة"، طالب بنقل بعض كوادر مستشفى الحلة الجراحي الى المستشفى التركي لسدّ النقص وتقليل التخصيصات المالية (المدى برس).
هل المشكلة النقص في بعض الكوادر؟.. أين كانت الحكومة المحلية ومجلس المحافظة ووزارة الصحة إذن من هذه المشكلة؟
الخشية الآن أن يُؤجَّل الافتتاح الحقيقي والفعلي لهذا المستشفى مرة بعد أخرى حتى يحين موعد الانتخابات البرلمانية التالية، بعد أقل من سنتين، فيجيّر "دولة القانون" أو غيره الافتتاح لصالحه هذه المرة أيضاً، متغافلاً عن الخديعة الكبرى التي تمّت عشية الانتخابات السابقة وقبض "دولة القانون" والمالكي ثمنها أصواتاً انتخابية!
القضيّة الكبرى في بابل !
[post-views]
نشر في: 21 سبتمبر, 2016: 06:50 م