دار الافتاء العراقية تعتزم تنظيم مؤتمر للمصالحة الوطنية ، حددت موعده في العشرة الثانية من شهر محرم ، لتجرب حظها في انجاز استحقاق وطني ، فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيقه ، على الرغم من انفاق ملايين الدولارات على المشروع خلال السنوات الماضية ، لم تسفر عن نتائج ايجابية لتوسيع المشاركة في العملية السياسية. دار الافتاء تهدف من عقد المؤتمر لتوحيد كلمة المسلمين ، وستدعو شخصيات دينية وعشائرية ، لتوقيع وثيقة عهد لنبذ العنف وتعزيز السلم الاهلي.
اختيار شهر محرم موعدا لعقد المؤتمر على حد قول المتحدث الرسمي باسم دار الافتاء، قد يحفز المشاركين على المزيد من التقارب ، لغرض بلورة توصيات تكون ملزمة للجهات الدينية لمواجهة مظاهر الانقسام المجتمعي بالتخلي عن الافكار المتطرفة ، واشاعة ثقافة التسامح ، مع تفعيل دور القضاء في ملاحقة المطلوبين المتورطين بارتكاب جرائم ارهابية .
هذا النوع من الحديث سمعه العراقيون مرارا وتكرارا ، لم يلمسوا تطبيق حرف واحد منه على ارض الواقع وسط توقيع اكثر من وثيقة شرف، ابرزها وثيقة مكة ، تخلى عنها الموقعون عليها قبل وصولهم الى العاصمة بغداد .
تجارب الشعوب المتنازعة في تحقيق المصالحة وتوطيد السلم الاهلي، تمت بحكمة ساستها ومسؤوليها ، تصلح ان تكون وصفة للمشكلة العراقية شريطة التعاطي مع هذا الملف بخطوات جدية مع تقديم تنازلات من الاطراف المتنازعة، فضلا عن اعتماد برنامج حقيقي ينصف الضحايا . مشروع المصالحة الوطنية ورد في وثيقة الاصلاح السياسي فاصبح جزءا من برنامج الحكومة الحالية ، لكن اطرافها تعيش خلافا مزمنا ، انعكست تداعياته على الأوضاع الأمنية ، فباتت بحاجة الى مصالحة لتسوية خلافاتها.
باقرار قانون العفو العام ، وبروز اعتراضات على بعض مواده ، كشفت مواقف القوى السياسية الممثلة داخل البرلمان عن تباين مفاهيمها حول المصالحة ، فكل طرف يتعاطى مع هذا الملف من زاويته الخاصة ، متجاهلا اهميته الوطنية بوصفه احد ابرز مستلزمات ضمان نجاح الانتقال من النظام الشمولي الى الديمقراطي .
القوى السياسية العراقية صاحبة التمثيل الواسع في الحكومة الحالية، اعلنت دعمها لتحقيق مشروع المصالحة الوطنية لكن بشروط تنطلق احيانا من دوافع مذهبية . في ضوء ذلك فشلت كل اجتماعات ومؤتمرات المصالحة ،فأصبحت مجرد شعار يرفع في مواسم الدعاية الانتخابية سرعان ما يتم التخلي عنه ، لهذا السبب خضع الملف الى المزاج السياسي للقوى المتنفذة فادى ذلك الى بروز حالة من الحياء الحكومي في التعاطي مع مشروع المصالحة.
دار الافتاء العراقية بدخولها طرفا في تحقيق المصالحة ، بحاجة الى خريطة طريق واضحة المعالم لتفادي الاخطاء السابقة، ادت الى فشل المشروع ، اما المراهنة على توحيد كلمة المسلمين فاثبتت الاحداث والوقائع، سواء في العراق وبقية دول المنطقة ، ان الاطار الديني اصبح عامل تفرقة لايمكن اعتماده لاحداث التقا رب ، خصوصا ان الخلاف العقائدي عميق جدا ، حتى اصبح حقل الغام يمتد في مساحات شاسعة قابلة للانفجار في كل لحظة. عقد مؤتمر في العشرة الثانية من شهر محرم ، من المحتمل ان يحول دار الافتاء العراقية الى هيئة تطبير للمصالحة ، ولات ساعة مندم .
هيئة تطبير المصالحة
[post-views]
نشر في: 24 سبتمبر, 2016: 09:01 م