TOP

جريدة المدى > عام > فيما يُحايثُ الرثّاء.. السَّيْرُ فوقَ سَريرِ الماءِ

فيما يُحايثُ الرثّاء.. السَّيْرُ فوقَ سَريرِ الماءِ

نشر في: 3 أكتوبر, 2016: 12:01 ص

إلى .... زُها حديد ... بكاملِ أنفاسِ الزَّهْوِ(فإنْ أوقفَكَ في الصُّراخِ ... فنَمْ فيه )-النِّفرّي-*- يحدثُ أنْ يكونَ الحبُّ غابةً!! كما يحدثُ أنْ تكونَ الأرضُ، ريشةً في جِنح يمامةلكنْ ...! متى ما تهامى مطرُ الروحِ عَذباً ... رخيّاً ... من أسى د

إلى .... زُها حديد ... بكاملِ أنفاسِ الزَّهْوِ

(فإنْ أوقفَكَ في الصُّراخِ ... فنَمْ فيه )
-النِّفرّي-*
- يحدثُ أنْ يكونَ الحبُّ غابةً!!
 كما يحدثُ أنْ تكونَ الأرضُ،
ريشةً في جِنح يمامة
لكنْ ...! متى ما تهامى مطرُ الروحِ
عَذباً ...
رخيّاً ...
من أسى دمعةٍ استدارَ النهارُ ...
عشيةَ عُمْرٍ واستفاقَ النَّهرُ ... أثرَ ريحٍ
على جُرحِ سَعفةٍ
فوقَ أعشابِ الأماني
واستلذَّ الدفءُ نَوْحاً...
عندَ أعتابِ الأغاني
بشهقةِ النّدى ... ولوْنِ الرَّدى
استماتَ الصَّوْتُ ... سهواً
بلا عطرٍ...
غابَ ينأى ...
وحيداً بالصَّدى ..!
لكنّ ما لا تُحمد عقباه ... أن يتسللَّ الموتُ،بخفّةِ لصٍّ ورجفةِ جفنٍ،فيحيلَ البياضَ إلى محنةٍ ... محنةٍ من بقايا بياضٍ أنيق .... يُضيء فضائل وهج ليلِها المُعتم ... وبما يحلو للسُّكونِ ...أن يكونَ رديفاً لريشةِ ذكرى...في مهبِّ شُحوبٍ مُباغِتٍ... وحدَها كانتْ (زها) تعانقُ أطاليسها بِوِدِّ خشوعٍ ،وجفاءِ أسىً منْ عراقٍ قايض مَهرَها... واغتال مُهرتَها ... بمّا تبّقى من لُهاثٍ، ولهفةِ كلِّ ما خَصَّ به هذا البياضَ المُحايدَ للظنون. يحدثُ أنْ يقولَ قائلٌ: (الفنُ لا يُتقِنُ الإفصاحَ عنْ نفسِه، إلا اذا كان بلا شفتينِ) لكنْ لمْ يحدثْ أنْ كانت (زها حديد) ستعرفُ تأريخَ رحيلَها بهذا الإفصاحِ المُبللِّ بدموعِ مواعيدَ لمْ يَحنْ وقتُها حتى صراخِ النّجومِ في آخرِ قطعةٍ منْ عتمةِ ليلٍ بعيدٍ...أبعدَ من وحشةِ ناياتٍ لرعاةٍ لا يموتونَ قهراً وحسرةً أولوعةً من دُنُوِّ غياب... كانَ ذاكَ الليلُ في بدرِ(زها) أقربَ من أنينِ كماناتٍ تُهدي لحنَها باذخاً بعَتاقةِ حزنٍ لا يصلُ ضوءُ خيطٍ من أي ثوبٍ لصباحٍ قادم ... يتهجّى (عراق)، بلا ال (التعريف)... تلكَ محنةُ عُتمةٍ ... في عمقِ صراخٍ... نادى به ذلك (النِّفرّي) ذاتَ بياضٍ ... وبوحٍ من روحٍ تائقةٍ لنداءات نقيضاً يفيضُ بوفرةِ معنًى لما يُدعى (حاضرةَ الموت)  ...
ربما كان المتنبي قاسياً حدّ النفور بزهاء بُرهةَ ما قال:
