TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أيّ لجنة لتعديل الدستور؟

أيّ لجنة لتعديل الدستور؟

نشر في: 2 أكتوبر, 2016: 05:25 م

adnan.h@almadapaper.net

بالمناكب تتدافع الآن الكتل السياسية المُمثّلة في مجلس النواب لحجز مقاعد لها في لجنة تعديل الدستور التي لم يُحدِّد المجلس عدد أعضائها، وكان من المفترض تشكيلها وعرضها على المجلس للتصويت عليها في تموز الماضي.
تعديل الدستور استحقاق دستوري كان يتوجّب الوفاء به منذ نحو عشر سنين، فالمادة 142 من الدستور الذي استُفتي عليه نهاية العام 2005 ألزمتْ أول مجلس للنواب بأن يؤلّف في بداية عمله لجنة، مهمتها تقديم تقرير إلى المجلس في غصون مدة لا تتجاوز أربعة أشهر يتضمّن توصية بالتعديلات الضرورية التي يُمكن إجراؤها على الدستور، على أن تُطرح المواد المُعدَّلة من قبل مجلس النواب على الشعب للاستفتاء في مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ إقرار التعديل في المجلس.
التوقيتات تلك انقضت بانتهاء العام 2006 الذي انتخب فيه أول مجلس للنواب. وبالفعل تشكّلت اللجنة الموصى بها ووضعت تقريراً بالمواد اللازم تعديلها، بيد أنّ التقرير لم تقترب منه يد منذ ذلك الحين، فظلّ ملفّه مثقلاً بالغبار المتراكم عليه. الذين كتبوا الدستور وأمّنوا مصالحهم السياسية به لم تكن لهم مصلحة بالتعديلات فسكتوا عنها عن سابق إصرار وترصّد، متذرّعين بحجج متهافتة في الواقع. التعديلات كانت ستنظِّف الدستور من عوالقه ونواقصه وألغامه التي اعترف بها أحد المشاركين في الصياغة، وهو نوري المالكي. والتعديلات كانت ستراعي مصالح الوطن وتقدّمها على مصالح الأحزاب التي استأثرت بالسلطة بفضل الدستور الذي فصّله ممثلوها على مقاسات أحزابهم غير المتوافقة مع مقاسات المصلحة الوطنية.
من المشكوك فيه أن تُحقّق اللجنة المُتدافع على عضويتها الآن اختراقاً، فتقدّم لنا تعديلات تعالج عوالق الدستور ونواقصه وتنتزع ألغامه من العمق، ما دامت تتشكّل على أساس الكتل والائتلافات والأحزاب ولا تضمّ في قوامها خبراء أكفاء مستقلين في القانون الدستوري والاقتصاد والمجتمع والسياسة وممثلين عن المجتمع المدني.
بنسبة كبيرة، ستكون اللجنة الوشيكة في صورة اللجنة التي كتبت الدستور في العام 2005، ولجنة كهذه ستعيد إنتاج الدستور الحالي بتعديلات طفيفة لا تمسّ الجوهر ولا تؤدي الى إعادة النظر في القوانين المرتبطة بالعملية السياسية كقانوني الانتخابات والأحزاب، ولا الى إعادة هيكلة ما تُعرف بالهيئات المستقلة، وبخاصة مفوّضية الانتخابات.
دحر الإرهاب، واستعادة الأمن والسلام، والشروع بإنشاء نظام ديمقراطي مستقرّ ومتطور، وتحقيق تنمية مستدامة، تتطلب تعديل الدستور الآن بالذات، وتعديل الدستور بما ينظّفه من كل عوالقه ونواقصه وألغامه التي تسبّبت في موت مئات الآلاف من العراقيين ودمار ما لا يُعدّ ويحصى من ممتلكاتهم وسرقة مليارات الدولارات من المال العام، يستلزم تشكيل لجنة لا يقتصر التمثيل فيها على ممثلي الكيانات البرلمانية. العراق أكبر وأوسع بكثير من الأحزاب والكتل والائتلافات التي يتشكل منها مجلس النواب كلها. كما يتطلب الأمر طرح التعديلات المُقترحة على النقاش العام عبر وسائل الإعلام قبل صوغها في مجلس النواب وعرضها للاستفتاء العام. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ناظر لطيف

    الدستور الناقص والواجب تعديله من قبل عشر سنوات قد كرس كتل واحزاب لا يسطيع احد قلعهم وهم اليوم من يتحكم بمقدرات البلد، وخلال هذه الفترة نهب البلد وقتل المواطنون واصبح اليوم هناك مراكز قوة بسطوة المال المنهوب وبالمليشيات الطائفية والتي تهدد كل مخلص للوطن ا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram