حازم مبيضين فقد العقيد الليبي معمر القذافي موقعه كرئيس للاتحاد الافريقي في أول يوم للقمة الأفريقية في أديس أبابا, واختير رئيس ملاوي خلفاً له, في حين كان عقيدنا يسعى للاستمرار فترة أخرى, ولم يكن غريباً أن يسارع القذافي مستغلاً خطابه الاخير كرئيس,
إلى انتقاد الاتحاد بسبب تضييعه للوقت, وعدم تصديه للتحديات العالمية, ولإنهاكه نفسه بالاجتماعات الطويلة وإصدار إعلانات وتقارير دون سؤاله, وقال لافض فوه وهو يشير إلى اجتماعات استمرت إلى ساعات متأخرة من الليل، ووصفها بأنها كانت بلا فائدة إن الأمر كان أشبه بصنع قنبلة ذرية جديدة, ولم ينس أن يحث الزعماء الأفارقة على الوحدة السياسية التي مثلت جانباً كبيراً من جدول أعماله خلال رئاسته للاتحاد. القذافي أعلن أنه يكتفي بمسؤولياته المعنوية بوصفه ملك الملوك, وعميد قادة أفريقيا, وانه ليس بحاجة إلى ألقاب أخرى, وسيستمر في الكفاح من أجل اﻻتحاد اﻷفريقي, الذي كشف لنا اليوم فقط أن رئيسه ﻻ يملك أي صلاحيات, . لكن واقع الحال أن معارضة جنوب أفريقيا التمديد له, والتمسك بمبدأ تناوب الرئاسة, حسما اﻷمور لصالح رئيس ماﻻوي الذي يخلف عقيدنا قائد الثورة وعميد الحكام العرب، وملك ملوك أفريقيا، اضافة إلى رئاسته لتجمع دول الساحل والصحراء، ورئيس اتحاد المغرب العربي، والرئيس المقبل للقمة العربية عندما تلتئم في طرابلس بعد شهرين, وهو يتجاهل هذه الايام لقبه الذي كان أثيراً لديه, والممنوح له من الرئيس المصري جمال عبد الناصر وهو أمين القومية العربية , ربما لانه اكتشف متأخراً أن لاحظوظ لديه في قيادة هذه الامة. بدلاً من وحدة القذافي دعا الرئيس الجديد إلى بدء الثورة الزراعية ﻹطعام الجوعى, ومعالجة تغيرات المناخ وعدم المساواة بين المرأة والرجل والفقر واﻷمراض, والتحرك من أجل العمل بدلاً من الخطابة, ولعل من نافلة القول إن الرئيس الجديد يحاول السير بخطوات عملية كبديل للخطب الطويلة التي اعتدناها من العقيد, وبدلاً من دعواته الوحدوية المستحيلة التحقق, في وقت يعرف العالم بمجمله أن أفريقيا تحتاج لتسريع وتيرة اﻻندماج لزيادة الموارد وتطوير المواقف المشتركة في العالم, مثلما يعرف أن استمرار النزاعات والانقلابات يشكل إعاقة، فهناك مواجهات سياسية في كينيا وزيمبابوي، وحروب في بوروندي والكونغو الديمقراطية وساحل العاج, وهناك أوضاع غير طبيعية في الغينيتين والصومال ومدغشقر والسودان حيث يسود إما نزاع مسلح مفتوح أو سلطات متعارضة, ولمواجهة ذلك يجب وضع خطط قابلة للتحقيق بدل انتظار انقلابات تحمل عرفاء في الجيش إلى موقع الرئاسة. لم يكن العقيد الليبي, وهو لايستحق أكثر من هذا الوصف, معنياً بهموم القارة السوداء, سواء كانت تتعلق بملايين الأشخاص النازحين في دارفور بغرب السودان، أو في الصومال المتحول إلى عدد من الجمهوريات التي يصعب حصر عددها, والذي تقف حدود سلطات رئيسه عند الغرفة التي يجلس فيها, بينما القراصنة يخربون طرق التجارة العالمية, ولم يكن معنياً بغير جمع مزيد من الالقاب الطنانة والخالية من المضمون والتي تثير السخرية خصوصاً لقبه الاخير ملك ملوك افريقيا, وهم مجموعة من البشر لايعرف أحد عددهم ولا وظيفتهم التي ربما تشبه وظائف العقيد, ولله في خلقه شؤون.
خارج الحدود :ملك ملوك إفريقيا
نشر في: 3 فبراير, 2010: 06:05 م