(وما الموتُ إلا سارقٌ دقّ شخصُهُ...
يصولُ بلا كفٍ ويسعى بلا رجِلِ
إذا ما تأملّتَ الزمانَ وصَرْفَهُ ...
تيقنّتَ أنَّ الموتَ ضربٌ من القتلِ)
****
كان علينا أن نُرّتبَ أثاثَ الوداع، وأن نُودِّعَ أحلى الصبابا المُترفاتِ في خزائنِ خرائطِها، وأن نلتقط صوراً بطريقة (السيلفي) لها وللمباني القابضاتِ على أمواجِ البحرِ بأصابعَ من سِحرِ فجرٍ لا يَملُّ من وجعِ المراثي، وأنْ نُسامِرَ شراشفَ سريرِها الممتدِّ كالماء، وأنْ نُوقِدَ شموعَ خضرِ الياسِ فوقَ مغاربِ دجلةَ... كان علينا الكثير ممّا كان... يجبُ...وكان ! - مثلاً ...؟! تسأل صديقي الذي أفاض يُحدق في عيون(زها)في واحدةٍ مما تركتَ(هي) من (ألبومات) صور،وتصوّرات لغدِ من مستقبلِ فجْرِ سُلالاتٍ قادماتٍ ،لا محالَ -كما نوّهت مراراً به- قلتُ أُكمل؛ أنْ نَفطمَ فم الليلِ من حليبِ الضوءِ، وأنْ نعيدَ تهجّي حروفِ النجومِ على وفقِ خارطةِ القلبِ قبلَ المَغيبِ، وأنْ نتحايلَ على أنفسِنا بالنسيان، لكنّي تذكّرتُ ما قالَه يوماً لنا (جوادُ الحطّاب)** مما أقوله الآن على ظهر قلب:
(جئنا نغسلُ أنفسَنا بالنسيان
فأُصيبُ النسيانُ.. بداءِ الذكرى)
- لم أفهم... (قال صديقي بتوجسٍ،وعدم تركيز وبَطَرِ اهتِمام)
أجبتُ باختصارٍ لا يخلو من مَكرٍ وتثاؤبِ عناد؛أحسن.... ثم رحتُ - وأنا أقلّبُ أوراقَ ما كتبتَ ... زها...هي.. من شعري أنا.. لها:  
لماذا لم يرتدِ الموتُ نظًاراتِه الطبيّةَ
لحظةَ اقتناصِ شهقتِها الأخيرة
وابتسامةِ ومضةِ عينيها ..؟!
ولماذا الخوفُ؟ ...
 لم يُلملم ضَحِكاتِ المَباني
 ويتملّى خرائطَ لم تنهضْ بعدُ
من غفوةِ ورقِها المُقوّى
وطيّاتِ طراوةِ أوراقِ الرّسمِ
كي يرى بأمِّ عينيْهِ
كيفَ ينسابُ دجلةُ فوقَ مَراثيه
في زهوِ... زها... العنيدةِ
كما نزقِ الطفولةِ ...
وكما كبرياءِ ... ماء ؟ّ!!!  
أفي فتنةِ الغيابِ ... ما يعاندَ جذوة الحبّ ؟
أحياناً .... بلْ ... في أحايينَ أخرى... كثيرةٍ
يحدثُ أنْ نكونَ بضوضاءِ غثياناتٍ
مُعلّقيِنَ منْ أطرافِ حَناجِرنا
نَتجهّى هذا كثيراً..
ولكن... ما لم نتهجّاه حتى الآنَ:
كيفَ ... نُساوي ما بينَ النّدَمِ القادمِ
و ما بينَ النَّدمِ المَحشوِّ
في قشرةِ ... حجرٍ أسودَ
منْ قلبِ الأحزانِ
بغداد- نيسان 2016
*النُفرّي...محمد عبدالجبار المتصوّف العربي المعروف بعبارته الشهيرة؛(كلما ضاقت العبارة... اتسعت الرؤيا).
**جوادُ الحطاب... شاعر سبعيني مؤثر ومهم جدا في المشهد الشعريّ العراقي منذ ذلك الحين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram