السيدة (ام جابر) في الستين من عمرها ، تسكن في حي الشهداء بمنطقة البياع ، انضمت الى فيلق الأرامل قبل انتهاء الحرب العراقية الايرانية ، ابنها الاكبر عريف في الجيش ، مقر وحدته العسكرية في محافظة الانبار ، اما الابن الاصغر فهو من ذوي الاحتياجات الخاصة لفقدانه ساقه اليسرى جراء انفجار سيارة مفخخة.
تواجه المرأة اليوم مشكلة لم تخطر في بالها ، حين اخبرها وكيل توزيع مفردات البطاقة التموينية بحجب تزويدها بالحصة الغذائية الشهرية بقرار من وزارة التجارة ، لم تستطع السيدة استيعاب الصدمة فقالت بصوت مرتفع سمعه من كان في المكان "صخم الله وجه الحكومة" ، مع سؤال بحجم محنتها ، ليش ليش ؟؟؟ عرفت السبب حين اخبرها الوكيل بانها لم تراجع لتجديد بياناتها الانتخابية.
في منطقة سكن السيدة ام جابر مئات العائلات، شملت بقرار الحرمان من تسلم المواد الغذائية ، حل المشكلة يتطلب مراجعة مقر مفوضية الانتخابات ، لاستحصال كتاب موجه الى مركز تموين الكرخ لالغاء الحجب ، ثم شمول ام جابر وغيرها باجراءات الدولة المسؤولة عن توفير الامن الغذائي لملايين العراقيين ، تجاهلت مفوضية الانتخابات بالتنسيق مع وزارة التجارة معاناتهم ، بل فرضت عليهم عقوبة تنافي ادنى معايير احترام حقوق الانسان .
"صخم الله وجه الحكومة" ، لازمة ام جابر رددها الاخرون ، لانهم اصبحوا بنظر المفوضية المستقلة اعداء الديمقراطية ، ينفذون اجندات اقليمية لافشال اجراء الانتخابات المحلية والتشريعية . فتوى منع توزيع مفردات البطاقة التموينية ، اعادت الاذهان الى استذكار ما كان يعرف بيوم "الزحف الكبير" ، حين قرر النظام السابق اجراء استفتاء شعبي لاختيار رئيس الجمهورية ،فيما ترددت في الشارع شائعات تشير الى معاقبة المتخلفين عن المشاركة في الاستفتاء بحرمانهم من مفردات البطاقة التموينية ، وكانت وقتذاك تحتوي البقوليات وحليب الاطفال والشاي ، ودجاجة مجمدة توزع في المناسبات الوطنية والقومية .في مرحلة النظام الديمقراطي اثبتت مفوضية الانتخابات ووزارة التجارة بان شائعات الماضي تحولت الى حقائق .
على قاعدة ابعاد الاتهامات ، من المرجح ان تصدر المفوضية بيانا تؤكد فيه ان قضية حجب مفردات البطاقة التموينية قرار يخص وزارة التجارة ، نافية ان يكون لها اي دور في حرمان الأرملة ام جابر من الطحين والرز والسكر ، مع الاشارة الى تجديد ملايين العراقيين بياناتهم خلال الاشهر الماضية لضمان مشاركتهم في الانتخابات المحلية المقبلة.
صدور فتوى من جهة رسمية او هيئة مستقلة ، تكون في العرف العراقي السائد واجبة التطبيق والتنفيذ، لأن المصلحة الوطنية فوق الميول والاتجاهات ، تتجاوز الاصطفاف الطائفي والمذهبي ، ام جابر تنتظر عودة ابنها من الانبار ليراجع وزارة التجارة ومفوضية الانتخابات لرفع الحظر عن بطاقتها التموينية، لتضمن حقها الدستوري للادلاء بصوتها في الانتخابات المحلية ، لتسهم في تعزيز النظام الديمقراطي في بلاد العجائب والغرائب ، لعلها تحصل على راتب تقاعدي لابنها الاصغر لكونه من ضحايا العمليات الارهابية ...ام جابر تنتخب.
مفوضية الانتخابات تعاقبنا
[post-views]
نشر في: 28 سبتمبر, 2016: 09:01 م