الآن بإمكان العراقيين أن يكتشفوا الوجه الآخر للسيد نوري المالكي ، فبعد سنوات من النظرية التي أطلقها المالكي ومقرّبوه من أن العراق  لا يصلح معه إلّا حاكم "متجهّم الوجه". اليوم نشاهد المالكي الآخر المبتسم الذي يدعونا إلى عدم تجاوز الإشارة الحمراء في طريق الديمقراطية ، لم يطق أن يسمع البعض يشكك بنزاهة البرلمان فخرج يقول لنا :"  إنّ  مجلس النواب ينهض اليوم  في أداء دوره الرقابي بمحاسبة المقصّرين ، مطالباً الجميع بدعم مجلس النواب  " ، وابتسم السيد المالكي  وانفرجت أساريره  وكاد يهتف "بالروح بالدم نفديك ياسليم الجبوري " ، للمرة الأولى يرتفع صوت المالكي مطالباً بدعم هذه المؤسسة التي عاشت معه " أتعس " سنيّ حياتها ،  وللمرة الاولى يخبرنا المالكي أن هناك مؤسسة مهمتها تشريع القوانين ومراقبة أداء الحكومة ومحاسبة المفسدين ، بينما عشنا معه سنينَ  أعادنا فيها  إلى الايام التي حاربت  فيها قبيلة عبس جارتها قبيلة ذبيان من أجل حوافر الحصان داحس وعيون المُهرة غبراء ،  في تلك الايام  أتحفنا السيد المالكي  بنظرية جديدة في عالم السياسة، مفادها، طالما أن مجلس النواب مجلس منتخب من الشعب، فمن حقّ أعضائه أن يتقاضوا رواتب ومخصصات، وأيضا من حقّهم أن يدخلوا في نقاش حامي الوطيس شرط أن يبقى خلف أبواب البرلمان، ومن حقهم أن يصرّحوا للفضائيات، ولكن ليس من حقهم التدخل في عمل الحكومة ، ونتذكر كيف خرج يوم   10/11 / 2012 من على قناة العراقية  مهاجماً البرلمان ،لأنه استدعى وزير النفط آنذاك حسين الشهرستاني لسؤاله عن اتفاقات وزارة النفط مع الشركات الأجنبية،حيث قال بالحرف الواحد : إن " استدعاء النواب وزير النفط   يقوّض ثقة المستثمرين وينسجم مع رسالة المخرّبين الذين يفجّرون أنابيب النفط " !
وتنتقل الكاميرا بعد أشهر ليظهر المالكي بداية عام 2013  مطالباً برفع الحصانة عن النواب الذي قدموا طلب استجواب للقيادات الأمنية بسبب الفشل الامني  ، قال لنا وبالحرف الواحد أيضا :إن " مجلس النواب مشارك في  تأجيج الوضع الامني  ، وهو كذلك يساعد في الاضطرابات  " ، وفي خطاب يوم 2/5/2013 اعتبر المالكي استدعاء وزيري الداخلية والدفاع الى قبة البرلمان أمراً يضر بالأمن القومي للعراق!
ثم بعدها بأيام ظهر السيد المالكي على شاشة العراقية  الأثيرة لديه، ليؤدّب النواب جميعا ، متهماً مجلسهم بأنه :"   ‏يشكّل  أكبر عقبة أمام عمل الحكومة لإصلاح أوضاع البلاد " بعدها بعام وبالتحديد يوم  السادس من  آذار عام 2014 أخبرنا المالكي بانه :"   قدم طلبا للمحكمة الاتحادية باعتبار مجلس النواب العراقي مؤسسة لم تعد تمتلك الشرعية "
هكذا يريد السيد المالكي أن يبيع لنا بضاعة منتهية الصلاحية ، لا تختلف في نوعيتها عن  الأوهام التي عشنا معه ثماني سنوات عجاف ، وأظن أن تجارب السنوات الصعبة علّمتك  عزيزي  المواطن ألّا تتوقف كثيراً عند كل أشكال اللهو السياسي ، سواء من جانب الإصلاحيين أو من أولئك الذين يعتقدون أننا شعب بلا ذاكرة .