TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هيئة تطبير المصالحة

هيئة تطبير المصالحة

نشر في: 24 سبتمبر, 2016: 09:01 م

دار الافتاء العراقية تعتزم تنظيم مؤتمر للمصالحة الوطنية ، حددت موعده  في العشرة الثانية من شهر محرم ، لتجرب حظها في انجاز استحقاق وطني ، فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيقه ، على الرغم من انفاق ملايين  الدولارات  على المشروع خلال السنوات الماضية ، لم تسفر عن نتائج ايجابية لتوسيع المشاركة في العملية السياسية. دار الافتاء تهدف من عقد المؤتمر لتوحيد كلمة المسلمين ، وستدعو شخصيات دينية وعشائرية ، لتوقيع وثيقة عهد لنبذ العنف وتعزيز السلم الاهلي.
اختيار شهر محرم  موعدا لعقد المؤتمر على حد قول المتحدث الرسمي باسم دار الافتاء،  قد يحفز المشاركين على المزيد من التقارب ، لغرض بلورة توصيات تكون ملزمة للجهات الدينية لمواجهة مظاهر الانقسام المجتمعي بالتخلي عن الافكار المتطرفة ، واشاعة ثقافة التسامح ، مع تفعيل دور القضاء في ملاحقة المطلوبين المتورطين بارتكاب جرائم ارهابية .
 هذا النوع من الحديث سمعه العراقيون مرارا وتكرارا ، لم يلمسوا تطبيق حرف واحد منه على ارض الواقع وسط توقيع اكثر من وثيقة شرف، ابرزها وثيقة مكة ، تخلى عنها الموقعون عليها قبل وصولهم الى العاصمة بغداد .  
 تجارب الشعوب المتنازعة في تحقيق المصالحة  وتوطيد السلم  الاهلي، تمت  بحكمة ساستها ومسؤوليها ،  تصلح ان تكون وصفة للمشكلة العراقية  شريطة التعاطي مع هذا  الملف بخطوات جدية مع تقديم تنازلات من  الاطراف المتنازعة،   فضلا عن اعتماد برنامج حقيقي  ينصف الضحايا . مشروع  المصالحة الوطنية ورد في وثيقة الاصلاح السياسي  فاصبح  جزءا من برنامج الحكومة الحالية ، لكن اطرافها تعيش خلافا مزمنا ،  انعكست تداعياته على الأوضاع الأمنية ، فباتت بحاجة الى مصالحة لتسوية خلافاتها.
باقرار قانون العفو العام ، وبروز اعتراضات على بعض مواده ، كشفت مواقف القوى السياسية الممثلة داخل البرلمان عن تباين مفاهيمها حول المصالحة  ، فكل طرف يتعاطى مع هذا الملف من زاويته الخاصة ، متجاهلا اهميته الوطنية بوصفه احد ابرز مستلزمات  ضمان نجاح الانتقال من  النظام الشمولي الى الديمقراطي .        
القوى السياسية العراقية  صاحبة  التمثيل الواسع في الحكومة  الحالية،  اعلنت دعمها لتحقيق مشروع المصالحة الوطنية  لكن بشروط  تنطلق  احيانا من دوافع مذهبية .  في ضوء ذلك فشلت كل اجتماعات ومؤتمرات المصالحة ،فأصبحت مجرد شعار  يرفع في  مواسم الدعاية الانتخابية سرعان ما يتم التخلي عنه ، لهذا السبب خضع الملف الى  المزاج السياسي للقوى  المتنفذة  فادى ذلك  الى بروز حالة من الحياء الحكومي في التعاطي مع مشروع المصالحة.   
دار الافتاء العراقية بدخولها طرفا في تحقيق المصالحة ، بحاجة الى خريطة طريق واضحة المعالم لتفادي  الاخطاء السابقة، ادت الى فشل المشروع ، اما المراهنة على توحيد كلمة المسلمين فاثبتت الاحداث والوقائع،  سواء في العراق وبقية دول المنطقة ، ان الاطار الديني  اصبح عامل تفرقة لايمكن اعتماده لاحداث التقا رب  ،  خصوصا ان الخلاف العقائدي عميق جدا ، حتى اصبح حقل الغام يمتد في مساحات شاسعة قابلة للانفجار في كل لحظة.  عقد مؤتمر في العشرة الثانية من شهر محرم ، من  المحتمل ان يحول دار الافتاء العراقية الى هيئة تطبير للمصالحة ، ولات ساعة مندم .  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram