TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اعتراف الحكيم .. (1- 2)

اعتراف الحكيم .. (1- 2)

نشر في: 23 سبتمبر, 2016: 05:57 م

adnan.h@almadapaper.net

"كانت تجربتنا في الحكم صعبة ومرّة وقاسية وارتكبت فيها أخطاء، لعلّها غير مقصودة لكنها جسيمة وكادت أن تضيّع كل شيء، وكنّا نفكر بنظرية العقل المنفصل وعدم التفاعل مع الاحداث الجارية والتطورات السريعة ولم نواجهها بالمستوى المطلوب من التحدي".
هذا الكلام لواحد من أقطاب السلطة القائمة في العراق، هو رئيس المجلس الأعلى  الإسلامي (الشيعي) ورئيس التحالف الوطني (الشيعي أيضاً). قاله منذ يومين في اجتماع لحزبه. إنه بالطبع اعتراف بالفشل. اعتراف وإن يجيء متأخراً أفضل من ألّا يأتي أبداً، فثمة أقطاب آخرون في السلطة لا يعترفون أبداً بأي خطأ أو فشل، أو هم يعترفون في الجلسات المغلقة وخلف الأبواب الموصدة فقط.
مثل كلام الحكيم هذا وأخفّ منه كنّا - أقصد جمهرة من الكتّاب والصحفيين والسياسيين والشخصيات الاجتماعية- نقوله ونكرر قوله دائماً على مدى أكثر من عشر سنين، لكنّ كلامنا كان يُواجه بالرفض والاستنكار، بل حتى بالتخوين، من أقطاب في السلطة، وبخاصة أقطاب التحالف الذي يقوده السيد الحكيم الآن، وبالذات ائتلاف دولة القانون الذي يشكّل الكتلة الأكبر في الائتلاف ومحتكر المفاصل الرئيسة للسلطة منذ 2005.
كنّا نقول لهم إنهم يرتكبون الأخطاء، البعض منها شنيع للغاية، وأنهم ينتهجون سياسات مدمّرة .. وبصراحة فإن ما كنا نقوله لم يكن إكراماً لعيونهم وإنما حبّاً بشعبنا ووطننا  وتأدية لواجبنا المهني والوطني. الجماعة اختاروا دائماً أن يردّوا علينا بأننا معادون لهم، بل لم يتردد بعضهم ومرتزقتهم ومنافقوهم من رمينا بالتهم الجاهزة المجانية، بما فيها الكتابة والعمل لصالح الغير (الوضيع دائماً يظنّ أن الجميع وضيعون مثله، أو يرغب في أن يكونوا كذلك).
لو كان أقطاب سلطة ما بعد 2003، وبخاصة أقطاب التحالف الذي يقوده الآن السيد الحكيم، بوصفهم الكتلة الحاكمة أو الأكبر في الحكم، قد أعطونا أُذناً صاغية وتأمّلوا بروح رياضية في نقدنا لسياساتهم وتصرفاتهم، لكانوا قد وفّروا على العراقيين الكثير من المعاناة الرهيبة والمكابدة الشاقّة .. الكثير من الأرواح التي أُزهقت والدماء التي سُفكت .. الكثير من الأموال التي أُهدرت (مئات مليارات الدولارات) والأملاك التي تدمّرت.. بل لكنّا قد تفادينا كارثة احتلال داعش لثلث مساحة البلاد وكل المآسي والويلات الإنسانية التي نجمت عنها ولم تنته فصولها بعد، وبخاصة عمليات القتل والسبي والاغتصاب والنزوح والعيش في العراء. أكثر من هذا لكنّا ننعم الآن بالأمن والسلام والاستقرار والتنمية، وبالطبع لكانوا، أقطاب السلطة، قد وفّروا على أنفسهم الوقوع في الخطأ المتكرر والفشل المتواصل الذي يعترف به الآن السيد الحكيم.
اعتراف السيد الحكيم بالفشل أو الخطأ أمر مهمّ، لكن هناك ما هو أكثر أهمية من مجرد الاعتراف، وهو مطلوب الآن من الحكيم أن يحققه أو يعمل بجدّ واجتهاد لتحقيقه.
(غداً، الكلام يتواصل.)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. رمزي الحيدر

    الحكيم لا يستطيع تحقيق شيأ لانه . ١-زعيم من الاسلام السياسي الذي حطم العراق المفروض أن يصرح إننا حطمنا العراق والمفروض نذهب الى بيوتنا وجوامعنا وان نصلي الى الله أن يغفر لنا بما سببنا من كوارث الى الشعب العراقي. ٢- لازال هو و حزبه من المدافعين عن المح

  2. ناظر لطيف

    شكرا للأستاذ عدنان حسين على المقال الرائع ونقدر حرصه من اجل الوطن وتعرضه ما تعرض له بسبب مهنيته، لكني اختلف مع تفاؤله من ان الفريق السياسي الموجود قادر على تصحيح الأخطاء وذلك لأنه في احسن احواله أنه غير مؤهل، إضافة لوجود المليشيات والتي هي تنافي وجود الدو

  3. الشمري فاروق

    هل يعترف مختار العصر والزمان بأنه أخطأ......لا بل ارتكب الكثير من الاخطاء واكثرها فحشا السماح باحتلال الموصل وما تبعها من محافظات وما جرى لسكان هذه المحافظات وكل ابناء العراق؟؟؟؟ ...انا لا اعتقد ذلك؟؟؟؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram