TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ريـبــورتـــاج: المستورد يطيح بعرش الخياطين... ويحول معاملهم الى مخازن ألبسة

ريـبــورتـــاج: المستورد يطيح بعرش الخياطين... ويحول معاملهم الى مخازن ألبسة

نشر في: 29 سبتمبر, 2016: 12:01 ص

يشتهر الكثير من شوارع العاصمة بغداد بمحال ومعامل الخياطة خاصة شوارع الرشيد والسموأل والسعدون والنهر. (جمال) واحد من هؤلاء الخياطين حيث عمل في صباه صانعا في احد محال الخياطين ليمتهن المهنة فيما بعد ويقوم بفتح محل خاص به اواسط الثمانينات، ايام اجازته ا

يشتهر الكثير من شوارع العاصمة بغداد بمحال ومعامل الخياطة خاصة شوارع الرشيد والسموأل والسعدون والنهر. (جمال) واحد من هؤلاء الخياطين حيث عمل في صباه صانعا في احد محال الخياطين ليمتهن المهنة فيما بعد ويقوم بفتح محل خاص به اواسط الثمانينات، ايام اجازته الدورية في العسكرية يساعده في ذلك شقيقه الاصغر وابن عمه وخياط اخر من الإخوة المصريين. جمال يجلس اليوم وحيدا في المحل منتظرا من يشتري بنطالا او جاكيتا او قميصا (لتقريمه) بعد ان هجر اغلب زبائنه خياطة الملابس والاستعانة بالمستورد الذي زلزل عرش الخياطة..

يقول جمال والذي يستعين الان بحفيده ببعض اعمال الخياطة ان الحال لايسر ابدا. مردفا: لا اقصد المعيشة فالحال مستور بوجود الاولاد والاحفاد، لكن هذا التدمير الممنهج للمهن والحرف الماهرة ان كان بفتح باب الاستيراد او بالتضييق. مستطردا: ان اصحاب الاملاك اخذوا بزيادة اسعار بدلات الايجار دون الاكتراث بوضع المؤجر ومهنته، والسبب غياب القانون الذي يحميه ومهنته.
على بعد ثلاثة محال من محل جمال الواقع في شارع السموأل كان ثمة محل كبير لبيع وخياطة الاقمشة المستودرة والمحلية كما كانت تشير لوحة اعلانية صغيرة اختفت معالمها كثيرا، حيث حل بدلا عنها اعلان يشير الى مجمع تجاري لبيع الملابس التركية بالجملة والمفرد.
(ضياء الخياط) يعرفه الجميع مختصا في خياطة الجاكيت بين ان مهنة الخياطة شأنها شأن الكثير من المهن الاخرى تأثّرت بشكل كبير وتراجعت الى الوراء بعد أن كانت من المهن المرموقة. مبينا ان سبب ذلك معوقات كثيرة ربما يقف في مقدمتها الوضع الامني وفترة العنف الطائفي، ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي الذي تسبب بارباك كبير في اتمام العمل وتسليم الملابس للزبائن. مشيرا الى اقبال الناس على الملابس المستوردة من خلال فتح الاسواق على مصاريعها امام مختلف المناشئ دون ان تشمل بالضرائب والكمارك. مشددا على ضرورة الاهتمام بهذه المهنة واعادة البريق لها من خلال حماية المنتج الوطني.
بامكان محل الخياطة ممارسة بعض الاعمال التي تسد الحاجة والمعيشة لكن كيف بمعامل الخياطة التي تعد بالعشرات ومنها معمل الخياط (ابو سمير) الخاص بخياطة الملابس النسائية والبناتية البيتية حيث بين ان تكاليف إنتاج الملابس وغلاء الاقمشة وارتفاع بدلات الايجار لم تعد قادرة على منافسة ما يدخل البلاد عبر الاستيراد. موضحا: كذلك اجور العمال والمصروفات الاخرى مثل خط المولدة والضريبة وغير ذلك. مبينا: انه اضطر في الاخير الى جمع مكائن الخياطة ومعداتها في غرفة واحد وتأجير بقية المعمل كمخزن للملابس المستوردة.
ابو سمير ربما يتحمل امر تحول معمل الخياطة الى مخزن بشيء من الصبر والقبول الا ان محمود العزواي لم يكن بمقدوره اخفاء تذمره وقرفه مما وصل اليه الحال وهو يرى اكوام الملابس ( والخرق) كما اسماها تخرج وتدخل من معمله، الذي كان لا يخلو من الزبائن ان كانوا من البغداديين او ممن ياتيه من مدن العراق الاخرى. العزواي حمل الحكومات المتعاقبة مسؤولية ما وصل اليه واقع الخياطة في البلاد كما لم يستشنِ التجار الذي لايهمهم غير الربح وجمع الاموال على حساب الاخرين.
 الامر لم يتوقف عند محال ومعامل الخياطة بل تعداه ليصل الى خياطات المحلة وكيف كن يجلسن لساعات طويلة لاتمام وتجهيز ملابس العوائل خاصة في مواسم تبدل الفصول ومنهن الخياطة (ام حسن) في منطقة الكفاح والتي بدات مشورها مع الخياطة في بيت خالتها ثم تحولت الى احد معامل الخياطة في شارع الرشيد لتصل في النهاية الى فتح ورشة صغيرة في بيتها والاكتفاء بخياطة ملابس ابناء المحلة تقول: في بعض الايام كنت اجلس لاكثر من عشر ساعات خلف ماكنة الخياطة لاتمام ملابس الجيران. مستدركة: لكن اليوم تقلصت تلك الساعات ووصلت الى دقائق احيانا بين يوم واخر، اذ تقتصر على (تقريم) بعض الملابس الجاهزة. لافتة الى تواصل بعض العوائل خاصة النساء الكبيرات ممن لايجدن ما يناسبهن من ملابس جاهزة. مشيرة الى انها قامت بخياطة ملابس اعراس وزفاف اغلب نساء المحلة.
منذ اكثر من ثلاثين عاما وهو يجلس خلف الماكنة دون كلل او ملل يعطي هذا الصديق عشرة ايام لاكمال بنطاله وذاك اسبوعين لانجاز بدلته، وربما تزيد الايام او تقل حسب الظرف والعمل، لكنه الان يجلس بمفرده مع ماكنة خياطة وبعض المعدات الخاصة بمهنته ورغم تحول اغلب زملائه الى (التقريم بدل الخياطة) ظل (عدنان البياتي) مخلصا لمهنته رغم كل شيء حيث ذكر: مازال هناك بعض الناس يرغبون بخياطة الملابس. منوها الى ان لديه العديد من الزبائن مازالو مواظبين على زيارته بين اونة واخرى لخياطة بنطلون او قميص او بدلة. مسترسلا: صحيح ان الوضع لايسر لكن هذا حال الزمان والتطورات الكفيلة بتغيير كل شيء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

التعديل الوزاري طي النسيان.. الكتل تقيد اياد السوداني والمحاصصة تمنع التغيير

حراك نيابي لإيقاف استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين

إحباط محاولة لتفجير مقام السيدة زينب في سوريا

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram